كتبت: عهود هادي
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
حققت بعض الدول نسب عالية كـ 80% و 90% في التطعيم، فهل بإمكان السعودية تحقيق نسب معادلة؟ على أقلها هل تعد نسبة 70% هدفًا واقعيًا سهلًا؟
وفقًا لآخر الإحصائيات التي أظهرها موقع Covidvax.live لعدد الجُرعات التي مُنحت لسكُان المملكة العربية السعودية – منذ شهر ديسمبر 2020 إلى وقتنا الحالي شهر يونيو 2021 – فقد بلغ عدد الجرعات ما يساوي تقريبًا 17,474,160 جُرعة ( تشمل المحصنين بجرعتين أو جرعة واحدة)، وحيث أنه لا توجد أي معلومات دقيقة حول عدد السكان المُلقحين بالكامل أو نسبتهم مقارنة بالعدد الكُلي؛ فمن الممكن أن نفترض من باب التبسيط أن عدد الجُرعات الحالي يعكس عدد السكان الملقحين بالكامل أي ما يبلغ 8,737,080نسمة ممن تلقوا كامل الجرعتين.
في حوار أجراه الدكتور عبدالله عسيري – الوكيل المساعد للصحة الوقائية في وزارة الصحة السعودية – على قناة “روتانا خليجية” ، أن المملكة تهدف إلى تطعيم 70% من سكانها ضد جائحة كوفيد-19 حتى تستطيع تحقيق المناعة المجتمعية.
ويبلغ سُكان المملكة العربية السعودية وفقًا لآخر بيان أظهرته الهيئة العامة للإحصاء لمنتصف عام 2020 ما يقارب 35,013,414 نسمة.
وبعمليات رياضية بسيطة، نستطيع أن نستنتج أن العدد الحالي للسكان المُلقحين بالكامل خلال السبعة أشهر الماضية لا يتجاوز 24.95% من العدد الكلي. وقد يُعوز البعض هذا المسير البطئ نحو تحقيق المناعة المجتمعية إلى التخوف والتردد من أخذ اللقاح، بالإضافة إلى التأخر الذي شهدناه في وصول اللُقاحات واحتمالية انتشار فيروسات جديدة متحورة وغيرها من الأسباب التي تفسر صعوبة تطعيم 70% من السكان في وقت قياسي.
وقد أكد الباحثون أن التطعيم يجب أن يغطي 70% من عدد السُكان الكلي حتى نتمكن من القول أن المجتمع قد وصل إلى المناعة المجتمعية؛ لذلك فإن أغلب برامج مكافحة الجائحة في كثير من الدول تستهدف نسبة 70% ، لكن السؤال الذي أود طرحه هُنا، هو ما مدى واقعية هذا الهدف بالنسبة للمملكة ؟ وهل بإمكاننا تحقيق نسبة أعلى ؟
- لُقاح فايزر- بايونتك: مناسب للأعمار من 12 سنة وأكبر ، و تُجرى دراسات حاليًا على الأعمار تحت سن 12.
- لُقاح أكسفورد- استرازينيكا: مناسب للأعمار من 18 سنة وأكبر .
للإجابة على هذا السؤال، نحتاج لمعرفة المعطيات المتعلقة بـالتوصيات العُمرية الخاصة بِكُل من تطعيمي( أكسفورد- استرازينيكا و فايزر- بايونتك) و أيضًا معرفة التعداد والتوزيع السُكاني بالمملكة وتحليل هذه البيانات لمعرفة ما إذا كُنا قادرين على تحقيق نسبة 70% أو أعلى .
أولًا: التوصيات العمرية: وفقًا لوزارة الصحة السعودية ونتائج الدراسات السريرية لكل من اللقاحين :
ثانيًا: التعداد والتوزيع السُكاني بالمملكة: – مُلخص إحصائيات 2020 –
عدد السُكان الكُلي 35,013,414
عدد السُكان الذين تبلغ أعمارهم أقل من 10 5,915,531
عدد السُكان الذين تبلغ أعمارهم أكبر من 10 29,097,883
ثالثًا: تحليل البيانات :
- الهدف هو 70% من عدد السُكان الكُلي، أي 70% من 35,013,414 = 24,509,389.8 ( العدد الذي يجب أن يغطيه اللقاح ).
- بناءً على التوصيات العمرية الحالية، فإن هذا العدد 24,509,389.8 سيُأخذ من عدد السُكان الأكبر من 12 سنة ( يتبقى فقط 4,588,493.2 ممن يُمكننا تحقيق النسبة بدونهم ).
- لو قررنا أخذ عدد كل السُكان – ممن هم ضمن المدى العُمري المناسب – 29,097,883 فسوف نحقق 83.1 % ( النسبة القُصوى التي نستطيع تحقيقها ).
قد تبدو لنا معلومة إننا بإمكاننا تحقيق المناعة المجتمعية بدون أربعة مليون شخص أمرًا باعثًا على الراحة ، لكن للأسف هناك الكثير من الأمور التي لم يُحسب حسابها في الأرقام أعلاه والتي قد تؤثر ليس فقط على تحقيق النسبة الأقصى، بل حتى على تحقيق الهدف نفسه، حيث أن تحقيق 70% لن يكون سهلًا أبدًا تحقيقه في فترة قصيرة وذلك لعدة أسباب، من أهمها:
- عدد كبير من السُكان ما زالو غير مقتنعين بأخذ التطعيم -Anti-Vaxxers – ، مما سيُخفف من سرعة الوصول إلى المناعة المجتمعية، حيث أن عامل الزمن هنا مُهم جدًا. ( الحل المعمول به هو : فرض واشتراط أخذ التطعيم لإتمام أغلب المعاملات المجتمعية) .
- لم يتم حساب الفئة التي لا يُمكنها أخذ اللقاح، مثل ( الذين يُعانون من تجلطات بالدم، المتحسسون حساسية شديدة من مادة Polyethylene glycol الموجود في تطعيم فايزر- بايونتك أو مادة Polysorbate 80 الموجود في تطعيم استرازينيكا- أكسفورد)، وبالطبع معرفة هذه المعلومات قبل
- إعطاء التطعيم تحتاج إلى الإستعانة بمنظمات متخصصة تجمع وتتابع هذه البيانات ( Data Registries ) والتي هي غير متوفرة حاليًا. ( الحل المعمول به هو: متابعة البلاغات المقدمة بعد أخذ التطعيم لأخذ قرار ما إذا كان استكمال الجرعات أمر مناسب، أو قد يُحال إلى نوع لقاح أخر بعيدًا عن الذي تحسس منه).
- هناك عدد كثير من الحالات الطبية التي يجب فيها قياس نسبة الفائدة مقابل الضرر Risk benefit ratio ( مثل : الأمراض المناعية، الحالات الحرجة .. ) والتي قد تستدعي تأخير الحصول على اللقاح لحين استقرار الحالة.
- نسبة الأعمار غير الملائمة حاليًا لأخذ اللُقاح تُشكل 16.89% والتي تهدف الأبحاث والدراسات الحالية لتقليصه لضمان تحقيق أعلى النسب في المناعة المجتمعية.
وقد ذكرت وزارة الصحة عبر منصة ” تويتر” أنها استطاعت تحصين 70% من البالغين في السعودية ، وأرى أن هذا التصريح يفتقر للدقة، فلاشك أن 70% نسبة رنانة! لكن ما العدد الذي تُشكله هذه النسبة مقارنةً بالعدد المستهدف؟ نحتاج لأن يكون هناك تعريف موحد للمناعة المجتمعية وكيف تتحقق؟ هل بالتطعيم بجرعتين أو جرعة واحدة أو جميعهم ؟ تباين الأرقام والصيغ لا يساعدنا في فهم الوضع الحقيقي لنا .
هذا المقال ليس نوعًا من الذي يهدف لتزويدك بإجابات جازمة، فالتوصيات تتجدد بإستمرار وتضعنا بمواجهة مُعادلات جديدة كل يوم، هذا المقال يُقدم لك أسئلة واستفسارات لتبدأ أنت برحلة البحث عن إجابات منهجية لها، ولكن قبل كُل ذلك، يتحتم علينا أن نتفق على صفحة واحدة لنقرأ منها، إلى ذالك الحين، لنتسأل أكثر عن …
- إذا كان تحصين 70% من السُكان يُحقق المناعة المجتمعية، لماذا تستهدف أغلب الدول نسب أعلى ؟ لماذا لا تُحصن 70% فقط وتتوقف ؟
- هل تم الإعتماد مُسبقًا على الدارسات الواعدة التي تُجريها شركة فايزر- بايونتك على كافة الأعمار
- لتحقيق نسبة 70% وأعلى ؟ – خصوصًا أن القيود العمرية كانت تسمح لمن هو أكبر من 18 سنة لأخذ التطعيم .
- هل هدف الدراسات السريرية الأولى هو تخفيض الحد العمري الأدنى حتى يتسنى تحقيق فرضية ال 70% ( في ظل القصور الشديد في ملف أمان هذه التطعيمات على المدى البعيد )؟
المراجع التي ذُكرت في المقالة: