شدوى الصلاح
حذر النقابي البحريني السيد هاشم الموسوي، من انعكاس قرار منح الإقامة الذهبية لكل أجنبي يمتلك عقاراً في البحرين بمبلغ مائتي ألف دينار أو يعمل في القطاع الحكومي أو الأهلي براتب عالي وأصحاب المواهب التخصصية لأجل غير مسمى، سلبياً على الوطن بشكل كبير.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن من يُمنح الإقامة الذهبية سيكون مستحقاً للحقوق المدنية والسياسية مستقبلاً خصوصاً وأن الإقامة الذهبية تمنحه كل الامتيازات التي يستحقها المواطن، بل قد يكون هو المفضل في مجال العمل نظراً لاستبعاد أبناء الوطن عن الكثير من الوظائف.
وأشار الموسوي، إلى أن الشعب يقف موقف المتوجس من هذا القرار في ظل وتيرة التجنيس المتصاعدة والتي لا تستند إلى قانون، في ظل طفرة كبيرة تشهدها البحرين في عدد السكان بسبب التجنيس الذي أُطلق عليه “التجنيس السياسي”، لافتا إلى أن الأمر الأكثر توجساً هو حصول الصهاينة على هذه الإقامة بعد التطبيع المرفوض شعبياً.
وتوقع أن يكرس قرار منح الإقامة الذهبية للأجانب البطالة بصورة أكبر، في حين يعاني المواطنون من ارتفاع معدلاتها في جميع التخصصات الطبية والهندسية والتعليمية والفنية، مشيرا إلى أن القرار يأتي في ظل أزمة إسكانية خانقة وتفاقم الدين العام بصورة مطردة بالإضافة إلى وجود أزمة سياسية استمرت لأكثر من أحد عشر عاماً.
وحذر الموسوي، من أن الإقامة الذهبية قد تغير ديموغرافية البلد وتفرض ثقافات وقيم ومبادئ غريبة على قيم المجتمع مما سيساهم في تفاقم المشاكل في هذا البلد الذي يعاني أساساً من أزمات عدة.
وأعرب عن أسفه من تفاقم ملفات الفساد في البحرين بسبب غياب الرقابة، موضحا أن المجلس الوطني الحالي لا يلبي طموحات المواطنين وفاقد لصلاحيات التشريع والرقابة، وبالتالي فإن الفساد مستشري في معظم أجهزة الدولة ووزاراتها ولا توجد رقابة للحفاظ على المال العام.
وأوضح الموسوي، أن البحرين كانت قبل الربيع العربي تصنف في المرتبة 46 من بين 180 دولة لنسبة التعامل مع الفساد، ولكن منذ 2018 صُنفت البحرين في المرتبة 99 من بين 180 دولة لنسبة التعامل مع الفساد، مشيرا إلى أن هذا يعود إلى آلية التعامل مع الأزمة القائمة، إذ ما زال الوضع القائم ينذر بالمزيد من التراجع في مؤشرات الفساد.
وعن حقيقة البطالة في البحرين، أكد أن هذا الملف أحد أكبر الملفات الشائكة التي يتضح من خلاله حجم التمييز والإقصاء الذي يعاني منه المواطن في ظل تعمّد إقصائه عن الوظائف في القطاع الحكومي واستبداله بالعمالة الوافدة، وكذلك إبعاد المواطنين عن الوظائف ذات المردود الجيد.
وتابع موسوي: “اليوم نجد الكثير من المواطنين من ذوي المؤهلات العليا في عداد العاطلين كما أن الكثير منهم في تخصصات مختلفة كالطب والهندسة والتربية والتعليم والصيدلة والتخصصات الفنية لا يجدون فرص العمل لديهم، ومن يجد فرصة فإن أجورها تكون متدنية ويكون مهددا في كل لحظة بالإقالة من العمل.
وأوضح أن أسباب البطالة هي “التمييز الذي يقصي طائفة من التوظيف في قطاعات مختلفة منها الداخلية والدفاع ومختلف الوزارات، والتجنيس السياسي الذي يوفر وظائف للمواطنين الجدد على حساب المواطنين الأصليين، وعمليات الخصخصة غير المدروسة التي تحيل على التقاعد الكثير من الكفاءات الوطنية”.
وأضاف الموسوي، أن من ضمن أسباب البطالة في البحرين، عدم الاهتمام بتنمية صحيحة تستقطب الكفاءات الوطنية وعدم فتح مجالات اقتصادية متنوعة والاعتماد على النفط كسلعة أساسية يدخل منها للاقتصاد ما يقارب 88% من دخل البلاد، بالإضافة إلى عمليات الفصل الجائرة التي طالت العديد من الكفاءات.
ولفت إلى أن الإحصاءات تبيّن أن عدد العمالة الوطنية في تناقص والوظائف ذات الأجور العالية والمتوسطة تُهب معظمها للعمالة غير البحرينية، وكأنما يراد للمواطن أن يعيش الحسرة في وطنه.
وأوضح أن عدد العاملين البحرينيين في القطاعين لم يتغير منذ 2018 حتى الآن حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن هيئة تنظيم سوق العمل حسب الأرقام المسجلة في الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، وهي أرقام رسمية وموثقة.
وبين موسوي، أن عدد العاملين البحرينيين المسجلين لدى الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في الربع الأول من 2018 كان 153376 وفي الفترة ذاتها من 2020 كان 156746 بينما انخفض في 2021 إلى 153757، مما يعني تراجعهم خلال السنوات الأربع الماضية ولم يشهد ارتفاعا إلا في السنة الماضية ليعاود الانخفاض هذا العام.
وأكد أن الإحصاءات الرسمية توضّح أن معظم الوظائف ذات الرواتب المتوسطة والعالية التي توفرت خلال الربع الأول من 2021 ذهبت لغير البحرينيين وليس للبحرينيين، موضحا أن معدل الرواتب التي تصل إلى 1500 دينار وأعلى توفرت منها 226 وظيفة حصل بحرينيون على 16 وظيفة في مقابل 210 وظائف للأجانب.
وأشار موسوي، إلى أن الوظائف التي تصل إلى 1000 دينار توفرت منها 173 وظيفة حصل البحرينيون منها على 25 وظيفة في مقابل 148 وظيفة لغيرهم؛ والوظائف التي تصل إلى 900 دينار توفرت 46 وظيفة حصل البحرينيون منها على 7 وظائف في مقابل 39 وظيفة لغير البحرينيين.
ولفت إلى أن الوظائف التي تصل إلى 800 دينار توفرت 69 وظيفة حصل البحرينيون منها على 15 وظيفة في مقابل 54 وظيفة لغير البحرينيين؛ والوظائف التي تصل إلى 700 دينار توفرت 99 وظيفة حصل البحرينيون منها على 30 وظيفة بينما ذهبت 69 وظيفة لغير البحرينيين.
وتسائل موسوي: “أين أرقام التوظيفات التي تزعم السلطات البحرينية أنها وصلت إلى رقم قياسي الذي لو صدق لوصلت البطالة في البحرين إلى أدنى مستوياتها؟”، مؤكدا أن العاطلين الجامعيين يتمنون الحصول على وظيفة ولو بأدنى أجر.
وأشار إلى أنهم يحملون شهادات في الطب والهندسة والمحاسبة والإدارة ومختلف تخصصات التعليم، بالإضافة إلى البرمجة وكل ما يخص علوم الحاسوب، قائلا: “لو تملك وزارة العمل الشفافية لطرح الأرقام والتخصصات التي لديها في سجلات العاطلين مع ذكر الشهادات لشهدنا العجب العجاب”.
وأضاف موسوي، أن سوق العمل دخله في الربع الأول من 2021 عدد 14409 عامل منهم 1538 بحريني في مقابل 12871 غير بحريني، كما دخله في 2020 عدد 36821 عامل منهم 5519 بحريني في مقابل 31301 غير بحريني.
واختتم قائلا: “بنظرة واقعية نجد أن ملف العاطلين يزداد سوءاً ووزارة العمل لا موقف لها من الشركات التي تفضل الأجنبي على البحريني، ويكفي أن الشركة الناقلة الوطنية في البحرين وهي طيران الخليج تحتضن 990 موظفاً أجنبياً بعقود تفوق قيمتها 21 مليون ديناراً”، متسائلا: “أين وزارة العمل من هذا التهاون بحقوق المواطنين؟”.