ناقش حقوقيون سعوديون وعرب أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات السعودية بحق 81 شخصًا، في أكبر عملية إعدام جماعي بتاريخ المملكة.
وأشار الأمين العام السابق لحزب التجمع يحيي عسيري، خلال مساحة عبر تويتر نظمتها صحيفة “صوت الناس”، إلى أهمية السؤال عن المُتّهِم ومُصدر حكم الإعدام ومنفذه، قبل السؤال عن التهم والمتهمين.
وأكد أن “مصدر الحكم وتنفيذه والترويج له هي جهة غير مؤتمنة، ومعروفة بحجم التلفيق والتدليس، فيما يتبع القضاء للنظام السعودي”.
ولفت إلى أن “القضاء لا يمكن أن يحاسب علية القوم (المسؤولون) ومن يخدمهم، إذ قتلوا جمال خاشقجي غيلة وتلاعبوا في الحكم وقالوا إنه قصاص وليس غيلة، وتنازل أولياء الدم”.
وقال: “لم يحاكموا من قتلوا أحمد العماري ولم يجيبوا على أسئلة الأمم المتحدة، وكذلك موسى القرني الذي كُسرت أضلاع صدره وجمجمته ووجهه، ولم نر أي شيء تجاه هذه الجريمة، وكذلك عبد الله الحامد”.
وأضاف “القضاء الذي يتواطأ مع القتلة هو من يصدر أحكام ضد شخصيات أخرى، ويطالب بإعدام دعاة مثل الشيخ سلمان العودة وغيره”.
وأشار إلى “التعطش للدماء من الملك الطاغية المستبد غير الشرعي وابنه”.
وتابع “لا يريدون مناقشة شرعية هذه السلطة وطبيعتها ولا قضائها، ويريدون منا أن نتحدث عن شخص فلان هل رمى مولوتوف أو لا، وهل قتل أو لا، هذا أمر نتحدث عنه عندما يكون القضاء نزيهًا، وليس للسلطة السياسية علاقة به، ويحظى المتهم بمحاكمة عادلة ومجتمع يستطيع مساءلة القضاء”.
وقال إنه: “عندما يركزون على الأسماء يحاولون أخذ الموضوع إلى الجزء الأخير من القصة وتجاهل الأساس، وهي العدالة والنزاهة المفقودة تمامًا لدى السلطات”.
وأكد أن “هناك عددًا كبيرًا ممن أعدمتهم السعودية لا نعرف أين جثامينهم، والسبب الرئيسي هو الإفلات من المساءلة والعقاب”.
أما الأمين العام لحزب التجمع عبد الله العودة فتحدث عن تعريف السلطات السعودية لمعنى “الإرهاب”.
وقال: “يجب أن نتذكر أن المحكمة الجزائية المختصة التي حكمت على هؤلاء صيغت من الديوان الملكي والحكومة لتنفيذ أغراضها، والأجواء التي صنعت كل هذه العملية، والتوقيت، والوعود التي قدمها محمد بن سلمان قبل أيام فقط بشأن التخلص من قضايا الإعدام بالكامل إلا القليل المتعلق بالقصاص”.
ووصف العودة ما أقدمت عليه السلطات بالسعودية بـ”المجزرة التي لم تحصل من قبل في تاريخ الجزيرة العربية ولا العالم العربي”.
ورأى العودة أنها “رسالة دموية للعالم بأن بشار الأسد الذي يقصف بالبراميل المتفجرة والسيسي الذي قتل الآلاف في رابعة والمجرمين عبر التاريخ لا يختلفون أبدًا عن هذا المعتوه المختل نفسيا في قصر العوجا بالرياض، الذي يعتقد أنه بهذه الطريقة يستطيع أن يجعل العالم يستمع له أكثر ويطيعه ويهابه”.
وأضاف “هذه رسالة شخص يائس افتقد كل موازين القوى وكان يظن أن بإمكانه عبر حملات الدعاية والإعلام ترقيع باقي سمعته الملطخة بالدماء”.
وتابع “اعتقد أنه عن طريق شراء مجلات وأندية رياضية يستطيع غسل الجرائم التي ارتكبها سواء في اليمن أو اتجاه العلماء والدعاة وتجاه الناشطات وجمال خاشقجي والإعدامات الجماعية”.
وأشار إلى أن بن سلمان استخدم التوقيت الحالي للإعدام لسببين مهمين، هما “انشغال العالم بأوكرانيا وظنه أن ذلك يعطيه نوعًا من الغطاء الخارجي، في وقت يرسل رسالة للشعب بأنني سأقتلكم ولن أتردد في استخدام العنف والإرهاب لإيصال الرسالة”.
وقال إن السبب الآخر هو “استخدم التوقيت لمحاولة الاستفادة من أسعار النفط المرتفعة ليقول إن الإعدامات لن تثني العالم عن المجيء إليّ لطلب إنزال أسعار النفط ورفع الإنتاج”.
وأضاف “يقول بن سلمان باختصار إنني أتعامل بمنطق القتل والتشريد وتقطيع الأوصال والتحرش بالفتيات في السجون والمطالبة بإعدام العلماء، وأنجو من ذلك لأن العالم يحتاجني”.
وأكد أن مهمة الحقوقيين هي عدم السماح بمرور هذه الفعلة الشنيعة مرور الكرام، والنظر للجريمة على أنها “لحظة مهمة لتسليط الضوء على كمية الدموية والإرهاب التي يمارسها بن سلمان”.
ولفت إلى “كمية الدعاية المخيفة التي نشرتها الصحف ومواقع التواصل والذباب الإلكتروني بأن هؤلاء كلهم قتلة مجرمون ومن يدافع عنهم يشرعن الإرهاب”، مضيفًا “نحن نعلم من يشرعن الإرهاب”.
وتابع “منذ مجيء بن سلمان قال إنه سيقضي على الإرهاب الآن وفورًا، وهو يقصد الفكر الإصلاحي، لكن بعدها بسنة قال قضينا على الإرهاب وفعلنا ما لم تستطيع الدولة فعله خلال 30 سنة”.
وأكمل “في 2022 لماذا تقتلون 81 شخصًا بتهمة الإرهاب، من أين خرج كل هؤلاء، فإما أنهم ليسوا إرهابيين بالفعل، أو أنهم إرهابيون بالفعل، وبالتالي أنت تكذب في الحالتين، لأنك تحدثت عن القضاء على الإرهاب”.
ونبّه العودة إلى أنه “عند الرجوع للحوادث ومراجعة بيان الداخلية، فإن بعض هذه الأحداث معروف وأعلنت عنه الحكومة، لكن أكثرها لم يذكر أبدًا في أي وسائل إعلام ولا تواصل اجتماعي ولا أي مكان، وهذا شيء مثير للدهشة ومنساق مع الرواية الرسمية لمحمد بن سلمان”.
وأضاف “لماذا لم تغطّ في وقتها إذا كانت حصلت بالفعل، ولماذا لم يتحدث عنها الإعلام، أو أنك اختلقت هذه الأحداث لقتل الناس الأبرياء”.
أما عضو الحزب عبد الله الجريوي فقال إن بن سلمان تحدث عن إلغاء جميع أحكام الإعدام باستثناء من قتل نفسًا، في وقت أن اتهامات السلطة نفسها في بيان الإعدامات يؤكد أن جزءًا كبيرًا من الذين أُعدموا لم يقتلوا أي نفس، “وهذا تناقض كبير بين تصريحات بن سلمان وما قامت به السلطات”.
ولفت إلى أن “عدد عمليات القتل الأخيرة تجاوز عدد الإعدامات خلال عام 2021 بأكمله، وهي أكبر عملية إعدام حدثت في يوم واحد في تاريخ الدولة السعودية الثالثة”.
وأضاف “قد يكون بن سلمان استغل التوقيت وانشغال العالم بالأحداث الجارية، لكن يجب علينا كشف التناقض بين أقوال بن سلمان وأفعاله”.
أما رامي عبده رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقال: “كنا نعتقد أن حادثة اغتيال خاشقجي ربما تكون صادمة من حيث البلاهة في تنفيذها وإخراجها وكأن أنظمة في القرون الوسطى تستخدم وسائل مفضوحة هي من نفذتها”.
وأضاف “مع تكرار عمليات الإعدام بهذا الشكل واضح جدًا أن هناك من يقول إن السعودية لديها مخزون من الرؤوس يتم استحضارها لإعدامها وقت ما يريد القرار السياسي”.
وأشار لوجود “سيناريوهات مكشوفة تنبئ بحدث كبير يتم فيه إعدام عدد كبير من الناس في السعودية، كالإفراج عن رائف بدوي، والتهيئة عبر الذباب الإلكتروني، واستغلال ظروف سياسية وتمرير بعض التقارير الإعلامية التي تتحدث عن الأنا؛ من أجل تنفيذ الإعدامات”.
وأكد أننا “أمام مشهد مكشوف ومفضوح يستطيع أي شخص عادي غير ملم بشؤون المملكة أن يتنبأ به”.
وأضاف “هذا مشهد يسيء بالدرجة الأولى إلى السعودية، ويعكس أن هناك نوعًا من اللامبالاة بقيمة الإنسان”.
ودعا عبده لضرورة أن يكون هناك تفاعلًا دائمًا وحقيقيًا مع قضية الإعدامات السياسية، ولاسيما بعد ثبوت استخدامها لصالح تنفيذ أهداف السلطات.
ولفت إلى أن “عمليات الإخراج الإعلامي لهذه الجريمة مبتذلة، إذ يتم الحديث عن أصحاب الفكر الضال”، متسائلًا: هل يمكن إعدام كل ما يخالف فكر السلطات؟”.