شدوى الصلاح
قالت الناشطة الحقوقية والباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان غنى رباعي، إن التعذيب في سجون البحرين يندرج كعنوان أساسي من عناوين الانتهاكات التي تمارسها السلطات البحرينية بحق معتقلي الرأي إلى جانب عنوانَي الحرمان من العلاج وسوء المعاملة.
ونقلت في حديثها مع الرأي الآخر، الواقع اليومي لآلاف معتقلي الرأي في البحرين ولعوائلهم الذين يعانون ويتألّمون لمعاناة أبنائهم في السجون، مستنكرة التعتيم الإعلامي على ذلك الواقع الذي ترصده المنظمات الحقوقية أو ينقله المعتقلين للخارج خلال تواصلهم مع عوائلهم.
وأوضحت غنى، أن حديث المنظمات الحقوقية عن التعذيب في البحرين، معني به التعذيب الجسدي المرصود بالأرقام والتفاصيل، بالإضافة إلى التعذيب المعنوي الناتج عن التعذيب الجسدي والذي يعبّر عنه المعتقلين في إفادتهم لعوائلهم وللمنظّمات الحقوقيّة المستقلّة.
وأكدت أن السلطات البحرينية تستخدم التعذيب كأداة انتقاميّة من معارضيها قبل أزمة البحرين 2011، وكوسيلة لاختلاق مبررات لأسباب تعذيب أخرى لاحقة، موضحة أنها تعني بذلك استخدام التعذيب في غرف التحقيق مع المعتقلين لانتزاع اعترافات بجرائم لم يرتكبوها.
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن السلطات تصدر بناء على هذه الاعترافات المنتزعة أحكاماً قضائيّة معلّبة وجاهزة، غير مستقلّة وغير نزيهة، فترمي بالمعتقلين في سجون غير مؤهّلة لكي يستمر ويتواصل مسلسل التعذيب.
ولفتت إلى تسجيل 49 حالة تعذيب جسدي خلال النصف الأول من العام الجاري 2021، مبينة أن من أساليب التعذيب المستخدمة بغرف التحقيق “الصعق الكهربائي، التحرّش الجنسي، الضرب المبرح، والتعذيب المعنوي كالإجبار على تقليد أصوات الحيوانات أو تقليد ماشية البطّة”.
وجزمت غنى، بأنّ معظم من يتم التحقيق معهم تعرّضوا لأشكال التعذيب هذه، وبعضهم تعرّض لأشكال أخرى من التعذيب مثل الاغتصاب الذي تعرّضت له إحدى معتقلات الرأي، أو التعليق على مروحة مثل ما تعرّض له معتقل الرأي حسين خميس.
وأشارت إلى أن خميس تعرض أيضا لأشكال تعذيب أخرى أدت إلى تدهور صحّته النفسية وفقدانه جزء من ذاكرته وأهليّته، مذكرة أيضاً بحالة ضحيّة الإعدام علي العرب الذي تعرّض لاقتلاع أظافره أثناء التحقيق معه لإجباره على توقيع اعترافات لم يقرأها واستند عليها في إصدار حكم إعدامه لاحقاً..
وأكدت الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان، أن ما ذكرته مجرد نماذج فقط عن التعذيب في غرف التحقيق، التي تعرّض لها فعليّاً آلاف المعتقلين السياسيّين في البحرين، مشيرة إلى تعرض المعتقلين للتعذيب داخل السجون وما بعد مرحلة التحقيق.
وبينت أن من أشكال التعذيب الشائع استخدمها داخل السجون “الضرب والضرب المبرح عبر اللكم أو الصفع أو الركل، الرش برذاذ الفلفل الحار، والتوقيف تحت حرارة الشمس لساعات طويلة”، لافتة إلى وجود أساليب تعذيب أخرى أقل شيوعاً.
وأرجعت غنى، إقدام السلطات ممثّلةً بإدارات السجون على ارتكاب هذه الأفعال، إلى رفضها ممارسة المعتقلين للشعائر الدينيّة، كما حصل مع الشيخ زهير عاشور رفاقه، أو مطالبتهم بحقهم في العلاج، أو رفضهم أساليب اقتحام الزنازين والتفتيش المهين ومصادرة ممتلكاتهم.
وقالت إن أحياناً يكون التعذيب فعل امتناع وليس فعل أداء، أي أنّ بعض المعتقلين يغمى عليهم أحياناً أو يصابون بآلام حادّة تستوجب إسعافهم بشكل مستعجل، فتقف إدارة السجن وشرطتها موقف المتفرّج ولا تحرّك ساكناً.
وأكدت الناشطة الحقوقية البحرينية، أن المعتقلين يتعرضون إضافة إلى التعذيب، للحرمان المتعمّد من العلاج، حتّى لو كانت السلطات هي المتسببة في سوء وضعهم الصحّي سواءً عبر التعذيب أو بسبب البيئة الصحّية المزرية وغير الملائمة في السجون.
وأوضحت أنه تمّ توثيق 356 حالة حرمان من العلاج خلال النصف الأوّل من العام الجاري 2021، أبرزها حالة معتقل الرأي السابق عباس مال الله الذي توفّي في أبريل/نيسان الماضي، جرّاء عدم التجاوب مع مطالبه بالعلاج وعدم إسعافه بشكل مستعجل بعدما تفاقمت حالته.
وأشارت غنى، إلى أن من أبرز الحالات أيضاً حالة معتقل الرأي الدكتور عبدالجليل السنكيس الذي يطالب إدارة السجن بتوفير العلاج له منذ سنتين ولكن دون جدوى، ممّا ضاعف سوء وضعه الصحّي ودفعه مؤخراً إلى بدء إضراب عن الطعام للمطالبة بحقّه في العلاج.
وأفادت بأن بعض المعتقلين يبلغون عوائلهم عبر الاتصالات الهاتفية (الصوتية أو المرئية) عمّا يتعرّضون له من انتهاكات، وإذا علمت السلطات تعاقبه بقمع حقّه في التواصل مع الخارج وعزله في الزنزانة الانفرادية، وفي بعض الأحيان تمارس التعذيب الجسدي ضدّه بسبب ذلك.
وذكرت غنى، بمعتقل الرأي كميل جمعة منصور نجل معتقلة الرأي السابقة نجاح يوسف، الذي حرم منذ فترة وجيزة من حقّه في الاتصال بسبب نشر والدته مقطع فيديو من اتصاله المرئي السابق، يشرح فيه سوء الوضع الذي يعاني منه المعتقلون داخل سجن جو المركزي.