شدوى الصلاح
قالت الناشطة الحقوقية سندس الأسعد، إن “البحرين ليس بها إعلام مستقل”، مشيرة إلى أن الصحيفة المستقلة الوحيدة “الوسط” أغلقت، والإعلام البديل المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي مراقب ويُعاقب من ينشط عليه في حال انتقد سياسات السلطة لأسباب سياسية وكيدية.
وأضافت في حديثها مع الرأي الآخر، أن البحرين ينشط بها اليوم جماعة تسمى جمعية التجديد، وهي بحسب ما تدعيه تخرج بتفسير جديد للنصوص الدينية، وبعض أفكارها قد تشعل الفتنة بين التيارات العقائدية، وبيّد أن السلطة لا تتعرض لها لا بتحقيق ولا مساءلة ولا تفرض عليها أي قيود.
وأشارت الأسعد، إلى أن السلطة في الوقت ذاته تتهم من تبقى من إعلاميين معارضين، يشهد لهم القاصي والداني بسلميتهم ورحابة صدرهم وإصرارهم على الحل الجذري، بأنهم يحرضون على الفتنة.
وأوضحت أن الأزمة السياسية في البحرين منذ فبراير/شباط 2011، انعكست بشكل مباشر وجلي على الإعلام وجعلت صورة الأحداث مشوشة للغاية، وأصبحت حرية الصحافة والتعبير أو الممارسة المهنية للإعلام جميعها مقيدة تمامًا كما حدث قبل 2001 عندما سيطر قانون أمن الدولة.
وأكدت الأسعد، أن الإعلام المحلي موالي للحكومة، ويتناول الأحداث التي تجري في البلاد كما تراها السلطة أي أنها أعمال إرهابية وتخريبية، لافتة إلى أن التلفزيون والإذاعة الرسميان لا ينقلان أي أخبار أو تقارير عن المعارضة الواسعة لسياسة التطبيع المعلن رسميا في سبتمبر/أيلول 2021، ولا تمنح تراخيص لأي قنوات أو إذاعات خاصة.
وأشارت إلى أنه بالتزامن مع الرفض الشعبي العارم للتطبيع وافتتاح سفارة كيان الاحتلال الصهيوني في البحرين من أطراف سياسية ومجتمعية متعدِّدة، تم رصد حوالي 247 من رسائل الكراهية ضد المواطنين البحرينيين والناشطين المعارضين والمؤسسات الحقوقية والسياسية والإعلامية التي تبنت مواقف مناهضة للخطوة.
وأوضحت الأسعد أن المنظمات الحقوقية ترصد مرارًا مواد إعلامية في صحف بحرينية (الوطن، أخبار الخليج، الأيام البحرينية، البلاد)، وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر والانستغرام) بينها حسابات لشخصيات رسمية وكتاب صحفيين تحرض على الكراهية.
ولفتت إلى أن ذلك بالرغم من توقيع الحكومة على التزام بالمادة (20/2) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على “حظر أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف”.
وذكّرت الأسعد، بأن تقرير لجنة تقصّي الحقائق الذي يُعرَف بـ”تقرير بسيوني” كان قد خلص في 2011 إلى أن تلفزيون البحرين عرض موادًا “مهينة وتغطية تحريضية للأحداث”، وأكد “انحياز وسائل الإعلام البحرينية إلى السلطة في البحرين”؛ وأوصى الحكومة “بأن تتبنّى نهجًا أكثر مرونة في ممارساتها الرقابة.
وأشارت إلى أن التقرير دعا الحكومة إلى أن تتيح للمعارضة مجالًا أوسع في البث التلفزيوني والإذاعي ووسائل الإعلام المطبوعة، وهو ما لم يتم تطبيقه حتى اليوم، مؤكدة أن الإعلام الرسمي يسيطر على المشهد الإعلامي، وهذا ما يؤكده هبوط البحرين في المؤشر الدولي لحرية الصحافة لمنظمة “مراسلون بلا حدود” لتحتل المرتبة 169.
وأوضحت الأسعد، أن البحرين بذلك انضمت إلى صفوف البلدان الأكثر قمعًا من بين 180 دولة، مشيرة إلى انتقاد منظّمات دولية وحقوقيّة لاستهداف الحكومة البحرينية للصحفيين وأصحاب الرأي المستقل عامًا بعد عام، حيث تحوّل الاستهداف إلى سلوك ممنهج وشائع لدى حكومة البحرين.
ولفتت إلى أن هذه المنظمات طالبت بالإفراج عن جميع الصحفيين المعتقلين، وإيقاف الملاحقات والاعتقالات التعسفيّة ضدّهم، وفتح الحريات الإعلاميّة والصحفيّة في البلاد، مستنكرة أن شيئًا لم يتغير، وما زال هناك تعتيم تام بشأن قضايا حسّاسة كالفساد والنهب العام والهدر والتجنيس السياسي، ما دفع الجمهور للانتقال إلى الإعلام الجديد.
وأعربت الناشطة الحقوقية، عن أسفها عن أن حتى الإعلام الجديد تتهجم فيه الحسابات الوهمية التابعة للسلطة على شخصيات المعارضة، كما تستفيد الحكومة من أكثر من 12 شركة علاقات عامة عالمية، أشهرها شركة كورفيس الأميركية للعلاقات العامة، لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي.
وأوضحت أن المعارضة البحرينية في الخارج طوّرت وسائل إعلام بديلة كقناة اللؤلؤة، إلا أن إرسالها محجوب في البحرين، إضافةً إلى موقع مرآة البحرين وغيرهم.
ونددت الأسعد، بتعرّض الكثير من الصحافيين في أعقاب أحداث 2011، إلى الفصل من عملهم، واعتقل آخرون وعذبوا وأسقطت جنسياتهم، فيما تم منع الصحافيون الأجانب من دخول البحرين، بينما يواجه من يعمل في الداخل عثرة الوصول إلى مصادر المعلومات.
وأشارت إلى أن الأحداث حوّلت العديد من المواطنين والناشطين الحقوقيين والمحامين وغيرهم إلى مخبرين صحافيين بسبب اطلاعهم على بعض المعلومات التي لا تصل لها الصحافة.
واستهجنت الأسعد، تلقى عدد كبير من المواطنين رسائل نصيّة على هواتفهم من قبل إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، تفيد بأنّ كل شخص يتابع الحسابات التي تنتقد الحكومة على شبكات التواصل الاجتماعيّ سيكون معرضًا للمساءلة القانونية وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية المعمول به منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وأوضحت أن السلطات البحرينية استغلت قانون مكافحة الإرهاب لتقييد أي عمل إعلامي مستقل، مشيرة إلى أن ملك البحرين صادق في 23 مايو/آيار 2019، على تعديل القانون رقم 58 لسنة 2006 الخاص بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية.
وبين الأسعد، أن بموجب التعديل استبدل نص المادة 11 لتصبح “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار بحرينيّ ولا تزيد على 5 آلاف دينار كل من قام بأي وسيلة بالترويج، أو التمجيد، أو التعظيم أو التبرير أو التحبيذ أو التشجيع لأعمالٍ تشكل نشاطًا إرهابيًا معاقباً عليه، سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها”.
واختتمت مطالبة بإعادة النظر في وضع معايير ومفاهيم واضحة خالية من الغموض لتنظيم العمل الإعلامي في البحرين عوضًا عن قمع الحقوق والحريّات وتكميم الأفواه.