شدوى الصلاح
طالب معارضون إماراتيون في الذكرى الـ52 لميلاد الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور، المعتقل في سجون الإمارات منذ مارس/آذار 2017، السلطات الإماراتية بإطلاق سراحه وسراح كافة المعتقلين.
وبحسب تقارير حقوقية، عاش منصور ظروف احتجاز بغيضة، منها الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى والحرمان من حقوقه الأساسية كسجين، وذلك لوقوفه بشجاعة في وجه حكومته التعسفية مطالباً إياها باحترام حقوق الإنسان.
المعارضون عددوا لـ”الرأي الآخر”، الانتهاكات الحقوقية الخطيرة التي يتعرض لها منصور داخل محبسه وتنكيل النظام به، مذكرين بمواقفه ونضاله في مجال حقوق الإنسان، ودفاعه عن حرية الرأي والتعبير، وصموده في وجه السلطة، وإصراره على كشف انتهاكاتها وتجاوزتها وقمعها للمعتقلين والمعتقلات.
وأجمعوا على أن السلطات الإماراتية فضحت نفسها بتنكيلها بمنصور، وفضحت سياستها في ترهيب منتقديها وإسكاتهم بكافة الوسائل غير المشروعة، كما كانت طريقتها في التعامل مع منصور فاضحة لكل ما يحدث داخل السجون من قمع للمعتقلين وإجحاف لحقوقهم.
أحمد منصور هو عضو في المجالس الاستشارية لمركز الخليج لحقوق الإنسان وقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، فاز بجائزة مارتن إينالز للمدافعين عن حقوق الإنسان في عام 2015.
وبحسب منظمة القسط الحقوقية فإن منصور منذ اعتقاله للمرة الثانية في مارس/آذار 2017، تم احتجازه في الحبس الانفرادي في زنزانة 4 × 4 متر بلا سرير أو مرتبة في سجن الصدر بأبو ظبي.
حُكم على منصور بالسجن لمدة 10 سنوات في مايو/أيار 2018، واحتجاجاً على الوضع، دخل في إضرابين عن الطعام في مارس/آذار وسبتمبر/أيلول 2019، مما أثر بشدة على صحته، وتدهورت حالته الصحية بسبب حرمانه من الرعاية الطبية الكافية.
بدوره، هنأ الإعلامي الإماراتي المعارض أحمد الشيبة النعيمي، منصور بعيد ميلاده وتمنى له الخير، مشيراً إلى أنه قدم زهرة شبابه لوطنه ومجتمعه، ووقف أمام الظلم والاستبداد ونادى بحقوق الإنسان وطالب بالحقوق السياسية لشعبه، وكان يعلم أن ثمن ذلك غالٍ، لكنه قرر دفع ذلك الزمن بكل عزيمة.
وأضاف أن منصور الذي يتعرض الآن لصنوف التعذيب في سجنه الانفرادي، يعد نموذج للشاب الإماراتي المخلص لوطنه ومجتمعه، موجهاً رسالة لحكومة الإمارات التي أمعنت في إيذاء أبناء الوطن وأسرهم فقط لإنهم طالبوا بحقوقهم: “أنكم تخسرون أبناءكم الذين هم محبون لأوطانهم مخلصون لها وما تفعلوه إنما هو جريمة في حق الوطن”.
وحذر النعيمي، في رسالته الحكومة الإماراتية قائلاً إن ما تفعلوه من بث الكراهية في المجتمع سينقلب عليكم عاجلا أم آجلاً، عليكم العودة إلى الصواب وإطلاق سراح أحمد منصور وكل معتقلي الرأي في الإمارات، فذلك خير للجميع وخاصة الوطن الذي خسر أبناءه المخلصين المتميزين”.
فيما أكد المستشار القضائي الإماراتي السابق محمد بن صقر، أن منصور لم يسرق ولم يقتل ولم يختلس ولم يروع الآمنين ولم يتآمر على الوطن ولم يخنه مع الخائنين، إنما كانت جريمته عند السلطة المستبدة أنه قال كلمة حق عند سلطان جائر، وفضح ما تحاول حكومة الإمارات وحكامها إخفاؤه من جرائم ترتكب ضد الأبرياء الذين يقبعون داخل السجون والأبرياء الذين يقبعون داخل الوطن المسجون.
وقال إن يوم ميلاد أحمد يمر لرابع سنة وهو ما زال في حبس انفرادي معاقب منذ اعتقاله ومحروم من الفراش والدواء وأبسط الحاجات الأساسية، وتحاول سلطات الإمارات الأمنية أن تكسر عزيمته وتعاقبه على كشف وجهها الحقيقي أمام العالم بأنها سلطة غير واثقة من نفسها ومهزوزة بكلمة حق يقولها إنسان مسالم أعزل.
وأشار صقر، إلى أن منصور كشف أن السلطات غير متسامحة كما تصور نفسها، ومحاربة لكل من يطالب بحقه وعاجزة من أن تسوق لنفسها كذباً بأنها واحة أمان رغم الملايين التي تنفقها، قائلاً إن الناس ستتذكر منصور كل يوم وكل عام حتى يفرج عنه مرفوع الرأس لمقاومته الظلم، كما سيتذكر الناس كذلك الظالم الذي أودعه السجن وعذبه في خانة من ظلم وتجبر ثم زال كما زال غيره من الطغاة.
ومن جانبه، ذكر المعارض الإماراتي حميد النعيمي، بأن منصور، بعد اعتقاله الأول عام 2011 سئل عند خروجه من السجن: “هل ستتوقف عن نشاطك في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان؟، فأجاب: “لدي الآن المزيد من الأسباب، لمواصلة عملي في مجال حقوق الإنسان، بعد أن مررت بنفسي بهذه التجربة، الآن لن أستمع إلى قصص الآخرين فحسب، بل لدي قصتي أيضا”.
وأضاف: “هنا رجل المبدأ يتحدث والمعدن الأصيل يتجلى، هنا الحقوقي المهندس الشاعر والمدافع الأخير عن حقوق الإنسان أحمد منصور، الضوء الأخير في نفق الانتهاكات المظلم في دولة وصلت المريخ لكنها لم تصل للإنسان الذي دافع عنه منصور كي يحيا بكرامة وحرية وعدالة كاملة وليست انتقائية”.
واستنكر النعيمي، أن كل جريرة منصور كانت أنه ناضل لكشف الانتهاكات المخفية تحت الأرض، المزدحمة بالشاهقات من المباني وناطحات السحاب، لافتاً إلى أن منصور ناضل بكل الوسائل ليتصل الصوت المخترق في الإمارات إلى العالم، وشهد له العالم أن نضاله الشريف هو جريمته في الإمارات.
وذكر بقول مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن “منصور تعرض للانتقام والترهيب بسبب تعاونه مع الأمم المتحدة”، مشيراً إلى قول منظمة العفو الدولية إن “اضطهاد منصور هو مسمار آخر في نعش نشاط حقوق الإنسان في الإمارات”.
ورأى النعيمي، أن ما تعرض له منصور من صنوف العذاب والانتهاكات إثبات ودليل قاطع على الفظائع التي تحدث في السجون السرية، متطرقاً إلى شهادة منصور الموثقة التي قال فيها: “أسوأ ما حدث لي هو أنني لم أستطع الحصول على العلاج بعد إصابتي بمرض جلدي، شعرت بالحكة في جسدي بالكامل ولم أستطع النوم ليلًا أو نهارًا، كنت أكتب رسالة تلو الأخرى أطلب أن أرى طبيب الأمراض الجلدية، لكنهم لم يسمحوا لي برؤيته”.
ولفت إلى أن اعتقال منصور الأول كان قصة آلامٍ لا تنتهي، قائلاً إن في عام 2011، سُرقت سيارته الشخصية من مبنى النيابة العامة في أبوظبي، وسرقت أمواله من حسابه في البنك، واعتُدي عليه جسدياً باللكمات في حرم الجامعة ، وكان منصور مستهدف في كل حياته وكانت جهاز الأمن مطلق الصلاحيات في فعل أي جريمة في حقه.
وأضاف النعيمي، أن مع هذا الرجل الذي لا يتزحزح عن مبادئه في الدفاع عن حقوق الإنسان، أصبح خيار السلطة الوحيد أن يسجنوه، فسجنوا جسده لكن مواقفه وكلماته ما زالت قصة تحكي لنا ثباتاً أسطورياً، وحتماً سينتصر ويخرج ومعه كل سجناء الرأي، متمنياً أن يكون مع أحبابه وأصدقائه في ذكرى ميلاده القادم.