شدوى الصلاح
التردد في علم النفس، يكون ناجما عن شك في العقل أو شعور بالخوف.. وهو سلوك ظهر على أغلب كتابات الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، التي يدونها على حسابه بتويتر، ثم يتراجع ويحذفها.
أخر تلك التصرفات كان حذفه لتغريدة يتحدث فيها عن ارتكاب أحد سفراء الإمارات أخطاء خلال عمله كسفير، وتم استدعاؤه عاجلا واستبداله سريعا، ويخضع للتحقيق حاليا ولمحاكمة عادلة، وستعلن نتائج وتفاصيل القصة بشفافية في موعدها.
وأشار عبدالله، إلى أن ذلك أمر قد يحدث في أي مكان وزمان ولأي سفير يتجاوز صلاحياته الدبلوماسية، قائلا: “لا أحد فوق القانون، سفير أو خفير مدير أو أمير”.
التغريدة جاءت تعقيبا على أنباء طرد سفير الإمارات في القاهرة حمد سعيد الشامسي، بعد اتهامه بتهريب الآثار المصرية خارج البلاد، ورغم أن تلك الأنباء لم يتم نفيها أو تأكيدها رسميا، إلا أن سوابق أبو ظبي في نهب آثار اليمن جعلت الواقعة أقرب للتصديق.
ورافق تغريدة المستشار الإماراتي التي لم تبقى على حسابه سوى ساعات قليلة كغيرها من التغريدات الأخرى، هجوم واسع من اللجان الإلكترونية الأمنية والمحسوبين على النظام الإماراتي، اتهموه بالتضليل ونشر الشائعات، خاصة أنها تمثل اعترافا رسميا بالسرقة.
فيما ناله هجوم من قبل ناشطين آخرين رافضين تبريره، ووصفه تهريب سفير إماراتي للآثار المصرية بأنها، “خطأ”، مشيرين إلى أن سرقة الآثار تعد من الجرائم الجنائية الكبرى، وتمثل قضية أمن قومي.
الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل، فسر حذف عبدالله، تغريدته، لتلقيه أوامر عليا، مشيرا إلى أنه تعرض لهجوم حين نشر الخبر.
ولأن ديدن المستشار الإماراتي أن يتبع حذفه للتغريدة بتبرير لا يلقى قبولا لدي الناشطين، فقد قال عقب الحذف “مسحت التغريدة السابقة لأنها قد يساء فهمها ويتم استغلالها من أطراف تتصيد دائما في الماء العكر”.
سبق أن حذف عبدالله تغريدة كتبها إبان الأزمة الخليجية وحصار قطر الذي بدأ في يونيو/حزيران 2017، واستمر حتى يناير/كانون الثاني 2021، قزم بها الدور السعودي على حساب الترويج للدور الإماراتي، قائلا إن بلاده تحمل لواء المشروع النهضوي العربي.
وأضاف أن الإمارات تتصدي لقوى الفوضى والتطرف في المنطقة وتقف بوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاستعماري في ليبيا، وأوقفت زحف مشروع إيران التوسعي في اليمن، وتحمل هم أمة بأسرها من المحيط إلى الخليج.
تلك الكلمات حذفها أيضا وبرر قائلا: “خلال يومين وردتني ردود متشنجة من جهلة لا يدركون أني قضيت أسعد سنوات الطفولة بين أهلي بالسعودية، ولا أحد ينزع ذلك من قلبي، ولا يعرفون أني انتقد أحيانا مواقف الإمارات لكن لا انتقد مواقف السعودية”.
الثابت أن هذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها عبدالله، انتقادا بالتلميح إلى السعودية ثم يتراجع عنه بالحذف المعتاد، إذ قال في أغسطس/آب 2019، “لو أن حقل الشيبة النفطي لا يزال ضمن حدود الإمارات، لردعنا الحوثي ولعلم حجمه الحقيقي”.
التغريدة كتبها في أعقاب استهداف الحوثي لحقل الشيبة، وتحمل تلميحا لأحقية الإمارات بالحقل النفطي، رغم طي ملف النزاع الحدودي بين البلدين منذ اتفاق جدة 1974، وتشكيكا في الوقت ذاته بقدرة الجيش السعودي على حماية حدوده.
وفي أعقاب سياسة الفجر في الخصومة التي انتهجتها بلاده ضد تركيا منذ بداية ثورات الربيع العربي ودعم أنقرة لها، قبل أن تتحرك الشهر الماضي للانفتاح عليها، كتب عبدالله على حسابه بتويتر: “الإمارات لقنت تركيا الدرس الذي تستحق نيابة عن كل العرب الشرفاء”.
جاءت تغريدته في أعقاب استهداف طائرتين إحداهما حربية والأخرى مسيرة، لقاعدة الوطية الجوية غربي ليبيا في يوليو/تموز 2021، وهي التغريدة التي اعتبرها ناشطون اعترافا ضمنيا بتورط الإمارات في القصف، خاصة أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عنه.
وتدعم الإمارات وروسيا ومصر قوات اللواء الليبي المنقلب خليفة حفتر، فيما تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني.
وحذف عبدالله، أيضا تغريدة كتبها في مارس/آذار 2021، إبان إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، تراجعه عن زيارة الإمارات، قال فيها “انتهي شهر العسل بسبب حماقات الشريك الجديد”، والتي فسرت بأنها تلميحا لخلافات بين نتنياهو وبن زايد.
وبالعودة مرة أخرى لحصار قطر، فسبق أن طرح الأكاديمي الإماراتي استطلاع للرأي في الأسبوع الثاني من إعلان المقاطعة، يسأل متابعيه عن موقفهم من القرار، لتكون نتيجته رفض 65% من متابعيه للقرار، مما وضعه في حرج دفعه لحذف الاستطلاع.
وفي أعقاب الحديث عن محاولات ومساعي للمصالحة الخليجية، ورغبة السعودية في إنهاء الحصار، كتب عبدالله، في ديسمبر/كانون الأول 2020 إن قطار المصالحة الخليجية لن يتحرك مليمترا واحدا بدون علم وموافقة ومباركة الإمارات المسبقة، ثم حذفها.
وأكد ناشطون حينها، أن تغريدة عبدالله مهينة للسعودية، وتكشف طموح الإمارات في زعامة المنطقة حتى لو أزاحت السعودية.
وعد ناشطون حذف الأكاديمي الإماراتي لتغريدته بعد دقائق من نشرها “جبن وانسحاب تكتيكي”، وهو الوصف الذي ينعته به الناشطين دوما عقب تراجعه وحذفه لتغريداته بعد دقائق من كتابتها، أو على أحسن الظروف حذفها في اليوم التالي لكتابتها.
كما يطلق عليه الناشطون أوصاف عدة، منها “بوق الإمارات، وذراع بن زايد، والطبال، وغيرها من التوصيفات الأخرى، التي تعني في النهاية أنه ممثل للسلطة الإماراتية ولا يستطيع أن يحيد عنها، ولذلك يتراجع دوما عن كتاباته المثيرة للجدل.
وبعد كل مرة يحذف المستشار الإماراتي تغريداته، تكون تساؤلات المتابعين “هل تعرض لتنبيه أمني؟ هل جاءته أوامر عليا بالحذف؟ هل تعرض للتهديد بالاعتقال؟ هل خشي المحاسبة؟ هل لديه تعليمات بالتغريد والحذف للتمهيد للحدث الذي يغرد بشأنه؟”.
لكن مبررات عبدالله” دائما تكون أنه حذف التغريدة لأنها أثارت الكثير من الجدل واللغط، أو حتى لا يساء فهمها واستخدامها، أو لأنه جاءته ردود فعل فهمت خطأ، وما شابه ذلك من مبررات غير مقنعة للمتابعين وقارئ المشهد.