قال مصدران مقربان من المحادثات ومسؤول من جماعة الحوثي إن الأطراف المتحاربة في اليمن تعمل على وضع شروط لاتفاق سلام يخرج السعودية من حرب مكلفة ويساعد في تخفيف أزمة إنسانية مدمرة.
وقالت المصادر إن المحادثات بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين تركز على خطوات لرفع الحصار عن الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون ومطار صنعاء مقابل وعد من الجماعة المتحالفة مع إيران بإجراء محادثات هدنة.
وقالوا إن زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي تعهد لوفد عماني زار صنعاء هذا الشهر الدخول في مناقشات لوقف إطلاق النار فور رفع الحصار تماشيا مع الاقتراح الأخير من مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث.
وتدخل التحالف في اليمن في مارس / آذار 2015 بعد أن أطاح الحوثيون بالحكومة المعترف بها دولياً من العاصمة صنعاء.
وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين ودفعت بالبلاد إلى حافة المجاعة.
ويهاجم الحوثيون البنية التحتية السعودية بطائرات مسيرة مسلحة وصواريخ باليستية.
وقال أحد المصادر إن الرياض منفتحة على اتفاق لكنها “ستحتاج إلى بعض الضمانات الإضافية من عمان وإيران”، وكلاهما لهما علاقات وثيقة مع الحوثيين.
وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون ذلك أول اختراق في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب منذ أن عقدت محادثات السلام المتوقفة آخر مرة في السويد في ديسمبر 2018، كما ستمنح إدارة جو بايدن فوزًا في السياسة الخارجية وتخفف التوترات بين السعودية شبه الجزيرة العربية وإيران.
وزار المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ وجريفيث الرياض الأسبوع الماضي حيث التقيا بمسؤولين سعوديين ويمنيين وعمانيين للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق.
وقال كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام لرويترز إن الجماعة تريد ضمان إعادة فتح الوصول إلى مطار صنعاء وموانئ الحديدة “دون شروط مستحيلة أو إجراءات أخرى من شأنها إعادة الحصار بأشكال أخرى”.
وقال: “بعد ذلك سنناقش وقفا شاملا لإطلاق النار يجب أن يكون وقفا حقيقيا للقتال وليس هدنة هشة ويشمل خروج القوى الأجنبية من اليمن لتسهيل المفاوضات السياسية”، مضيفًا أن “توقيت انسحاب القوات الأجنبية سيكون خاضعا للتفاوض”.
وتريد السعودية، التي بدأت محادثات مباشرة مع عدوتها إيران في أبريل/ نيسان، ضمانات أمنية لأن حدودها الطويلة مع اليمن تجعل المملكة عرضة للاضطرابات في الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية.
وقد تحتاج الرياض أيضًا إلى الحفاظ على بعض الوجود العسكري في اليمن، لا سيما في الجنوب حيث تخوض الحكومة المدعومة من السعودية وجماعة انفصالية صراعًا على السلطة على الرغم من كونهما حليفين اسميين في ظل التحالف.
وقالت المصادر إن من المتوقع إجراء مزيد من المحادثات بين المسؤولين العمانيين والسعوديين هذا الأسبوع.
وعمان، التي تشترك في حدودها مع اليمن وتتبع منذ فترة طويلة سياسة خارجية محايدة في النزاعات الإقليمية، تستضيف العديد من قادة الحوثيين وأعطت ثقلها كميسر إقليمي للمفاوضات.
ومن شأن اتفاق لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد أن ينهي أكثر جوانب الحرب عنفًا، وهي الضربات الجوية للتحالف على اليمن وهجمات الحوثيين عبر الحدود على السعودية والقتال في مأرب الغنية بالغاز، آخر معقل للحكومة المعترف بها في الشمال.
وهذا من شأنه أن يمهد الطريق لمفاوضات سياسية بشأن حكومة انتقالية، لكن العملية قد تكون شاقة لأن الحرب ولدت صراعات موازية بين العديد من زعماء القبائل وأمراء الحرب الذين بنوا ميليشيات قوية ومستقلة.
ولا يزال المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، الذي دربته الإمارات وسلحته، يدفع باتجاه استقلال الجنوب على الرغم من اتفاق تقاسم السلطة الهش الذي توسطت فيه السعودية بينه وبين الحكومة المدعومة من السعودية.
وسترحب الرياض، حيث زاد الإنفاق العسكري بمليارات الدولارات خلال السنوات الماضية، بالخروج من الحرب التي انسحبت منها أبوظبي في 2019 وسط انتقادات غربية متزايدة وتوتر متزايد مع إيران.
واتخذ بايدن موقفًا أكثر صرامة ضد السعودية، وتريد المملكة إدارة هذه العلاقة والتركيز على جذب الاستثمار الاقتصادي لأنها تبتعد عن اعتمادها على النفط.
وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشنطن: “لقد تم الضغط على السعوديين على ظهرهم ولم يعد لديهم طموح إلى الأمام في اليمن”.
وأضافت “إنهم بحاجة إلى خط الأساس: اتفاق قابل للتنفيذ لإنهاء صواريخ الحوثيين وتوغلاتهم في الأراضي السعودية، وبعض التأكيد على استقلال اليمن عن طهران”.