شدوى الصلاح
تتحدث العديد من التقارير الدولية عن وجود علاقات سرية وثيقة بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي منذ وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في يونيو/ حزيران 2017، تحت ذرائع مختلفة، قائمة على التعاون الأمني بشكل أساس.
ورأى مراقبون أن هذه المعلومات إلى جانب تطبيع بعض الدول الخليجية الحليفة للمملكة مثل الإمارات والبحرين علاقتها رسمياً مع إسرائيل، وافتتاح البحرين سفارة لها في تل أبيب قبل أيام، دلالات على اقتراب التطبيع العلني بين الكيان الإسرائيلي والمملكة.
وتعالت الأصوات المنددة بشن السلطات السعودية حملة اعتقالات واسعة طالت فلسطينيين مقيمين بالمملكة، بينهم أحد قادة حركة حماس، وممثلها في المملكة الدكتور محمد صالح الخضري ونجله هاني، وتعرضهم لانتهاكات حقوقية وإنسانية داخل محبسهم.
كل ذلك وغيره من مستجدات على الساحة السياسية دفع “الرأي الآخر” لمحاورة الناشط السياسي والأكاديمي الفلسطيني الدكتور عزام التميمي، لتحليل الأحداث وشرح المشهد الحالي وتفسير ما يدور في البيت الخليجي بشأن مسار العلاقة مع الكيان الإسرائيلي.
نص الحوار:
بداية، كيف ترى إعلان البحرين فتح سفارة لها في الكيان الإسرائيلي؟
مؤسف ومخزي، وإن كان متوقعاً، لأن هذا من الخطوات التي تم الاتفاق عليها في اتفاقيات أبراهام بين إسرائيل من جهة والإمارات والبحرين من جهة أخرى.
هل مكنت الأنظمة الخليجية الاحتلال الإسرائيل من وضع موطئ قدم له في الخليج؟ وكيف يمكن محاسبتها على ذلك؟
بالتأكيد، ما حققته البحرين والإمارات لإسرائيل كان حلماً يراود الصهاينة لم يظن كثير من الإسرائيليين أنه قابل للتحقيق.
ولا أحد يملك محاسبة هذه الأنظمة إلا شعوبها، ولربما يأتي اليوم الذي نرى فيه هذه الشعوب تهب ساخطة على حكام لا يمثلونها ولا يخدمون مصالحها.
لماذا يحرص الاحتلال الإسرائيلي على إبراز تعاونه العلني مع الخليج؟
الصهاينة بحاجة باستمرار إلى ما يتفاخرون به أمام أنصارهم، وفي نفس الوقت مثل هذه الانتصارات تستخدم لإقناع مزيد من الدول حول العالم بالتوقيع على معاهدات لإنهاء مقاطعتها للكيان الصهيوني، ونتنياهو بالذات كان يريد مثل هذه الانتصار حتى يعزز من موقعه المتقلقل داخل المنظومة الصهيونية وخاصة أن محاكمات بالفساد تنتظره.
هل ما يحدث من بعض دول الخليج مقدمات لتطبيع باقي الدول علنياً وعلى رأسها السعودية؟
ما بثته وسائل الإعلام الصهيونية يؤكد أن السعودية في عهد محمد بن سلمان وطدت علاقاتها بشكل قوي مع الكيان الصهيوني، كما تحدثت تقاريرها عن زيارات قام به “بن سلمان” إلى الكيان الصهيوني وزيارات قام بها نتنياهو إلى السعودية.
يبدو لي أن الموضوع مسألة وقت، ولا أدل على ذلك من أن البحرين تابعة للسعودية وما كانت لتقدم على التطبيع لولا موافقة السعودية ورضاها.
كما يمكن أن نستدل بفتح السعودية مجالها الجوي أمام الطائرات التي تقوم برحلات بين دول الخليج ومطار بن غوريون.
برأيك لماذا تتردد السعودية في إظهار أي تعاون مع الكيان الإسرائيلي رغم ما تكشفه التقارير عن تطبيع خفي، وما تتضمنه التصريحات الرسمية من اتجاهها نحو التطبيع العلني؟
لربما لم يزل محمد بن سلمان تساوره الشكوك حول مدى تمكنه من الدولة السعودية، ولذلك فهو يؤجل هذه الخطوة لحين ما يراه مناسباً من الظروف، ولربما يرغب في مقايضة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض على ذلك، لأن بايدن لا يكن له مشاعر ودية على الإطلاق.
إذ كان الكيان الإسرائيلي احتلال استيطاني عنصري.. لماذا تسعى دول الخليج للتطبيع معه؟
لأن حكام الدول التي مضت في التطبيع لا يرون الكيان الصهيوني كما يراه ضحاياه، كل ما يهم حكام هذه الدول هو تعزيز سلطاتهم، وهم مقتنعون بأن تحالفهم مع الكيان ضد الشعوب هو الذي سينقذهم، وخاصة في ضوء تجربة ثورات الربيع العربي.
هل تتفق مع من يقولون إن الدول المطبعة والمتحالفة مع الكيان الإسرائيلي لم تستفيد من ذلك حتى الآن؟
أظن أن ثمة منافع اقتصادية للنخب الحاكمة، ولكن بالدرجة الأولى الاستفادة أمنية وعسكرية، وهي استفادة لا تعود بالخير على الشعوب.
لتتمكن الدول المطبعة من تمرير تطبيعها عمدت إلى استخدام نخب خليجية في شيطنة الفلسطينين وتلميع الاحتلال،كيف تقرأ ذلك؟
هناك عملاء للأنظمة المطبعة يروجون من الأفكار ما يخدم سياساتها، وهؤلاء باتوا يعرفون بالذباب الإلكتروني، أما عامة الناس في الخليج فهم مغلوب على أمرهم، في ظاهرهم يسمعون ويطيعون، ولكني على يقين أنهم في قرارة أنفسهم ساخطون.
اعتقلت السعودية شخصيات فلسطينية بارزة كانت تتخذ المملكة موطناً لها أبرزهم الدكتور محمد الخضر وغيره.. لماذا برأيك؟
الأغلب أن اعتقال الدكتور محمد الخضري وإخوانه هو من باب التقرب من الكيان الصهيوني، وفي مؤشر على دخول المملكة في حقبة جديدة تناقض ما كانت عليه أحوالها من قبل، ألا وهي حقبة التحالف مع الكيان ضد القضية الفلسطينية.