أثارت تصريحات الداعية المصري الذي برر العنف ضد المرأة حفيظة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ودفعت الناشطين إلى المطالبة بمنعه من الظهور في وسائل الإعلام.
فقد انتشر الوسم “قف_مبروك_عطية” في مصر خلال الأيام الماضية، حيث طالب مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بمنع الداعية الإسلامي الذي برر العنف ضد المرأة من الظهور في وسائل الإعلام.
حيث أثار الأستاذ في جامعة الأزهر، مبروك عطية، جدلاً واسعًا بسبب تصريحات أدلى بها يوم 21 أكتوبر خلال برنامج “يحدث في مصر” على قناة “إم بي سي مصر” لامرأة تعرضت للضرب والتعذيب على يد زوجها.
وقال إن المرأة تميل إلى المبالغة عندما يتعلق الأمر بالشكوى، ولن يلجأ أي رجل إلى هذه الدرجة من العنف إلا باستفزاز شديد، متهما الزوجات بجلب العنف الأسري على أنفسهن.
وشاركت مبادرة Speak Up، وهي مبادرة نسوية لدعم ضحايا العنف بجميع أشكاله، الفيديو على حسابها على تويتر وعلقت: “متى سيتوقف العنف ضد المرأة عن التبرير بشكل عرضي في وسائل الإعلام؟ أسوأ ما في الأمر أن هذا يحدث باسم الدين في وقت يكون فيه الدين أبعد ما يكون عن الترويج لمثل هذا الضرر. من المؤكد أن مضيف البرنامج أصيب بالصدمة، ولكن هناك آلاف التعليقات التي تشيد بالواعظ “.
وعلى الرغم من الرفض الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي، يؤيد الكثيرون الداعية.
وقالت أمل فهمي، مديرة مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي إن الوقت قد حان لمواجهة الخطاب الديني المحرض على العنف ضد المرأة والامتناع عن التسامح مع محاولات تبرير العنف، لا سيما بالنظر إلى تأثير رجال الدين على المجتمع.
وقالت إن النساء لم يعد بإمكانهن تحمل العنف الذي يتعرضن له في المنزل وفي الشارع، ناهيك عن القوانين الجائرة.
ولفتت إلى أن مثل هذه التعليقات من قبل الدعاة تترك بصماتها على الشباب وتعطي الرجال شعورًا بحقهم في ضرب وإهانة زوجاتهم، بل وحتى اغتصابهم أحيانًا باسم الدين.
وأشارت فهمي إلى أن مواجهة هؤلاء الدعاة ستظهر للمجتمع أنه ليس كل من يتحدث باسم سلطة معينة مؤهل للقيام بذلك أو قادر على التأثير في الناس.
ووفقًا لدراسة أجريت عام 2015 – بعنوان “مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي”، والتي نشرها المجلس القومي للمرأة، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وصندوق الأمم المتحدة للسكان – تجربة 5.6 مليون امرأة في مصر العنف على يد الزوج أو الخطيب سنويًا، في حين تتعرض نحو 200 ألف امرأة سنويًا لمضاعفات أثناء الحمل نتيجة العنف الأسري، وتعاني 2.4 مليون امرأة من نوع أو أكثر من الإصابات نتيجة لهذا النوع من العنف.
ووفقًا للدراسة أيضًا، فإن 46٪ من النساء المتزوجات سابقًا ممن تتراوح أعمارهن بين 16 و 64 عامًا تعرضن في مصر لشكل من أشكال العنف على أيدي أزواجهن خلال العام السابق للمسح (2014) ؛ قال 32٪ من المبحوثين أنهم تعرضوا للعنف الجسدي، بينما 12٪ تعرضوا للعنف الجنسي.
وقالت فهمي إن مصر ليس لديها قانون خاص بالعنف الأسري، فهذه الجرائم مشمولة بقانون العقوبات المصري بأوصاف مختلفة. قالت إنه إذا تقدمت الزوجة المعنفة بشكوى للجهات المختصة تفيد بضرب زوجها لها، فإن القضية تعامل على أنها شجار بين الطرفين ولا توصف بالعنف الأسري.
وشددت على ضرورة سن تشريعات شاملة لجميع جوانب العنف ضد المرأة – نفسيا وماديا – وليس جسديا فقط، وأضافت أن هناك حاجة إلى مدونة أخلاقية تمنع هؤلاء المحرضين على العنف من الظهور على أي نوع من المنصات الإعلامية.
وبحسب كتيب بعنوان “الإطار التشريعي الجنائي لأهم جرائم العنف ضد المرأة” الصادر عن المجلس القومي للمرأة عام 2020، فإن القانون المصري بفروعه المختلفة يخلو من تعريف شامل للعنف ضد المرأة، حيث يوجد لا يوجد تعريف محدد في قانون العقوبات أو القوانين الجنائية لجريمة معينة أو فصل خاص عن العنف ضد المرأة.
وأدرجت جميع أشكال العنف ضد المرأة في أحكام قانون العقوبات بأوصاف أو أسماء مختلفة حسب الكتيب.
من جهتها، نددت آمنة نصير، أستاذة الفكر الإسلامي والفلسفة بجامعة الأزهر، بتصريحات عطية وقالت إن الإسلام لا يبرر ضرب النساء بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف.