شدوى الصلاح
قال خبير التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات الدكتور يحيى الحسن، إن ميثاق تأسيس سلطة الشعب الذي أعلنته تنسيقية لجان المقاومة بولاية الخرطوم الأحد 27 فبراير/شباط 2022، يمثل خطوة كبيرة ويؤسس لمرحلة جديدة تنقل السودان من مرحلة الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الدستورية.
ووصف في حديثه مع “الرأي الآخر” الميثاق بأنه لبِـنة لبناء قاعدة تؤسس وتجيب على التساؤل الذي ظل يشغل الرأي العام منذ استقلال السودان عن كيف يُحكم السودان؟، مشيدا بعرض الميثاق للرأي العام، وقابليته للتعديل والإضافة بما يحقق شعارات ومطالب الثورة ويناسب القوى الثورية ولجان المقاومة على مستوى ولاية الخرطوم وولايات السودان.
وأثنى الحسن، بأن إعداد الميثاق جاء من أصحاب القضية والثوار، قائلا إنه بمزيد من التشاور حوله وتنقيحه سيتكون أول ميثاق نابع من الشعب صاحب السلطة الأصلية، ونطمح أن يقود لتوافق سياسي يعيد الحُكم المدني ودولة القانون والخلاص من الانقلاب العسكري الجاثم على صدر البلاد.
وأشار إلى أن الشعب السوداني يطمح إلى أن يضع الميثاق حداً للأزمة السياسية الراهنة ويبني قواعد مشتركة للتوافق السياسي بين قوى الثورة الوطنية المشتتة منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، لافتا إلى مشاركة العديد من الحركات المسلحة في إعداد الميثاق وانحازت له خاصة في ظل انتقادات اتفاقية سلام جوبا، وذلك للعمل على معالجتها.
وأوضح الحسن، أن لجان المقاومة جددت في الميثاق عهدها للشعب بعدم التراجع عن مطالب الثورة المتمثلة في تحقيق الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني، وأكدت أنه لا تراجع ولا نكوص عنها وأن نضالها الثوري لابد وأن يتمخض عنه ميثاق سياسي لمعالجة أزمة الحكم في السودان.
وأكد أن مشروعية الميثاق المعلن جاءت من الشرعية الثورية في ظل تعطيل الدستور ومن ثم الوثيقة الدستورية، مشيرا إلى أن السند القوي للميثاق أنه جاء من لجان المقاومة التي هي بمثابة روح الثورة وتجد قَبولاً كبيراً وسط قطاع عريض من الشعب السوداني، كما أكملت مسيرة الأمهات والآباء الداعمة للميثاق حلقات تلاحم الشعب بكافة فئاته العمرية.
ورأى الحسن، أن هذه المسيرات التي خرجت منذ إعلان الميثاق تُعد بمثابة استفتاء حقيقي لما يريده المواطن، وتعكس مدى قناعة الشعب بمحتواه والمواضيع التي تناولها، لافتا إلى أنه رغم قِـصر فترة إعلانه إلا أنه من خلال القراءة الأولية والسريعة له ولما حدث بعده يثبت أنه لاقى قبولاً وتأييداً واسعاً.
وأضاف أن مليونية 28 فبراير/شباط 2022، التي خرجت في معظم ولايات السودان كانت خير سند ودليل على تأييد ميثاق تأسيس سلطة الشعب، مشيرا إلى أنه يهدف للإطاحة بالانقلاب العسكري واستعادة الثورة مجددا للحكم المدني، وتوحيد لجان المقاومة وقوى الثورة الوطنية ضد الانقلاب.
ولفت الحسن، إلى تباين موقف الأحزاب من الميثاق وفقاً للانقسام الذي شهدته قبل انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، خاصة الأحزاب المُكَوِنة لقوى الحرية والتغيير (قحت)، مما انعكس على الميثاق والذي يبدو أنه عَـمِلَ على استبعاد الأحزاب التي دعت للانقلاب ومن ثم أيدته، والآن تشارك الانقلابيين في الحكم.
يشار إلى أن الميثاق يتضمن 12 بنداً رئيسياً ويهدف لإسقاط انقلاب العسكر 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ومحاسبة كل الضالعين فيه من المدنيين والعسكريين، وإلغاء الوثيقة الدستورية ومراجعة الاتفاقيات المبرمة والمراسيم الصادرة منذ إسقاط الرئيس السابق عمر البشير 11 أبريل/نيسان 2019.
ويسعى للتأسيس لدولة وطنية مدنية ديمقراطية، ووضع حد للانقلابات العسكرية، ورفض دعوات للتفاوض المباشر أو غير المباشر مع الانقلابيين والاستمرار في المقاومة السلمية عبر الأدوات المجربة والمبتكرة، ونص على إصلاح المنظومة العدلية والحقوقية وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتكوين جيش موحد وإعادة تأهيل ودمج لكل المليشيات.
كما نص على إلغاء منصب القائد العام للجيش، وأن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى للجيش، موضحا تفاصيل السلطة الانتقالية وهياكل الحكم، وحدد عامين للفترة الانتقالية، وتعيين رئيس وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة ليستلم السلطة بعد إسقاط الانقلاب، وتكوين مجلس تشريعي انتقالي يمثل كل قوى الثورة الحية.