شدوى الصلاح
أكد أعضاء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن دعم دول مجلس التعاون الخليجي طريقة تعامل الصين مع عدد من القضايا الحساسة، ومنها ملف مسلمي الإيغور -أقلية مسلمة في إقليم شينجيانغ تتعرض لقمع واضطهاد السلطة الصينية- بحسب ما صرحت به الخارجية الصينية، واحتمالية ترحيل السعودية لإثنين من الإيغور إلى الصين، محرم ولا يجوز شرعاً.
ووصفوا خلال حديثهم مع الرأي الآخر، مواقف الأنظمة الخليجية من قضية الإيغور وتحالفها مع الصين بالإجرام والكارثة والمصيبة، راصدين بعضا من جرائم الصين بحقهم وتعذيبها لهم وعبثها بعقيدتهم وزجها بهم في المعتقلات وإجبارهم على تغيير هويتهم الدينية وملاحقة أي شخص يؤدي أي مناسك دينية أو يظهر عليه اتباع أي هوية إسلامية.
الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور جمال عبد الستار، عّد دعم دول الخليج للصين في قمعها للإيغور، كارثة كبيرة للأمة بأسرها وامتداد للسقوط المريع، مؤكدا أن التهاون مع الصين وسياستها الملعونة في القتل وسفك الدماء وتغيير الهوية ليس له مجالا لا في الناحية الشرعية ولا الإنسانية التي تتغنى بها هذه الدول.
واستنكر اتفاق دول إسلامية مع مجرم محتل غاصب يسفك دماء المسلمين ويحارب عقيدتهم ويغيرها ويمنعهم من إقامة شعائرهم ويحتل بلادهم وأراضيهم ويستولى على ثرواتهم ويحاول أن يقضي عليهم لمدة 80 سنة تقريبا.
وأضاف عبدالستار: “السعودية المفترض أن تحمي وتوفر الأمان للحجاج والمعتمرين إذ بها تقوم بعكس ذلك وترهبهم بتسليمهم إلى من يقتلهم، قائلا: “للأسف الشديد أصبحنا في زمن سقوط أنظمة كانت تدعي الدفاع عن الإسلام وحمايته وإذا بها تعتدي على ثوابته وتتحالف مع أعداءه وتسلم المسلمين الآمنين المظلومين إلى الظلمة القتلة.
ووصف ذلك بأنه “إجرام كبير”، وذكر الأنظمة المؤيدة لسياسات الإيغور بقول الله تعالى في الآية 42 بسورة إبراهيم: “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ”، مخاطبهم بالقول: “الله ليس بغافل عن ظلمكم وطغيانكم وعن ما تفعلونه ولكنه سينتقم من الظلمة وهذا الإجرام والتخاذل”.
ودعا عبدالستار، الأنظمة المؤيدة لسياسات الصين لانتظار عقوبة الله تعالى على ذلك لأنه سيأخذ حقهم، ولن تحميكم الكراسي والأنظمة والأموال، مذكرا أيضا بقول الله تعالى في الآية 12 و13 من سورة البروج: “إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ”.
وأشار إلى أن الأمة تكتشف كل يوم سقوط الأنظمة وبعدها عن الإسلام ومخالفتها للعقدية وتحالفها مع المجرمين والقتلة والظالمين وفي كل يوم تتسع المساحة بين الأنظمة والشعوب، مبشراً بالقول: “سيأتي اليوم الذي تنفصل الشعوب عن الأنظمة اللعينة التي أهلكت الحرث والنسل وأضاعت حرية الإنسان والعقيدة والمرتكزات الدينية، وتعيد أوطانها إليها”.
فيما حذر رئيس رابطة علماء المغرب العربي وعضو رابطة علماء المسلمين الحسن بن علي الكتاني، من أن أعظم الأمور التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها هي موالاة المؤمنين ومعاداة أعداء الله عز وجل خاصة إذا كانت القضية بين طائفة من المسلمين وطائفة من الكافرين.
وأوضح أن الله سبحانه وتعالى أمر بذلك في آيات كثيرة، منها قوله تعالى في الآية 71 بسورة التوبة: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ”، كما قال تعالى في الآية 73 من سورة الأنفال “وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ”، مفسرا أن ذلك يعني أنه إذا لم تكونوا أنتم متعاونين وموالين فستكون فتنة وفساد كبير.
وأشار الكتاني، إلى قول النبي ﷺ في أحاديث صحيحة: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه”، “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّ”.
وأكد أن خذلان العديد من بلدان المسلمين لإخوانهم الإيغور المضطهدين في تركستان الشرقية ويعذبون ويسجنون بالملايين في معسكرات الإرهاب الصينية، من أعظم الذنوب والمعاصي والفتن التي تؤدي إلى اضمحلال الإسلام، محذرا من تخاذل بلدان المسلمين وتعاونهم مع الصين.
ووصف الكتاني، ذلك بالمصيبة الكبيرة، منددا بتزكية بعض الدول للصين في تعاملها الإجرامي مع المسلمين ونسيانهم حديث الرسول ﷺ “ما من امرئ مسلم يخُذلُ امرأً مسلماً في موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحبٌّ فيه نُصرته”.
ومن جانبه، أكد أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور وصفي أبو زيد، أن من الناحية الشرعية لا يجوز تسليم أي مسلم إلى سلطة الصين الشيوعية الكافرة، ويعد هذا الفعل محرم شرعاً ولا يجوز لمسلم أن يقدم عليه، مصنفا ذلك بأنه خذلان للمسلم.
وذكر بقول الرسول ﷺ: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته”، مفسرا ذلك بأنه لا يجوز للمسلم أن يسلم أخيه المسلم إلى الأعداء والفقر والمرض ولا إلى الضياع وإنما يجب أن يتضامن ويتعاون معه وأن يحفظه وألا يجعل سبيلا عليه من أعداء هذه الأمة.
وأشار أبو زيد، إلى قول الله تعالى في الآية 10 من سورة الحجرات: ” إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”، موضحا أن ليس من مقتضى الإخوة أن يسلم المسلم أخوه المسلم إلى أعداء أو إلى ظلمة ومتجبرين، لأن مصيرهم سيكون التعذيب والاضطهاد وأن يساموا سوء العذاب كما يسام إخوانهم في معسكرات الصين التي أعدتها خصيصا للإيغور من مسلمي تركستان الشرقية.
وأوضح أن هناك سبل كثيرة لإخراج مسلمي الإيغور لدول أخرى يجدون فيها حريتهم وأمنهم وأمانهم، ناصحا مسلمي الإيغور بألا يقيموا في هذه البلاد التي تؤيد سياسات الصين وألا يجعلوا للكافرين عليهم سبيل وألا يجعلوا أنفسهم فريسة لهذا إلا عند الضرورة.
وأضاف أبو زيد: “إن لم تكن هناك ضرورة فيجب على كل مسلم إيغوري أن يحذر من أن يكون تحت يدهم ويعرض نفسه لهذا الخطر والهلاك”، قائلا: “ينبغي أن ننكر على من يسلم المسلمين إلى الهلاك وإلى أعداء هذه الأمة وفي الوقت نفسه ننصح إخواننا بألا يكونوا فريسة لذلك وألا يتواجدوا في أماكن يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر”.