شدوى الصلاح
قال رئيس مؤسسة قرطبة للتحاور بين الثقافات أنس التكريتي، إن السنوات الماضية كشفت أن الخليج العربي ليس كتلة واحدة، وإنما عدة كتل متباينين في نظرتهم الاستراتيجية للقضايا الإقليمية والدولية وعدد من الملفات مثل سوريا واليمن والعلاقة مع إيران، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل التحالفات والاقتصاد.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن ملف الربيع العربي أو ثورة 25 يناير بالتحديد يعتبر واحد من الملفات التي تتقاطع فيها دول الخليج، مضيفا: “السعودية والإمارات وقفوا ضده تماماً أيديولوجياً وفكرياً وسياسياً واقتصادياً، وناهضوا فكرته واعتبروا الثورة عدو وشر ونزلوا عليها بأقسى الممارسات وأشد العقوبات، لاقتلاعها من جذورها”.
وأشار التكريتي، إلى أن قطر انحازت لخيارات الشعوب، وقدمت دعم كبير للثورات في تونس ومصر وغيرهم، مما أدى إلى تقاطع الكيان الخليجي وافتراقه بسبب الفجوة البينية الكبيرة بين دول مجلس التعاون الخليجي، لافتا إلى أن بعض دول الخليج وقفت من الثورة المصرية في بداية اندلاعها موقف المراقب القلق لأنها كانت في بدايات التحول الذي جرى في تونس.
ولفت إلى أن بعض الأنظمة الخليجية تواصلت مباشرة مع رئيس النظام الأسبق حسني مبارك، والقيادة المصرية آنذاك وطمأنوهم وقدموا نوع من التحفيز والحث على البقاء والاستمرار، ولكن الأيام أظهرت أن التوجه مختلف وبذلك باتت هذه الأنظمة تراقب الوضع عن كثب وبدرجة من القلق”.
وأكد التكريتي، أن بعد إجراء الانتخابات الرئاسية 2012 تحولت السعودية والإمارات إلى إعلان الخصومة والعداء ومحاولة إسقاط هذه التجربة الديمقراطية والعمل على شيطنتها وشيطنة من فعلها، وكان الأمر في بدايته محاولة تكريس عجز وإثبات أن القيادة المصرية الجديدة لا يمكنها النجاح ووضعوا كافة العراقيل الاقتصادية أو السياسية أمامها.
وأوضح أن الدولتين الخليجيتين وظفتا بعد ذلك الآلة الإعلامية لشيطنة الحكومة الجديدة بشكل مستمر، وقدموا الدعم لكل المعارضين والخصوم ودعموا كل من يقف ضد الدولة الديمقراطية الناشئة بالضد، ومنعوا أي نوع من الانفراج أو تحقيق الإنجاز أو النجاح في تشكيل أي تحالفات أو ما شابه.
وأكد التكريتي، أن السعودية والإمارات ضغطوا على من كان يقبل التحالف مع حكومة ثورة الربيع العربي إما بالمال، أو بالابتزاز، أو بالتهديد لكي ينسحب، وبذلك تبدو الحكومة المصرية عاجزة، ثم دعموا رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح السيسي لينقلب على الديمقراطية في 2013، وسحقوا كل ما يمت للثورة بصلة سواء شخصيات إسلامية أو علمانية أو يسارية أو ليبرالية.
وأشار التكريتي، إلى أن الجميع أصبحوا مهددون وحكم عليهم بالسجن والإعدام، وبذلك شيطنوا فكرة التغيير والثورة، وتوسعت الحملة عالمياً وبات لزاماً أن يجرم العالم ويقصي ويقتلع جذور أي نوع من فكرة التغيير وعلى رأس ذلك الإسلام السياسي، وكل الحركات الثورية التي لها فكر وتوجه إسلامي.
وأوضح أن المحور الآخر تقوده قطر وفيه بعض القوى الاستراتيجية مثل تركيا والتي ساندت الثورات ودعمتها وحاولت قدر المستطاع دعم التجربة الديمقراطية في مصر، سواء اقتصاديا بقروض ومنح ومساعدات، أو إعلاميا، واستضافة وإدخال من هجروا بسبب الانقلاب العسكري؛ ولا تزال قطر من الدول التي تدعم الشعوب العربية ولا تقف خصما لها.
وأضاف التكريتي: “ربما البعض يرى أن قطر لم تفعل بما فيه الكفاية، ولكن لا شك أنه حين نقارنها مع الإمارات والسعودية نرى فرق شاسع في المواقف، كما أن السردية القطرية لا تزال لم تعاد رغبات الشعوب في الانعتاق من الاستبداد؛ لذلك أؤكد أن الخليج ليس كيان واحد”.