شدوى الصلاح
قال رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالسعودية علي الدبيسي، إن إصرار الحكومة السعودية على استخدام عقوبة الإعدام ينسجم مع رغبتها الدائمة في إبقاء البلاد تحت وطأة الترهيب والرعب وبث الخوف، مشيراً إلى أن هذا أقصى ما يمكن أن تحققه في مجمل عقوباتها التعسفية.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن الحكومة السعودية ترى أن عقوبة الإعدام توفر لها رادع يمنع الناس من المطالبة بحقوقهم، ويحجم الحراك المدني، خاصة بعدما توسعت في استخدامها لتطال السلميين منذ 2016 وحتى اليوم.
واستنكر الدبيسي، تطبيق عقوبة الإعدام على الشيخ نمر النمر رحمه الله، وتهديد الشيخ سلمان العودة وحسن فرحان المالكي بها الآن، رغم أنهما أصحاب رأي سلمي بحت، بالإضافة إلى شباب وقاصرون تهمتهم الرئيسية تتعلق بالمظاهرات وغيرها.
وأكد أن الحكومة السعودية ترى أن عقوبة الإعدام توفر لها عامل ردع كافي في ظل عدم وجود إصلاحات حقيقة، لأنها تحتاج لمثل هذا الردع والرعب الكبير الذي يوفره الإعدام القادر على غرسه في نفوس الشعب.
وفسر الدبيسي، تجاهل النظام السعودي لكل الدعوات والتحركات الحقوقية المطالبة بوقف الإعدامات، بأن الحكومة السعودية لا تلتزم بالقانون ولا تحترمه هو والقيم الأخرى سواء إسلامية أو قانونية، وبالتالي موقفها “غير مستغرب” لأنها تدور في مدار المصلحة السياسية.
وأضاف أن التحركات الحقوقية طالما لم تصل لمستوى الإلزام القانوني أو العقوبة السياسية وبقيت مجرد دعوات ومطالبات لا يعقبها أثر قانوني أو عقوبة سياسية، فإن استجابة الحكومة السعودية ستظل مرهونة بمصلحتها ورؤيتها السياسية وليس الشرعية أو القانونية أو القيمية.
ورفض رئيس المنظمة الأوروبية، توصيف الإجراءات التي أعلنها النظام السعودي بشأن ملف الإعدامات في 2020 بـ”الإصلاحات”، ووصفها بأنها “تغييرات مدفوعة برغبة سياسية لتخفيف بعض الملفات، بدليل معاودة الإعدامات للارتفاع في 2021.
وأوضح أن السلطة السعودية لم تحسم هذا الملف لأنها تريد الاستمرار في بث الرعب في أوساط المجتمع السعودي، مؤكداً أن ما فعلته هو “تكتيك” رأت أنها بحاجة لتنفيذه في عام 2020، وحين انتهت من غرضها منه عاودت الإعدامات بالصورة الاعتيادية.
وأشار الدبيسي، إلى أن الحكومة السعودية استخدمت أيضا “تكتيك” أخر، متمثل في استبدال الإعدامات الجماعية التي كانت تجلب لها انتقاد كبير بإعدامات فردية لتقليل الضجة المثارة حولها، لكن الممارسات في حقيقتها ما زالت كما هي.
وعن وعود ولي العهد محمد بن سلمان، بشأن ملف الإعدامات، قال: “بن سلمان أطلق وعود كثيرة خلال مسيرته السياسية، وليس جديداً ألا يفي، بل ينقلب عليها بأسوأ من السابق، وقد رأينا ذلك في ملفات عدة، لذلك لا يمكن التعويل على شخصية تتسم بالخداع والغدر”.
يشار إلى أن المنظومة الأوروبية قالت في تقرير لها بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الموافق 10 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، إن السعودية ضاعفت عدد أحكام الإعدام المنفذة، ولا زالت تهدد حياة العشرات، في ظل انعدام العدالة القضائية.
وأضافت أن السلطات السعودية لا زالت تستخدم هذه العقوبة ضد كافة فئات المجتمع بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفا، مثل النساء والعمال والعاملات المهاجرون، والأطفال، ولا يبدو أن هناك جدية كافية حاليا لتغيير ذلك.
وأشارت المنظمة إلى أن السعودية تحاول امتصاص حدة الانتقادات التي وجهت لها خلال السنوات السابقة، من خلال تغييرات في طريقة تطبيقها للعقوبة، بالانتقال من تنفيذ الإعدامات الجماعية كالتي حصلت في 2016 و 2019 إلى الإعدامات الفردية، والترويج لمعلومات مضللة وغير واقعية أمام الهيئات الدولية وبينها مجلس حقوق الإنسان.
وأكدت أن الحكومة السعودية تنتهك من خلال إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام التعسفية القوانين الدولية والتزاماتها، وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل، وتستمر بإصدار أحكام إعدام بحق قاصرين وعلى الرغم من مزاعم التعذيب.