شدوى الصلاح
قال الناشط الحقوقي الإماراتي المعارض عبدالله الطويل، إن الحكومة الإماراتية دعمت الانقلاب في تونس خشية أن يصبح نجاح التجربة التونسية وتحولها إلى ديمقراطية تجربة راسخة ومحط أنظار الشعوب العربية الراغبة في تحقيق قيم الديمقراطية والعدالة والحرية.
وأكد في حديثه مع الرأي الآخر، على خشية الحكومة الإماراتية من تحول منهج حزب النهضة سواء الفكري -الذي يشبه إلى حد كبير منهج العدالة والتنمية في تركيا- أو السياسي البراجماتي المتفادي للصراعات الصفرية إلى منهاج تتبناه الحركات الإسلامية .
وكشف الطويل، أن الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس التونسي قيس بن سعيد بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كان محوره طلب الرئيس التونسي الدعم من ولي عهد أبو ظبي، مما شكل انعطافه لافتة باتّجاه التقارب مع الإمارات.
وأوضح أن أهمية الاتصال كان بتوقيته الذي أعقب زيارة بن زايد لتونس في أبريل/نيسان 2020 والتي كانت حجر الأساس في الوصول إلى حالة الانقلاب التي أحدثها الرئيس التونسي وإصدار شهادة الوفاة للديمقراطية في تونس والانضمام لمعسكر بن زايد القمعي المعادي للديمقراطية.
وحذر المعارض الإماراتي، من أن ذلك سيحدث شقاً كبيراً في تونس، قائلاً إن الشعب التونسي أمام خياران لا ثالث لهما: إما مواجهة الانقلاب بشجاعة وحزم، أو التيه والعبودية المتجددة والعودة لمربعها الأول الذي أشعل فتيل الثورة التونسية في ديسمبر/كانون الأول 2010.
وتطرق إلى سياسة الحكومة الإماراتية الخارجية تجاه الربيع العربي الذي بدأ في 2011، والمتمثل في مساندة النظم السلطوية وتقديم الدعم بمختلف أشكاله وأنواعه لأطراف لم تأت بها الخيارات الديمقراطية.
وأوضح الطويل، أن أولى محطات تقويض المسارات الديمقراطية بدأت بدعم انقلاب رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي حين كان وزيراً للدفاع، على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز ٢٠١٣، بتقديم الدعم المالي والغطاء الإعلامي والدولي لانقلابه.
وأشار إلى أن الإمارات دعمت الانقسامات والانقلابات في اليمن وليبيا حتى وصلت إلى تونس، التي أعلن رئيسها قيس بن سعيد مساء أمس الأول الأحد 25 يوليو/تموز 2021، إجهاض تجربتها الديمقراطية، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه.
واستنكر الناشط الحقوقي المعارض، تحذير بن سعيد لمعارضيه بأن “من سيُطلق رصاصة واحدة في سياق الاعتراض على هذه القرارات سيُواجه بوابل من الرصاص من القوات المسلحة والأمنية ليس له حصر”.
وأوضح أن الحكومة الإماراتية اعتمدت ثلاث محاور للقضاء على الثورات العربية في أهم مراكزها عبر تحالفات مع القوى المناوئة للديمقراطية، وذلك من خلال التأثير على القوى الإقليمية في المنطقة لمحاولة وضعها تحت التأثير الإماراتي.
وبين الطويل أن ذلك تم أولًا في مصر ومن ثم السعودية مستغلة الأزمة داخل الأسرة الحاكمة، وثالثها محاصرة الدول الداعمة للربيع العربي، لذا كان واضحًا حجم التأييد الإعلامي لمحاولة انقلاب يوليو/ تموز في تركيا 2016، والدعم غير المعلن لأطراف شاركت في الانقلاب.
ولفت إلى مشاركة الإمارات في حصار قطر في 2017، لتوسيع نطاق نفوذها في الدول التي شهدت ثورات شعبية ضد النظم السلطوية، وصولاً إلى تونس التي كان يعتبرها الكثير استثناء وأنها عصيّة عن التدخلات الإقليمية.
وأكد الطويل، أن الحكومة الإماراتية مهدت لانقلاب تونس وشيطنت حزب النهضة ووجهت اتهامات مباشرة ضد زعيمه ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، خاصة عقب تحقيق انتصار عسكري واسترداد قاعدة الوطية الجوية من قائد الانقلاب الليبي المدعوم إماراتياً خليفة حفتر.
وأشار إلى أن هذه الحملة في الداخل التونسي تزامنت مع حملات إعلامية خارجية قادتها مؤسسات إعلامية محسوبة بشكل مباشر على الإمارات وتتبع خطها في معاداة الربيع العربي محاولة إلصاق تهمة الإرهاب بحركة النهضة.
ولفت الناشط الحقوقي الإماراتي، إلى تكرار التلميحات والتصريحات من سياسيين تونسيين عن رغبات إماراتية في إسقاط المسار الديمقراطي التونسي وتصنيف حركة النهضة كحركة إرهابية على غرار جماعة الإخوان المسلمين.
واستشهد بتصريح الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، في يناير/كانون الثاني ٢٠١٩ عن محاولات إماراتية سابقة لإسقاط الحكومة التونسية من خلال دعم بعض الجماعات المسلحة الإرهابية واستخدام المال والإعلام الفاسد.
وقال الطويل: “نتحدث عن عداء واضح من قبل بن زايد، للحركات الإسلامية متركز في دول الربيع العربي، والتي قادتها لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية في ٢٠١٤، ومحاولة التأثير على المشرعين في أميركا لاتخاذ خطوات مماثلة ضد أنشطة الحركات الإسلامية”.
وبين أن العداء الإماراتي للحركات الإسلامية يرجع إلى تعارض مشروع تلك الحركات مع المشروع توسع الإمارات خارج حدودها “بناء إمبراطورية خارج جغرافيتها الضيقة”، لذا عادت الحركات الإسلامية خاصة الساعية للسلطة عبر السُبل الديمقراطية مستخدمة كل الوسائل الممكنة.
وأضاف الطويل، أن الإمارات انتجت نمط “إسلاموي” جديد تمثل في مؤسسات تخرج نمط جديد من تدين يشرعن الاستبداد ويصرف الناس عن المجال العام السياسي إلا من تأييد الأنظمة المستبدة مثل “مجلس حكماء المسلمين”، وهو ما يتعارض أيضًا مع رؤية الحركات الإسلامية التي تنازع للوصول إلى السلطة.
وجزم بأن حركة النهضة في تونس لم تكن بمنأى عن مخالب الإمارات الساعية لاستئصال الحركات الإسلامية، رغم التنازلات الكثيرة التي قدمتها الحركة والمراجعات الفكرية التي أبعدتها قليلًا عن خط منهج جماعة الإخوان المسلمين .
وتابع الطويل: “على ذلك تمثلت رغبة الحكومة الإماراتية في القضاء على المسار الديمقراطي الذي يزعجها ويخيفها من امتداد أثرها مرة أخرى إلى بلدان محورية مجاورة وربما إلى دول الخليج، واتباع سياسة استئصال الحركات الإسلامية التي تقف حائلًا أمام أحلام بن زايد التوسعية”.