بينما تستمر الحكومة المصرية في التباهي بإصلاحات وإنجازات تراها وحدها، تبقى الكثير من الخدمات سيئة أو معدومة ، مع مزاعم زيادة السكان والفكر المتطرف التي تعلق عليهما حكومة السيسي أسباب تراجعها وفشلها.
وأصدرت الحكومة المصرية، اليوم الأربعاء، كتابا تزعم فيه إنجاز وتوثيق كافة المشروعات القومية التي أجرتها الدولة المصرية خلال فترة الـ 7 سنوات الماضية، وهي فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وادعى رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، إن الكتاب “نسخة تاريخية نستطيع أن نتباهى بها باعتبارها توثق مرحلة مهمة من العمل الجاد”، مضيفا أن الدولة نفذت مشاريع بالمليارات خدمت ملايين المصريين من كافة الفئات، بحسب صحيفة الأهرام.
وبينما حكومة الانقلاب العسكري تتغنى وتسجل الإنجازات التي لم يلمس منها المواطن شيئا على أرض الواقع، حيث يعاني من تردي الأوضاع في جميع القطاعات الصحية، والتعليمية وغيرها، نستعرض بعضا من ذاك التناقض بين ما تحتفي به حكومة السيسي وبين ما يفتقده المواطن من احتياجات رئيسية.
وفيما يخص المنظومة الصحية، تشهد المستشفيات الحكومية انهيارا وفقرا في الخدمات الطبية المقدمة للمواطن الذي لا يجد أبسط المواد الطبية بها، إذ عليه شرائها من الخارج، بعد أن يقف منتظرا في الطوابير لساعات طويلة، إلى جانب افتراش المرضى للأرض لعدم وجود أسرة كافية.
وعلى الرغم من أن المادة 18 من الدستور المصري لعام 2014 تنص على أن الدولة تكفل للمواطن الحق في الرعاية الصحية المجانية، إلا أنه يصعب الحصول على الخدمات الطبية العاجلة والمجانية إلا بعد دفع الرشاوى أو المحسوبية، إضافة إلى قوائم الانتظار حتى للحالات التي تحتاج للتدخل الجراحي العاجل.
وإن كان هذا ما تشهده العاصمة وكبرى المدن، فإن الخدمات الصحية في الإقاليم شبه غائبة، إلا من بعض المراكز الطبية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث يتعين على المرضى وذويهم السفر لساعات طويلة لتلقي بعض الخدمات الصحية الرديئة في المحافظات الكبرى.
ليستمر فشل الحكومات المصرية المتوالية حتى الآن، في تأسيس منظومة رعاية طبية شاملة وعادلة لكافة المدن والقرى، إضافة إلى قلة الكوادر الطبية والأجهزة التي يحتاجها المواطن، في بلد يحتل المراكز الأولى في أمراض الفشل الكلوي والكبد وغيرها من الأمراض المزمنة.
يشار إلى أن مؤشر إنديغو ويلنس أصدر قائمة أسوأ 20 دولة في مجال الصحة لعام 2019، لتحل مصر في المرتبة الـ18، ويبقى السؤال أين الإنجازات المزعومة في واحد من أهم القطاعات؟!.
أما عن ملف التعليم، فقد خرجت مصر نهائيا من المؤشرات الأولية لجودة التعليم في تقرير التنافسية العالمية عام 2019، بعد أن كانت في المركز 139 من بين 140 دولة في تقرير عام 2018، ومع ذلك لم تتخذ حكومة الانقلاب أي خطوات تذكر لتطوير التعليم، بزيادة ميزانية التعليم أو وضع خطط تنموية.
السيسي خرج علينا بتصريحه العبثي، في ديسمبر/كانون الأول 2016 قائلا: “ينفع التعليم في إيه مع وطن ضايع!”، ليؤكد لنا أن الانقلاب العسكري لن يسعى لإصلاح منظومة التعليم في مصر، لأن التعليم الجيد يهدد استمرار الأنظمة الديكتاورية والفاسدة.
ففي بلد يتجاوز فيه عدد الطلاب 20 مليون طالب موزعين على قرابة 50 ألف مدرسة، وفي سوء حالة الفصول والمعامل المدرسية ونقص عدد المدارس، طلب وزير التربية والتعليم طارق شوقي، تخصيص 110 مليارات جنيه لميزانية الوزارة في العام المالي 2019-2020، ليرد عليه وزير المالية تصرف من خزانة وزارتك.
ولا يخفى على أحد أن الشهادات المصرية غير معتمدة في الخارج، كما قل الطلب في سوق العمل على خريجين الجامعات المصرية، إذ يتعين على الشباب المصري معادلة شهاداتهم بالبرامج الأخرى المعتمدة عالميا ليتمكنوا من الحصول على فرص عمل خارج بلادهم.
التضخم والبطالة وزيادة حجم الدين، هي ملامح الاقتصاد المصري إذ يعيش أكثر نصف المصريين عند خط الفقر، وفق رويترز، فيما تستمر الدولة في رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية، إلى جانب الضرائب والرسوم الجديدة، إنفاذا لشروط صندوق النقد الدولي دون مراعاة للفقراء.
ومع أزمة كورونا، شهد قطاع السياحة تراجعاً بلغ نحو 69%، كما خرجت بعض الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 8.4 مليار دولار في العام المالي الأخير 2020/2019، ليخسر الكثيرين وظائفهم دون أن تتخذ الحكومة إي إجراء يذكر لتعويض ومساعدة هؤلاء.
وفي ظل إنكار الحكومة المصرية وإخفاقها أمام المشكلات الاقتصادية وتجاهلها استحداث آليات تحل بها أزماتها، فإن 20% من فقراء مصر لا ينالون سوى أكثر من 8.6% من الدخل القومي.
في مطلع الشهر الجاري، أعلنت الحكومة المصرية اقتراب خلو مصر من المناطق العشوائية غير الآمنة خلال السنوات المقبلة، زاعمة أن ذلك سيتم في إطار جهود الدولة لتوفير سكن آمن وكريم لكل المصريين.
ولطالما اتسمت المناطق العشوائية بالعنف وانتشار الجريمة، وعندما سعت الحكومة لتنمية العشوائيات اتجهت إلى المناطق الاستراتيجية مثل منطقتي مثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق بالقاهرة، وذلك لبيعها للمستثمرين الأجانب لبناء المشاريع السياحية الضخمة عليها.
ومنذ الانقلاب العسكري، سيطرت القوّات المسلّحة على مشاريع البنية التّحتيّة بالأمر المباشر ومنها تطوير ونقل العشوائيات، بينما كان التركيز الأكبر على مشروعات الصفوة مثل العاصمة الإدراية التي أنفق عليها المليارات حتى الآن، مئات الآلاف يقطنون العشش ويسكنون في المقابر.
وفي مداخلة هاتفية لبرنامج على قناة أم بي سي مصر، قال السيسي في فبراير/شباط الماضي، إن الحكومة تخطط حاليا لإنفاق نحو 500 مليار جنيه بما يعادل 31.9 مليار دولار، لتطوير 4500 قرية في غضون السنوات الـ3 المقبلة، وبسؤاله عن مصدر التمويل أجاب “كله من فضل الله”.