شدوى الصلاح
قال المفكر التونسي الدكتور أنور غربي، المستشار السابق لرئيس الجمهورية التونسي منصف المرزوقي، إن استقالة أو إقالة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، تعني أن الإمارات فقدت أحد أذرعها بالديوان، مشيرا إلى أنها لم تكن مفاجئة وسيعقبها خطوات مماثلة أخرى سواء من الحكومة أو من الذين فرضتهم عكاشة على دواوين الوزارات والإدارات المختلفة.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر: “معلوم أنه توجد تجاذبات كبيرة وحادة بين جناح كانت تقوده نادية عكاشة وجناح آخر يسمى بجناح شرف الدين وزير الداخلية، ونوفل سعيد شقيق الرئيس التونسي قيس سعيد، وجناح ثالث فيه المدلجين من اليسار الفوضوي أصحاب نظرية البناء القاعدي والطرح المجالسي وعزل الدولة على طريقة البانيا أنور خوجة.
وأوضح غربي، أن عكاشة أوجدت قاعدة من المدونين والصحافيين تابعين لها عرفوا ببذاءة خطاباتهم وأسلوبهم الجارح وتهجمهم العنيف على الخصوم السياسيين، وترويج الشائعات التي كان سعيد نفسه أحد ضحاياها، لأنه كان يذكرها كحقائق مما جعله مصدر تندر دائم بسبب عبثية وعدم صدقية المعلومات التي يعتمد عليها في كثيرٍ من الأحيان.
وأشار إلى أن هذا التماشي أزعج مؤسسات الدولة وبخاصة المؤسسة العسكرية والأمنية ومن غير المستبعد أن تكون قيادات عسكرية قد دفعت بعكاشة للاستقالة علماً بأن المرأة ستواجه المحاكم في العديد من الملفات، ومنها ملف كبير يتعلق بالتخابر وبشكاوى قضائية بالاعتداء على النظام العام.
وأشار المستشار السابق لرئيس الجمهورية التونسي منصف المرزوقي، إلى أن هذه الشكاوى جاءت بعد تسريب مراسلات بينها وبين المخابرات المصرية وتنسيقها مع السلطات المصرية والإماراتية، وهي القضية التي أودعت أمام القضاء العسكري ووقع قبولها شكلا يوم 12 يناير/كانون الثاني 2022.
وذكر عدد من الوقائع لقراءة المشهد حتى تتكشف الأمور أكثر، منها تأكيد عكاشة في نص الاستقالة على استحالة مواصلة العمل مع قيس سعيد في الظروف الحالية؛ وأن استقالتها جاءت بعد يوم من محادثة هاتفية بين سعيد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جسدت محاولته استغلال ضعف سعيد وحكومته والعزلة الدولية لاحتوائه الرئيس التونسي.
وأرجع المفكر التونسي تصرف الرئيس الفرنسي، إلى أنه في سنة انتخابية ولا يريد المجازفة بعلاقات قوية مع رجل أصبحت العلاقة به تجلب المتاعب والمشاكل، قائلا إن من غير الواضح ما طلب من سعيد سواء مباشرة أو عبر الهاتف ولكن الدور الفرنسي لا يمكن تجاهله في هذا الملف.
وذكر أيضا بأن خطة الانقلاب وقع تسريبها من مكتب “عكاشة” مديرة الديوان ونشرها موقع ميدل إيست آي قبل أشهر من وقوع الانقلاب، كما أن خطة التخابر سربت أيضا بتفاصيل كلها تدينها هي وأحد المستشارين في الديوان ووزير الخارجية الحالي وأحد النواب من الكتلة التي تتبنى السياسة الإماراتية الرسمية ورؤيتها للربيع العربي.
وأوضح غربي، أن الإعلام الإماراتي كان كثير الثناء على عكاشة ودورها، خاصة أنها كانت وراء حصول رئاسة تونس على 500 لقاح كورونا من الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وتكتمت الرئاسة حينها على العملية، خاصة أن اللقاحات لم تكن مرخصة من الصحة التونسية، ولم تتحصل الإمارات على إذن استعمالها وتسويقها من منظمة الصحة العالمية.
وأكد أنه إلى اليوم لم يعلم أحد من استخدم هذه اللقاحات، ومازال الملف قيد البحث في المنظمة الدولية بسبب تزايد الشكوك في استعمال اللقاحات وصحة الناس في الصراع السياسي قبل الانقلاب، مذكرا بأن تسريب الوثائق والقضايا المرفوعة أمام المحاكم التونسية كلها تؤكد العلاقات القوية والكبيرة بين عكاشة والإماراتيين.
وأشار غربي، إلى أن بعض الفلسطينيين الذين منحهم سعيد الجنسية معروفين بولائهم للإمارات، وعدد منهم ومن رجال الإعلام والتدوين من أدوات الإمارات في تونس معروفون بعلاقاتهم القوية بعكاشة، لافتا إلى أن الرجل الثاني المتورط في التخابر كان يعمل في السفارة التونسية في أبوظبي ومن غير الواضح إن كان من رجال عكاشة.
وتساءل غربي: “هل ما سبق ذكره يعني أن عكاشة أصبحت تمثل عبئا لم يعد ممكنا تحمله بعد ازدياد عزلة السلطة في الداخل والخارج وأصبح الرئيس يقول الشيء ونقيضه في الأسبوع نفسه وتورط في الكثير من المغالطات والأكاذيب من المستحيل إصلاحها وبالتالي وجب التضحية بالمرأة التي تمثل (جناح الأشرار) بحسب خصومها؟”.
يشار إلى أن رئيسة ديوان الجمهورية نادية عكاشة، أعلنت أمس الإثنين 24 يناير/كانون الأول 2022، عبر حسابها على تويتر وليس في بيان رئاسي رسمي، استقالتها من منصبها بعد سنتين من العمل بسبب خلافات جوهرية، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.