شدوى الصلاح
استنكر الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض يحيى عسيري، مطالبة القضاء التركي نظيره السعودي بتزويده بنتائج محاكمة قتلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وقال في حديثه مع الرأي الآخر، إن القضاء والسلطات التركية والعالم أجمع يجب ألا يعتمد نتائج التحقيقات والمحاكمات السعودية لأنها غير شرعية، ومن يراها عادلة أو نتائجها صحيحة ويصدق الإعلام والقضاء والسلطة السعودية فهو متواطئ وشريك في الجريمة.
وأضاف عسيري، إن محاكمات القضاء السعودي كانت امتداد لعملية القتل البشعة التي طالت خاشقجي، مشيراً إلى أن المجموعة التي تجري المحاكمة هي جزء من النظام الذي قتل خاشقجي وأرسل مجموعة أولى لتنفيذ القتل، وأتبعها بثانية بذريعة إجراء التحقيق.
ولفت إلى أن المجموعة الثانية طمست الأدلة، وهذه المجموعة الثالثة تواصل تنفيذ العملية بدعوى “إجراء المحاكمة” للتغطية على الجريمة بكل تفاصيلها في محاكمة غير عادلة وغير حقيقة ولا قيمة قانونية أو شرعية لها.
ورأى عسيري، أن ما يحصل بين المؤسسات التركية من جهة والسعودية من جهة أخرى، وإعلامهما، من سجال حول قضية خاشقجي، يعد “سياسي” بدرجة كبيرة وجزء كبير منه بعيد عن تحقيق العدالة، حتى فيما يتعلق بالجانب التركي.
وأوضح أن الجانب التركي لم يتعاون مع الحقوقيين السعوديين بالشكل المطلوب، رغم أنهم ممثلين للمجتمع المدني ومؤسساته، ويعلم الجانب التركي أن النظام السعودي غير شرعي وارتكب هذه الجريمة، قائلاً: “كان يجب عليه أن يتعاون بشكل أفضل”.
وتابع عسيري: “حتى الآن لم نستطع الوصول للتسجيلات المتعلقة بالواقعة، وترجمت كنص من الإنجليزية إلى العربية، بعدما ترجمها الأتراك من العربية إلى التركية، ثم ترجمت مرة أخرى من التركية إلى الإنجليزية، ثم ترجمناها إلى العربية بعدما حصلنا عليها من الأمم المتحدة”.
واستطرد: “هذا أمر شاق وغير صحيح، لأننا نستخدم المحتوى العربي بعدما ترجم بعدة لغات، لأن السلطات التركية لم تزودنا بنسخ عربية ولم تنشرها ولم تنشر كل الوقائع، ولم تتعاون في تقديم شكاوى وقضايا عالمية، وهذا تقصيرا غير معروف أسبابه سواء أكانت سياسية أو غيره”.
وأرجع عسيري، الهجوم السعودي على الجانب التركي لأن تركيا قامت بدور جيد في القضية ولم تغطي على الجريمة ولم تسمح لها أن تمر بشكل كامل بل، وهو موقف غير مرضي للسلطات السعودية مشيرا إلى أنه ذلك كافي بالنسبة للحقوقيين السعوديين.
وبين، أن تضليل الإعلام السعودي والذباب الإلكتروني والمؤسسات التي تدور في هذا الفلك، تهدف للتغطية على جريمة اغتيال خاشقجي، مستنكرا الزعم بأن عقوبة القضية “قصاص” وأن أهل الدم تنازلوا، في تصوير للجريمة وكأنها جنائية وليس لها أبعاد سياسية.
وندد عسيري، أيضا بمحاولة السلطات إلصاق الجريمة بمجموعة تتهمها بأنها خرقت المهمة التي أرسلت لها، في محاولة للتغطية على من أمر بتنفيذ الجريمة والمسؤول عنها، مؤكدا أن كل ذلك جزء من ارتكاب هذه الجريمة والتغطية عليها.
وقيم تناول الإعلام العالمي لقضية خاشقجي بالممتاز بالنسبة لتغطية قضايا أخرى، مشيراً إلى أنه سلط الضوء بشكل جيد، وكان يمكن أن يكون أفضل من ذلك، لكن في المجمل عدد من وسائل الإعلام العالمية قامت بتغطية مشكورة عليها.
ولفت عسيري، إلى أن بعض وسائل الإعلام تقاعست لأسباب سياسية، وبعضها غطى على الجريمة، وأيد القتلة أو غض الطرف عنهم سواء سابقا أو لاحقا بعد تغير عدد من الأحداث السياسية، لكنها في فترات معينة ساهمت بشكل محمود في كشف الجريمة.
ورفض اتهام البعض للمعارضة السعودية بالمتاجرة بقضية خاشقجي، قائلا: “هم نفسهم يقولون إننا نتاجر بقضايا تعذيب النساء، ومعتقلي الرأي والفقر والبطالة والإزالات والتهجير والتطبيع والقمع الحاصل في البلاد والانهيار الاقتصادي والإشكاليات الاقتصادية”.
وندد عسيري، برفض أصحاب هذه الاتهامات الاعتراف بأن النظام هو من فتح هذه الملفات وليست المعارضة، وأن المعارضة تحاول فقط كشف ما يمكن كشفه من إشكالات النظام، سعيا لإصلاح ما يمكن إصلاحه ومحاولة إنقاذ المجتمع من هذه الأخطاء التي يرتكبها النظام.
وأضاف “ما نحاول فعله هو مناهضة هذه الجرائم حتى تتوقف ولا تتكرر، وحتى يعتدل سلوك السلطات السعودية”، متسائلا: “كيف إذا نكون نحن من تاجر بهذه القضايا بينما من خلقها وصنعها هو النظام نفسه؟”.
وتابع الأمين العام السابق لحزب التجمع: “من قتل خاشقجي ليست المعارضة السعودية، ومن عذب السيدات ليست المعارضة، وأظن أن الإشكال لدي كل العقلاء يكمن فيمن يقوم بالجريمة وليس فيمن يسلط الضوء عليها”.
وأكد، أن قضية خاشقجي، ستفعل في كل مناسبة وكل وقت، وسنستمر في العمل عليها على كافة الأصعدة سواء مع الإعلام أو مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أو مع الأحزاب والكيانات السياسية أو مع الحكومات والبرلمانات”.
واستطرد عسيري: “سنفعل القضية في كل منصة دولية وفي كل موضع يمكن العمل فيه، وسنواصل التذكير بها، ولن نسمح إطلاقا أن تموت هذه القضية حتى تأخذ العدالة مجراها ويكتشف العالم الجاني الحقيقي ويزاح عن السلطة والتحكم في ثروات البلاد ومصير العباد”.
وتعهد بمواصلة كل ذلك حتى يزاح هذا الخطر عن الناس، قائلاً: “أما ما دون ذلك فلا يمكن له أن يتوقف لأن هذه الجريمة ليست وحدها، بل هي حلقة ضمن سلسلة طويلة جدا من جرائم النظام”.
يشار إلى أن جلسة محاكمة خاشقجي أمام القضاء التركي، أمس الثلاثاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، غاب عنها المتهمون، وحضرها محاموهم الموكلين من قبل نقابة محامي إسطنبول، إلى جانب خطيبة خاشقجي، خديجة جنغيز ومحاميها، ومراقب عن القنصلية الألمانية بإسطنبول.
وقررت المحكمة التركية مطالبة القضاء السعودي بتزويدها بنتائج محاكمة خاشقجي، لتفادي فرض عقوبات مماثلة أو تكرار العقوبات على المتهمين، كما قررت رفع الجلسة بانتظار رد القضاء السعودي.