قال الأستاذ المشارك بمعهد الدوحة للدراسات العليا محمد المصري إن رؤساء الدول ظلوا يفلتون من جرائم القتل – بكل معنى الكلمة – منذ عقود.
وأوضح المصري في مقالٍ له على موقع “ميدل إيست آي” أن “محكمة الشعب” تسعى بشأن مقتل الصحفيين إلى تغيير هذا الواقع المرير. حيث افتتحت المحكمة، التي تنظمها لجنة حماية الصحفيين ومراسلون بلا حدود وFree Press Unlimited، قبل أيام في “لاهاي” وستستمر حتى اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو 2022.
وأشار الكاتب إلى أن ذلك يمثل فرصة لرفع مستوى الوعي بجرائم النظام ضد الصحفيين، الذين غالبًا ما تم استهدافهم وقتلهم من قبل الحكومات القمعية.
حيث يمكن لنتائج المحكمة أن تزيد الضغط على المجتمع الدولي لطلب اللجوء القانوني الرسمي من خلال محكمة العدل الدولية
ووفقًا للجنة حماية الصحفيين، قُتل 278 صحفيًا في العقد بين 2010 و 2020.
وفي حين أن إجراءات المحكمة لا تحمل أي وزن قانوني رسمي، إلا أنها توفر فرصة لتسليط الضوء على الجرائم، وتقديم أدلة مفصلة إلى المجتمع العالمي وإدانة رؤساء الدول وغيرهم من القادة في محكمة الرأي العام، كما يمكن أن تزيد النتائج التي توصل إليها من الضغط على المجتمع الدولي لطلب اللجوء القانوني الرسمي من خلال محكمة العدل الدولية.
وعلى الرغم من أن لوائح الاتهام ستقدم فقط ضد ثلاث دول – المكسيك وسوريا وسريلانكا – فإن المحكمة تصدر تحذيرات أوسع للدول المذنبة بارتكاب الانتهاكات، وكذلك للجهات الفاعلة الدولية الرئيسية، حيث يمكن أن يكون للمحكمة تداعيات كبيرة على بعض أكثر دول الشرق الأوسط قمعًا.
وقال المصري: “إذا نجحت في إحداث ضجة، فقد تواجه السعودية ومصر والكيان الإسرائيلي، على وجه الخصوص، ضغوطًا على المدى الطويل، خاصة إذا كانت المحكمة تمثل بداية حركة جديدة وواسعة للدفاع عن الصحفيين ضد الدول الاستبدادية.
وأشارت تقارير استخباراتية من الولايات المتحدة بشكل لا لبس فيه إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان متورط في مقتل كاتب عمود في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.
وعلى الرغم من إدانة عدد قليل من الوكلاء والحكم عليهم بعد محاكمة صورية، فقد قامت المملكة بحماية بن سلمان من المحاسبة. فقد كان بن سلمان حريصًا أيضًا على حماية كبار النشطاء وأقرب مستشاريه.
وجاء مقتل خاشقجي على خلفية ما كان بالفعل نظامًا استبداديًا للغاية، فوفقًا لـ”مراسلون بلا حدود”، تُصنف المملكة باستمرار كواحدة من أسوأ منتهكي حرية الإعلام في العالم والأهم من ذلك، أن خطيبة خاشقجي التركية، خديجة جنكيز، التي دعت مرارًا وتكرارًا إلى معاقبة بن سلمان، هي واحدة من الحاضرين في المحكمة.
ومن المرجح أيضًا أن يتبع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أحد أقرب حلفاء بن سلمان، المحكمة وتداعياتها.
ففي 3 يوليو 2013، نفذ السيسي انقلابًا عسكريًا ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر، محمد مرسي، بعد عام واحد فقط من توليه المنصب. ومنذ ذلك الحين، أشرف السيسي على حملة قمع عامة ضد الصحفيين. فقد أغلق نظامه وسائل الإعلام المعارضة واعتقل الصحفيين وطبق تشريعات شديدة القسوة وفي عام 2020، كانت مصر ثالث أسوأ سجين للصحفيين في العالم.
وأفادت لجنة حماية الصحفيين عن مقتل ثمانية صحفيين مصريين منذ الانقلاب، على الرغم من أن غياب نظام تحقيق شفاف في الجرائم يمكن أن يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الصحفيون قد تم استهدافهم وقتلهم.