في الوقت الحالي، تحاول كافة الأطراف بما في ذلك الرئيس الأمريكي توجيه السياسة النفطية السعودية. ولسوء حظ السعودية، يدعو العديد من السياسيين والعلماء ونشطاء المناخ المملكة لوقف الاستثمار في طاقة إنتاجية إضافية للنفط، بينما في الوقت نفسه، يدعو السياسيون والاقتصاديون ونشطاء المستهلكون إلى زيادة الإنتاج.
ويتضح هذا من خلال العناوين الرئيسية المتناقضة: “السعوديون يقاومون الدعوات بقطع الاستثمارات النفطية” ودعوات أخرى كالبيت الأبيض تطالب أوبك لزيادة إنتاج النفط مع ارتفاع أسعار البنزين، رداً على ذلك، أعلن السعوديون عن خطة لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2060، لكن على المدى القريب، اختاروا عدم زيادة الإنتاج بما يتجاوز ما تم الاتفاق عليه بالفعل مع زملائهم في أوبك +.
وقال تقرير لمجلة “فوربس” إن هذا يذكرنا بزيارة وزير الطاقة الأمريكي جيمس شليزنجر في عام 1978، الذي أوضح للسعوديين أن النفط الموجود في الأرض يستحق أكثر من الأموال الموجودة في البنك، وفي نفس الوقت كان يدعوهم إلى الاستثمار في المزيد من الطاقة الإنتاجية. وبعبارة أخرى حثهم على السير في طريق ظنه غير حكيم، حيث لم يستجب السعوديون لطلبه، ولحسن حظهم، لأن الطلب على نفط أوبك انهار بعد ذلك بوقت قصير، عندما ضاعفت الثورة الإيرانية الأسعار ثلاث مرات ودفعت العالم إلى الركود.
ولم تكن النصيحة القائلة بضرورة ترك النفط في الأرض لأن قيمته ستزيد أكثر من الاستثمار المالي مثل أذون الخزانة جيدة جدًا؛ فقد فأسعار النفط على مدى أربع سنوات عندما كان التضخم في الولايات المتحدة مرتفعًا، وانخفض الدولار في القيمة، وبالتالي كانت عائدات سندات الخزانة ضعيفة بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
وعندما تكون أسعار النفط مرتفعة، يبدو الأمر كما لو أن الاحتفاظ بالنفط يوفر عائدًا جيدًا، خاصة إذا ما قورن بفترة انخفاض الأسعار: من عام 1998 إلى عام 2008، ارتفع السعر بنسبة 19.1٪ سنويًا فوق معدل التضخم. من عام 2010 إلى عام 2020، انخفض السعر بنسبة 8 ٪ سنويًا.
وحتى وقت قريب، استخدمت إدارة معلومات الطاقة افتراضًا مفاده أن أي طلب على النفط لا يمكن تلبيته من قبل بقية العالم ستتم تلبيته من قبل السعودية.
ومع ارتفاع الطلب العالمي على النفط، كان من المفترض أن الإنتاج السعودي سوف يحتاج إلى نمو هائل؛ وبدلاً من ذلك، فإن الحاجة إلى النفط من المملكة كانت أقل من التوقعات مرارًا وتكرارًا.
وليس من الواضح مقدار الأموال التي خسرتها السعودية في الاستثمار في السعة التي لم يتم استخدامها، ولكن على الرغم من أنهم بالكاد تعاملوا مع توقعات وزارة الطاقة على أنها موثوقة، إلا أنها كانت بالتأكيد في عشرات المليارات -وهي أموال لا شك أنهم يرغبون في الحصول عليها حاليا.
وتقول المجلة إن هذا يقودنا إلى الحاضر والحجة القائلة بأن الاستثمار في إنتاج النفط يجب أن يتوقف إذا تم تحقيق وقف الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم.
وحتى في حالة حدوث هذا السيناريو بعيد الاحتمال، فمن المرجح أن يعني استثمارًا أقل في صناعة النفط الخاصة وتحولًا في الإنتاج إلى الشرق الأوسط وروسيا. ومع ذلك، إذا قبل السعوديون وغيرهم من المنتجين في الشرق الأوسط سيناريو وقف الانبعاثات الكربونية وسمحوا لقدرتهم بالانخفاض، فمن المرجح أن يحافظ المنتجون الآخرون مثل روسيا على الإنتاج. لأنه، بعد كل شيء، الطلب لا يحركه العرض: إذا لم ينتج السعوديون أو إكسون أو أي شخص النفط، فلن يتأثر الاستهلاك إلا إذا لم ينتج أحد النفط وارتفعت الأسعار. والأرجح أن الحرب على إمدادات النفط ستكون ناجحة مثل الحرب على إمدادات المخدرات.
إذن ماذا يجب أن يفعل السعوديون؟ – تتساءل المجلة- بالتأكيد يجب عليهم تنويع اقتصادهم، فهذه دائمًا استراتيجية اقتصادية رابحة.