أريج السدحان – واشنطن بوست
ستتذكر عائلتي يوم 5 أبريل/نيسان 2021، باعتباره اليوم الذي تحقق فيه أسوأ كوابيسنا. بعد سنوات من الصمت ومحاكمة صورية دامت لمدة شهر كامل، حُكِمَ على أخي عبد الرحمن السدحان، عامل الإغاثة الإنسانية في الهلال الأحمر ونجل مواطنة أميركية، بالسجن 20 عامًا في السعودية، وهي إحدى أكثر الدول المنتهكة لحقوق الإنسان شُهرةً في العالم.
عبد الرحمن هو خريج جامعة نوتردام دو نامور في ولاية كاليفورنيا وذهب للعمل في السعودية في أواخر عام 2014.
في 12 مارس/آذار 2018، أُخِذَ من مكتبه في الهلال الأحمر في الرياض كجزء من حملة مكثفة نفّذها مسؤولون سعوديون لقمع النشطاء السلميين ومنتقدي الحكومة والمعلِّقين عبر الإنترنت، بعد أن سرّب هويته موظفو تويتر السابقون الذين زُعم أنهم تجسسوا لصالح الحكومة السعودية، استُهدِف عبد الرحمن بسبب انتقاده السلمي والمجهول لحملات القمع في المملكة، وعلمت عائلتنا لاحقًا عن هذا الأمر من شخص مطّلع على التحقيق الأميركي.
الحكومة السعودية سرقته من حياتنا، والآن أفضل آمال عائلتنا يكمن في أن يتحدث مسؤولونا المنتخبون في الولايات المتحدة بالنيابة عنه.
بعد اختطاف عبد الرحمن، لم تكن لدينا أدنى فكرة عمّا حدث له. أخيرًا، بعد قرابة عامين، تلقى أحد الأقارب في الرياض مكالمةً منه. خلالها بالكاد تمكن عبد الرحمن من مشاركة أنّه رهن الاحتجاز في سجن الحائر السياسي قبيل انتهاء المكالمة، وتحملنا فترة طويلة أخرى من الصمت.
أثناء فترة إخفائه القسري، تلقينا تقارير مروعة من أقارب السجناء الآخرين تصف تعرُّض أخي للتعذيب: “الصعق بالكهرباء، والضرب، والجلد، والتعليق في أوضاع مجهدة، والحرمان من النوم، والتهديد بالقتل، والإهانات، والإذلال اللفظي، والحبس الانفرادي.” علمنا أنه أُجبِر على التوقيع على وثائق وهو معصوب العينين استخدمت فيما بعد في “محاكمته”. كما علِمنا أنّ العديد من المعتقلين الآخرين تعرضوا لانتهاكات مماثلة وأنّ هذه كانت ممارسة ممنهجة من قبل السلطات السعودية.
بعد حملة عالمية للمطالبة بالسماح بالتواصل بعبد الرحمن، شعرنا بسعادة غامرة لسماع صوته في يوم 22 فبراير/آب، بل وسعدنا أكثر عندما أخبرنا أنه سيُطلَق سراحه قريبًا. كانت فرحتنا قصيرة الأمد: نُقِل بسرعة عبر عملية محاكمة سرية غير مشروعة وحُكِم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا يعقبها حظر سفر لمدة 20 عامًا بعد انقضاء مدة محكوميته.
لقد تفاقم التعذيب النفسي الذي عانت منه عائلتي بسبب الشعور بعدم أمان أي أحد منا في أي مكان. لقد واجهتُ مضايقات ومحاولات ترهيب من متصيدين عبر الإنترنت لهم روابط بالحكومة السعودية أثناء محاولتي معرفة المزيد عن معاناة أخي. بعد حضور مؤتمر لحقوق الإنسان في أوسلو عام 2019، لاحقني رجل في طريقي إلى المطار في الصباح الباكر. تعتقد السلطات النرويجية أنّه كان على صلة بالسفارة السعودية في المدينة.
لا تمثل قصتنا سوى جزء صغير من أزمة حقوق الإنسان في السعودية. بينما يحاول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إبراز مملكة حديثة ما للعالم، فإنّه يستخدم سلطته لسحق الناقدين وإسكات كل صوت قد يكشف حقيقتها. بدلًا من معالجة المخاوف المشروعة – مثل الفقر وتزايد البطالة – فإنّه يسجن أولئك الذين يثيرون مثل هذه القضايا على وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أن الولايات المتحدة – وهي بلادي وبلاد عائلتي – قد تحدثت ضد التصرفات القاتلة للسلطات السعودية، إلا أنّ فشلها في مطابقة هذه الكلمات مع الأفعال يشير إلى أنّ مثل هذه الانتهاكات يمكن أن تُرتكَب ويُفلَت من عقوبتها.
الحكم على أخي هو رسالة واضحة للجمهور السعودي مفادها أنّ أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير سيواجهون عقابًا شديدًا، كما يخبر العالم أنّه طالما لا يواجه محمد بن سلمان عقوبات، فإنّه سيستمر في انتهاك حقوق الإنسان من دون أي عواقب.
إنّ أفضل آمال عائلتنا اليوم في ضمان سلامة وصحة عبد الرحمن – وسلامة كثيرين آخرين مثله – يكمن في اتخاذ المسؤولين الأميركيين المنتخبين موقفًا قويًا داعمًا لحقوق الإنسان. ومن المقرر أن يُستأنَف الحكم يوم الخميس المقبل. نخشى أن تكون هذه فرصتنا الأخيرة للمّ شملنا به.
نحن بحاجة إلى إصرار ممثلينا المنتخبين وإدارة بايدن على إطلاق سراح عبد الرحمن حتى يعود إلى عائلتنا في كاليفورنيا. في غضون حصول ذلك، نطلب ضمان سلامته وصحته، والسماح له بالتواصل مع عائلتنا. ونحن نناشد المسؤولين الأمريكيين أن يثيروا هذه المخاوف مع نظرائهم السعوديين لدعم حقوقنا بوصفنا ناخبين ووقوفًا على الجانب الصحيح من العدالة.
إنّ عائلتي منهكة. لا ينبغي علينا وعلى كثيرين غيرنا قضاء أيام وسنوات في التساؤل عمّا إذا كان شقيقنا أو ابننا الحبيب بأمان، أو ما إذا كان يتألم، أو ما إذا كان على قيد الحياة.
أخي عامل إغاثة دولي ومدافع مخلص عن حقوق الإنسان. إنّه أيضًا أعز أصدقائي: شخص طيب يتمتع بروح الدعابة، رائع ويحب الحيوانات. إنه لا يستحق قضاء يوم آخر في السجن، وعائلتنا لا تستحق أن تتحمل هذا الكابوس لمدة 20 عامًا.