انتقدت صحف غربية موقف الإدارة الأميركية في التعامل مع تصاعد الأحداث بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين المستمر منذ مطلع رمضان الجاري، مشيرين إلى اتباعها سياسة كسب الوقت، ومحاولة تجميد الموقف.
فقد امتنعت إدارة بايدن مجددا، عن إدانة الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين التي أسفرت عن مقتل عدد كبير من المدنيين، مكتفية بالتعبير عن الحزن العميق من سقوط ضحايا في الأرواح من الجانبين، وإدانة الصواريخ التي أطلقتها حركة حماس على إسرائيل.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد أدت الغارات الجوية التي طالت مقرات أمنية وشرطية في قطاع غزة ومواقع للمقاومة الفلسطينية، إلى وقوع 43 شهيدا بينهم 13 طفلا و3 نساء وإصابة 296.
وتواصل طائرات الاحتلال قصف أهداف متفرقة في قطاع غزة، فيما ردت المقاومة الفلسطينية برشقة صاروخية جديدة ردا على استهداف الأبراج السكنية.
شراء الوقت
وقالت صحيفة الجارديان البريطانية، إن الرئيس الأميركي جو بايدن قد تولى منصبه معتقداً أنه يمكن أن يضع القضية الإسرائيلية الفلسطينية على الرف للتركيز على قضايا أخرى أكبر.
وأضافت في تحليل كتبه جوليان بورغر من واشنطن، إن هذا الأمر لا يعمل بشكل جيد، فقد أدى تصاعد العنف إلى تراجع الإدارة الجديدة، وعدم اتباعها نهجاً محدداً بوضوح تجاه القضية.
وأشار الكاتب إلى عدم وجود مرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة في “إسرائيل”، لافتاً إلى الرفض الأميركي لإصدار بيان موحد لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، ولعب واشنطن لعبة شراء الوقت.
ونقل الكاتب عن الباحث في معهد الشرق الأوسط، قوله إن اتباع مهج عدم التدخل الأميركي يشير إلى الحياد الذي يفتقر إليه الواقع، مؤكداً أن الإدارة الأميركية متورطة بشدة، لعدم انخراطها في الجزء المتعلق بتخفيف حدة الصراع.
وتحدث عن الدعم الأميركي السنوي البالغ 3.8 مليار دولار للجيش الإسرائيلي، وخطوة تعطيل قرار مجلس الأمن، مؤكداً أن الإدارة الأميركية لا ترفع يديها، بل هي متعاونة تماماً، لكن ليس بالطرق المطلوبة لتحسين الأمور، لأن ذلك سيتطلب الضغط على إسرائيل وهذا لعنة لهذه الإدارة.
رسائل متضاربة
ومن جانبها، رأت وكالة “أسوشييتدبرس” الأميركية، أن تصاعد المواجهات العسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين أربك إدارة بايدن في الأشهر الأربعة الأولى من حكمه، في الوقت الذي يسعى فيه إلى صياغة سياسة للشرق الأوسط يمكن أن تكون أكثر ديمومة وعدالة من سابقتها.
وقالت إن المدافعين عن كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، يرون أن الإدارة الأمريكية تبدو كأنها تنتهج استراتيجية مؤقتة تفتقر إلى التماسك وترسل رسائل متضاربة إلى الطرفين، فيما لم يظهر أي منهما استعدادا للاستماع أو التراجع.
ولفتت الوكالة الأميركية إلى تصريحات السناتور بيرني ساندرز التي حث فيها الولايات المتحدة على الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء نشاط إسرائيل الاستيطاني الاستفزازي وغير القانوني، وإعادة الالتزام بالعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين لإنهاء هذا الصراع.
وقالت إن إدارة بايدن بينما أدانت بشكل قاطع هجمات حماس الصاروخية على إسرائيل ودعمت حق تل أبيب في الدفاع عن النفس، فإنها إما غير راغبة أو غير قادرة على تحديد ما إذا كان الفلسطينيون يستوفون نفس المعايير في الدفاع عن النفس.
وأشارت إلى أن الإدارة الجديدة لم تعدل السياسة الأميركية القائمة منذ فترة طويلة بأن الفلسطينيين غير مؤهلين لرفع شكاواهم إلى المحكمة الجنائية الدولية لأنهم ليسوا دولة.
تدخل سريع
وفي مقال رأي لجينيفر روبين في صحيفة الواشنطن بوست، قالت إن الرئيس بايدن ينضم إلى قائمة طويلة من الرؤساء الأميركيين الذين حاولوا عدم التركيز على المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية، لكنهم انجروا إلى الصراع.
ورأت أن الواقع الحاصل يفرض على بايدن تكريس الوقت والاهتمام ورأس المال السياسي لقضية تبدو مستعصية على الحل يفضل تجنبها، لافتة إلى أن واشنطن في أسوأ موقف في الذاكرة الحديثة للمساعدة في إنهاء العنف.
وأرجعت ذلك إلى أن أميركا فقدت أي إدعاء بأنها وسيط نزيه في عهد سلف بايدن –دونالد ترامب-، بالإضافة لعدم وجود سفير أو مبعوث لها على الأرض.
وأكدت روبين أن تحذيرات إدارة بايدن لن تفعل الكثير لرفع نفوذ أميركا ومصداقيتها، داعية واشنطن للاستفادة من شبكة علاقاتها في المنطقة لتهدئة التوترات واستخدام أي مكاسب تحققها من دبلوماسية الأزمات كمسار نحو مشاركة أكثر موثوقية في المنطقة.
وحثت إدارة بايدن على تسمية سفيرا ومبعوثا (يمكن أن يعمل قبل تأكيد السفير) إلى إسرائيل، والعمل على هدف إنهاء العنف بسرعة، وتجنب المواجهة، مؤكدة أن التدخل السريع والحاسم ضروري.