اتُفق على تشكيل حكومة جديدة في لبنان، يوم الجمعة، بعد أكثر من عام من الشلل السياسي في البلاد إثر استقالة الحكومة السابقة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت.
والتقى رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي بالرئيس ميشال عون ظهر الجمعة للانتهاء من تشكيل الحكومة التي تأخرت كثيرا، بحسب ما قال مسؤول رئاسي كبير لوكالة فرانس برس.
وأعلنت الرئاسة بعد ذلك بوقت قصير عن تشكيل حكومة، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال مسؤول إن الحكومة الجديدة ستعقد أول اجتماع لها يوم الاثنين.
وذكر ميقاتي في كلمة عقب التوقيع على المرسوم “الوضع في البلاد صعب. آمل أن أتمكن من وقف الانهيار وإعادة الرخاء إلى البلاد”.
لكن ميقاتي أضاف أن البنك المركزي لم يعد لديه احتياطيات كافية لمواصلة الدعم، داعيا الناس في لبنان إلى “شد الأحزمة”.
ودخل ثلاثة أرباع سكان البلاد بالفعل في براثن الفقر بسبب أزمة مالية حادة منذ أواخر عام 2019.
ومثل مجلس الوزراء المنتهية ولايته برئاسة حسان دياب، تتكون الحكومة الجديدة في الغالب من وزراء ذوي خبرة فنية ليسوا من السياسيين البارزين، لكنهم مدعومون من الأحزاب الرئيسية.
وتم تعيين يوسف خليل، وهو مسؤول كبير في البنك المركزي ومساعد محافظ البنك المثير للجدل، رياض سلامة، وزيراً للمالية، وهو أحد أكثر الأدوار حساسية بالنظر إلى الانهيار الاقتصادي الحالي في البلاد.
ومن بين الوزراء غير المنتسبين سياسياً، فراس أبيض، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي والشخصية البارزة في استجابة البلاد لفيروس كوفيد-19، لرئاسة حقيبة الصحة.
وتضم الحكومة المكونة من 24 عضوا سيدة واحدة هي نجلاء الرياشي وزيرة الإصلاح الإداري.
وميقاتي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين من قبل هو أغنى رجل في البلاد تم تعيينه في 26 يوليو لتشكيل حكومة بعد أن فشل اثنان من أسلافه.
ورحب سعد الحريري، الذي استقال من منصب رئيس الوزراء المكلف في يوليو بعد تسعة أشهر من المفاوضات الفاشلة لتشكيل حكومة، بالنبأ يوم الجمعة.
وقال: “أخيرًا، بعد 12 شهرًا من الفراغ، أصبح لبلدنا حكومة. كل الدعم لدولة رئيس الوزراء ميقاتي في مهمة حيوية لوقف الانهيار وبدء الإصلاحات”.
لكن سامي نادر، المحلل السياسي اللبناني، قال إن الأمل ضئيل في تحقيق انفراج إذا ظلت الديناميكيات التي سادت خلال مفاوضات تشكيل الحكومة كما هي.
وذكر أن “استمرار سياسة الكوتا والخلاف حول كل إصلاح وقرار يعني عدم الخروج عما استطاعت حكومة تصريف الأعمال فعله.
وأضاف “هم نفس الطهاة الذين شكلوا هذه الحكومة، فهل يمكنهم تقديم وجبة مختلفة؟”.
ويدير لبنان حكومة تصريف أعمال منذ 10 أغسطس 2020، عندما استقال دياب وحكومته بشكل جماعي بعد الانفجار الذي دمر أحياء بأكملها في العاصمة اللبنانية وقتل أكثر من 210 أشخاص.
وتم إلقاء اللوم في الانفجار إلى حد كبير على الطبقة السياسية في البلاد – وكثير منهم من قادة الميليشيات خلال الحرب الأهلية 1975-1990- ويعتقد على نطاق واسع أن فسادها أدى إلى تخزين آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم في ظروف غير آمنة في قلب ميناء بيروت منذ سنوات.
وفي غضون ذلك، سار التحقيق في الانفجار بوتيرة شديدة الانحدار، حيث أوقف النواب التصويت على طلب قاضي التحقيق برفع الحصانة من الملاحقة القضائية عن الشخصيات السياسية ومسؤولي الأمن رفيعي المستوى المشتبه بهم في القضية.
وتكافح البلاد ماليًا بالفعل، لكنها انزلقت أكثر في الاضطراب الاقتصادي منذ الانفجار.
وفقدت العملة اللبنانية 90 في المائة من قيمتها منذ أواخر عام 2019، وانتشر النقص في الوقود والأدوية والاحتياجات الأساسية على نطاق واسع.
ولم يعد لبنان قادرًا على توفير الكهرباء لمواطنيه لأكثر من بضع ساعات في اليوم، ولا يمكنه شراء الوقود اللازم لمولدات الكهرباء.
ووفي غضون ذلك، تمت تلبية عدد قليل جدًا من مطالب المجتمع الدولي لبرنامج واسع للإصلاحات، مما أعاق صرف المساعدات الخارجية.
ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية العام المقبل، حيث يعلق الكثيرون آمالهم على ورقة الاقتراع التي تجلب دماء جديدة، بينما يشكك آخرون في إمكانية حدوث تغيير ذي مغزى مع نفس النظام الانتخابي الطائفي.