شدوى الصلاح
“آلاء الصديق” لا زال اسمها يتردد لليوم الرابع على التوالي منذ وفاتها في حادث سير في لندن السبت 20 يونيو/حزيران 2021، بين جموع العاملين في المجال الحقوقي والإنساني وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.
ويواصل الجميع رثاءها والحديث عن مسيرتها الحقوقية، وعنها كجبهة نضال حقوقية أعلت كلمة الحق وفضحت انتهاكات حقوق الإنسان في بلادها وفي باقي الدول العربية، وكشفت الممارسات الوحشية للأنظمة الديكتاتورية ضد معتقلي الرأي.
كانت آلاء المدير التنفيذي لمنظمة القسط الحقوقية، وقبلها تولت إدارة ديوان لندن، وتبنت الدفاع عن والدها محمد الصديق المعتقل بسجون الإمارات منذ عام 2012، ضمن ما يعرف بقضية “جمعية الإصلاح”، ولم تسمع صوته منذ 2013، وعرفت بأنها رمزاً للحراك الحقوقي الإماراتي.
وتطرق ذاكروا آلاء إلى شجاعتها وشغفها بالحرية والإنسانية والعلم والمعرفة، وأعادوا نشر تغريداتها القديمة وتدويناتها، أبرزها تدوينة كتبها في مدونتها عام 2007 وهي ابنة 19 عاماً تقول فيها إن “هدفها من الحياة أن تستعد للموت!”.
وتحدثوا عن اغترابها قسراً بعدما ضيقت السلطات الإماراتية عليها وعلى عائلتها ومنعوا تجديد جواز سفرها وألغوا جنسيتها، فهاجرت من وطنها، ومنذ خرجت كانت صوتاً لوالدها ولجميع معتقلي الرأي في الإمارات وفي كل مكان.
منظمة القسط لحقوق الإنسان نشرت بيانًا للتعزية في الفقيدة وأشارت إلى عدم وجود شبهة جنائية في حادث وفاتها، وتحدثت في بيانها عن متابعتها للحادث مع الشرطة والحكومة والجهات المختصة في بريطانيا.
وقالت إن الشرطة ستنشر نتائج التحقيقات فور الانتهاء منها، إلا أن البعض شكك في الأمر، وقالوا إن الحادث مدبر وتم اغتيالها.
وبسؤال مسؤولين في القسط، أعربوا عن رفضهم في التشكيك فيما أعلنته المنظمة وما تقوله الشرطة، وأكدوا أن الحديث عن أن آلاء كانت تعتزم العودة للإمارات حديث عار عن الصح، وتوظيف سياسي رخيص لحادث إنساني مؤلم.
وأوضحوا في حديثهم مع “الرأي الآخر”، أن آلاء كانت جزء أصيل وهام في المنظمة ومديرة متفانية كانت تعمل في المنظمة كأسرة لها، كما كانت تعمل في داخل المكتب على مبادرات وأنشطة أخرى كان بعضها انطلق للتو أو على وشك الانطلاق.
وأفاد المسؤولون بالقسط بأن آلاء كانت تحتفل في المكتب بميلادها قبل يوم واحد من وفاتها، مشيرين إلى أنهم تواصلوا بالشرطة والمستشفى والشهود وكل الجهات المعنية، وتهتم بالقضية بشكل خاص كون آلاء كانت جزء هام في هذه الأسرة.
وقال مسؤولون في المنظمة: “ليذهب المشككون للشرطة البريطانية وللقانون بدل نشر الشائعات والمتاجرة السياسية بحادث مؤلم فقدنا فيه شخص لا يمكن نسيانه”، مستنكرين تعاملهم مع القضية بعدم احترام لحرمة الميت ونفسية ذويه وأقاربه وأصدقاءه، وتعاملهم مع القضية بشكل توظيف سياسي صرف دون إحساس أخلاقي أو إنساني.
وبسؤال يحيى عسيري عن آلاء، قال أن آلاء شاركته أغلب أعماله منذ وصلت لندن، وكانت قبل أيام من وفاتها تحتفل مع زملائها بذكرى ميلادها، مؤكداً أنه تحرك فور وصوله خبر وفاتها ولم ينشر أي خبر إلا بعدما زار مكان الحادث ورأى التحقيق والتقى بالشهود.
وأوضح أنه التقى بالشرطة والشهود وبالمصابين بالمستشفى ضمن الحادث، واستمع لشهادات الشهود، مؤكداً أن الشرطة البريطانية أخبرته بقناعتها بعدم وجود شبهة جنائية ومع ذلك فإن الاتفاق مع الشرطة في أن يستمر التحقيق.
وتابع عسيري: “عندما صرحنا بعدم وجود شبهة جنائية لم يكن الهدف إغلاق الملف ولن يغلق بهذا الشكل ولكن كان الهدف تطمين محبين آلاء لأنهم كانوا في حالة قلق وغضب في حال كانت مستهدفة، والتعامل مع الحزن على فقدها بالدعاء أو عمل مشاريع خيرية لها وما إلى ذلك”.
واستطرد: “الوضع كان سيختلف في حال الشبهة الجنائية، كما فعلنا مع الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي تم اغتياله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول أكتوبر/تشرين الأول 2018”.
وقال عسيري: ”آلاء أقرب لي من جمال فقد التقيته مرات قليلة، ولا يقارن بآلاء التي تشاركني أعمالي، ولن ندع قضية فيها شبهة مهما كانت العقبات، دافعنا عن جمال في كل مكان، وآلاء كانت تدير عدد من الأعمال والمبادرات ولا يمكن لأحد أن يوقف أي تحقيق فيما لو كان لدينا أي شبهات”.