قالت صحيفة “إيكونوميك تايمز” الهندية إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قلب الأعراف من أجل إعادة كتابة الرواية الوطنية بهدف تهميش دور الإسلام، والتأكيد على القومية السعودية والتاريخ والعائلة المالكة.
واحتفلت السعودية الأسبوع الماضي بعيد التأسيس الجديد الذي يحدد عام 1727 على أنه أصل المملكة، وهو الأمر الذي يتحدى بشكل مباشر الرواية التاريخية التي كانت تتبناها السعودية، والتي تُرجع تأسيس البلاد إلى عام 1744.
وعام 1727م، استولت قبيلة آل سعود على إمارة الدرعية، وعلى النقيض من ذلك، فإن تاريخ 1744 هو ذكرى التحالف بين آل سعود ورجل الدين محمد بن عبد الوهاب الذي بُنيت على أساسه السعودية.
وكان تفسير محمد بن عبد الوهاب للدين الإسلامي، المعروف باسم “الوهابية”، هو نهج الدولة، وكان الأساس لكل الممارسات التي كان النظام ينفذها.
وكل هذا تم التخلي عنه بسرعة في عهد ولي العهد محمد ووالده الملك سلمان.
ومنذ عام 2016، تم تجريد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من سلطتها العملية، ومنذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد في عام 2017، كان هناك تحول في قوانين المرأة والاختلاط بين الجنسين والترفيه العام والاحتفاء بالتراث السعودي قبل الإسلام.
وأصبحت السعودية تتبنى رواية قومية وشعبوية تؤكد على المخاوف المحلية بشأن القضايا الدينية والقضايا الإسلامية الشاملة.
وقالت الصحيفة الهندية: “تم تقليص تأثير المحافظين المتدينين بشكل كبير، والآن حتى دورهم في سرد الهوية الوطنية يتلاشى بسرعة من خلال يوم التأسيس وإعادة كتابة التاريخ السعودي”.
وذكرت أن “سبب إزاحة الدين هو أن هذا التحرير الاجتماعي الملحوظ والتنويع الاقتصادي المخطط لهما مصحوبان بقمع وتقييد سياسي شديد”.
وأكدت أنه “من أجل احتواء تهديد رد الفعل السياسي والحد منه، امتلك الملك سلمان ومحمد ابنه سلطة مركزية وقاموا بقمع المعارضة بلا رحمة”.
وأوضح أن “السعودية لم تعد تشبه نظام المحسوبية الإقطاعي، ونظام الممالك الخليجية الأخرى التي كانت السلطة موزعة تقليديًا داخل قطاعات مختلفة من العائلة المالكة، إذ تتركز السلطة الآن في يد الملك وولي العهد ومجموعة صغيرة من المسؤولين والمستشارين”.
وترافق ذلك مع موجات من القمع السياسي شملت اعتقالات فندق الريتز كارلتون لأثرياء وبارزين من السعوديين، وقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018، واعتقال ناشطات حقوقيات ونساء، وأجواء من الاعتقال والإرهاب، خاصة بين النخب التي ازدهرت في ظل النظام القديم، وبالتالي قد تكون أكثر مقاومة للتغيير.
ويشير الخبير السياسي السعودي سلطان الأمير، إلى أن السرد القومي السعودي الجديد أكثر شمولاً من الناحية الاجتماعية من السرد الوهابي القديم، لكنه أيضًا أكثر استبدادًا من الناحية السياسية.
ويقول: “هذا يلخص المقامرة التي يخوضها محمد بن سلمان، إذ إنه يستطيع تحرير بلاده بشكل جذري ثقافيًا واقتصاديًا، لكن يظل في السلطة من خلال تركيز القوة والسلطة بين يديه”.