أصدرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان حصادًا لحالة حقوق الإنسان في السعودية خلال عام 2021، والذي أظهر تزايد قمع المعارضين، لكن وسط إصرار المعارضة المستمر على النضال من أجل انتزاع الحقوق.
وذكرت المنظمة أن “ضجيج الترفيه والاستثمار في الرياضة، واستقطاب أحداث دولية في السعودية، كان سمة بارزة خلال 2021، وهو الصورة التي طفت على السطح”، متسائلة “ولكن ماذا عن القاع؟”.
وقالت إن: “شراسة القمع، بوصفها سمة أخرى بارزة في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد، في سلوك تفوّق فيه على العهود السابقة، كانت حاضرة خلال عام أكدت الكثير من مجرياته، أن نسف المجتمع المدني المستقل، سياسة تحظى بأولوية كبرى لدى الحاكم”.
وأضافت “ولكي تتكامل هذه السياسة، تعمل الحكومة على إنشاء بدائل لأفراد أو مجموعات، تقدمهم على أنهم الصوت الذي يمثل المجتمع المدني، منتقية في ذلك الوجوه الموالية والتابعة بالطبع، التي قد تساعدها على تقديم صورة مزيفة عن الواقع”.
وأوضحت المنظمة أن التقرير “يُقدم قراءة عن الواقع الحقوقي في السعودية، مما تمكنت من رصده خلال 2021، وهو لا يحكي بالتأكيد إلا عن جانب محدود من الواقع الحقوقي المؤلم في البلاد”.
جائحة كوفيد 19
لم تلتزم السعودية بالعديد من التوصيات الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والجائحة، وبحسب رصد المنظمة، إذ استخدمت القيود التي فرضتها الجائحة لزيادة الانتهاكات أو تبريرها.
وقالت: “فعلى الرغم من تأكيد السعودية تلقيح 68 بالمئة من نزلاء سجون أمن الدولة حتى شهر أبريل 2021، مارست إجراءات مشددة بحق السجناء وعوائلهم، دون تقديم بدائل فيما تم رصد إجراءات تعسفية إضافية”.
وأضافت أن “المعلومات أشارت إلى أن سياق هذا الحجر يبين أن إدارة السجن تتعامل مع هذا الإجراء دون اكتراث لحقوق المعتقل، حيث تمنعه في كثير من الحالات من التواصل مع العالم الخارجي، وتضعه في زنزانة من دون تلفاز، بما وصفه أحد السجناء بأنه “سجن انفرادي من جديد” يسبب حالة نفسية صعبة”.
وأشارت المعلومات التي وردت إلى أن المعتقل يحرم من أبسط حقوقه خلال هذه الفترة وبينها الحصول على ملابس إضافية، وهذا ما يخالف شروط السلامة الأساسية فيما يتعلق بإجراءات النظافة لمواجهة الجائحة.
إضافة إلى ذلك، رصدت المنظمة وفيات ارتبطت بالجائحة داخل السجون، ففي 8 مايو 2021 توفي معتقل الرأي زهير علي شريدة المحمد علي في سجن الحائر بالرياض بعد إصابته بكورونا وسط تفشي المرض في السجن في وقت سابق.
وبحسب ما أكدته منظمة القسط، فإن المحمد علي كان احتجز مع آخرين، في نفس عنبر السجناء المصابين بفيروس كورونا عمدًا.
ولفتت المعلومات إلى أن معتقلي رأي آخرين أصيبوا بالعدوى بينهم المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني.
من جهة أخرى، قال المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة في أكتوبر 2021 وخلال رسالة إلى الحكومة السعودية، إنها ضمن قائمة الحكومات التي لم تقم بواجباتها أمام العالم، وأنها ساهمت في عدم المساواة في الحصول على لقاحات كورونا والأدوية والتكنولوجيات الصحية ووسائل التشخيص والعلاجات الصحية داخل البلدان، مما يؤثر سلبًا على العديد من حقوق الإنسان، لاسيما للأفراد والأشخاص الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
الإعدام
خلال 2021 قفزت أرقام الإعدامات المنفذة عن العام 2020 من 27 إلى 66 حتى تاريخ نشر التقرير، ويشكل ذلك ارتفاعا بنسبة 144%، بينهم قاصر واحد على الأقل.
وأكدت أرقام أحكام الإعدام المنفذة زيف كافة الادعاءات السعودية الرسمية التي روجت لتغيير في التعامل في ملف الإعدام، حيث تضاعفت الأرقام عن تلك المنفذة خلال 2020.
وكانت هيئة حقوق الإنسان الرسمية تغنت بالأرقام المنفذة خلال 2020 وقالت إنها نتيجة إصلاحات في النظام القضائي.
وفي يونيو 2021 أعدمت السعودية مصطفى الدرويش، الذي كان قاصرا وقت بعض التهم التي وجهت له.
وحتى وقت صدور التقرير، لا زالت السعودية تهدد حياة 5 قاصرين على الأقل، من بينهم عبد الله الحويطي، الذي اعتقل حين كان بعمر 14 عاما.
وتلقت السعودية عدة رسائل دولية وانتقادات بسبب الحكم على الحويطي على الرغم من سنه وعلى الرغم من الشوائب في القضية.
وفي نوفمبر 2021 نقضت المحكمة العليا حكم الإعدام الصادر بحقه، وبدأت جلسات محاكمة جديدة له، لكن الادعاء العام لم يغير ادعاءاته، وهو ما يشير إلى إمكانية استمرار مواجهته خطر الإعدام.
ورصدت المنظمة قضايا تعود لأربع قاصرين آخرين يواجهون خطر الإعدام، هم حسن زكي الفرج، سجاد آل ياسين، يوسف المناسف، وجلال اللباد.
وأكدت أن “انعدام الشفافية في التعامل السعودي الرسمي مع ملف الإعدام، يجعل من الصعب الوصول إلى كافة القضايا، كما أنه يثير القلق من أن هناك مزيدا من القاصرين في السجون لا تستطيع المنظمة الوصول إلى قضاياهم”.
وحاليا، لا زالت السعودية تهدد حياة العشرات من المعتقلين، تمكنت المنظمة من رصد 42 قضية منهم، من بينهم الشابين أسعد شبر، ومحمد الشاخوري، الذين طالبت الأمم المتحدة السعودية بوقف أحكام الإعدام بحقهما.
كما لا زالت النيابة العامة تطالب بإعدام العشرات، بينهم سلمان العودة وحسن المالكي.
وإضافة إلى الأحكام التعسفية، وعدم تبليغ العائلات بموعد تنفيذ الحكم وحرمانهم من وداع المعتقل، تمارس السعودية تعذيبا نفسيا مستمرا بحق عائلات ضحايا أحكام الإعدام، حيث تحتجز جثامين الأفراد الذين يتم إعدامهم وتحرم العائلات من حقها في الدفن.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية تحتجز السعودية 91 جثمانا لأفراد قتلهم منذ العام 2016.
التعذيب وسوء المعاملة
وفي 2021 استمرت ممارسة التعذيب في سجون السعودية، واستمرت مخالفة الالتزامات الدولية التي ترتبها مصادقة السعودية على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية.
وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية، لا زالت بنية السعودية وأجهزتها، تفتقد لأساسات محاسبة للمعذبين.
وفي 12 أكتوبر 2021 أكدت تقارير صحية موثوقة وفاة أحد أبرز “إصلاحيي جدة”، الدكتور موسى القرني في زنزانته بسجن ذهبان.
وبحسب المعلومات التي تناقلها النشطاء تعرض القرني للضرب من مجموعة من السجناء على الوجه والرأس مما تسبَّب في تهشيم الجمجمة وتشوّه الوجه، وأدى إلى وفاته.
وكان القرني اعتقل في فبراير 2007 بينما كان يحضر اجتماعاً مع زملاء له يهدف إلى تأسيس جمعية لنشر الوعي بين المواطنين والدعوة إلى الإصلاح.
وتعرض للتعذيب الشديد وتم وضعه في الحبس الانفرادي لفتراتٍ طويلة، وصدر حكم ضده بالسجن لمدة 20 سنة والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
وعلى الرغم من استمرار جائحة كوفيد 19 لم تقدم الحكومة السعودية على أي إجراءات جدية لحماية المعتقلين في السجون ما يصنف على أنه صنف من سوء المعاملة.
وفي مارس 2021 أعلن عدد من المعتقلين بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان، إضرابهم عن الطعام بسبب سوء المعاملة وظروف السجن السيئة.
وفي مايو 2021 توفي معتقل الرأي زهير علي شريدة المحمد علي الذي كان ضمن معتقلي الرأي الذين أضربوا عن الطعام بسبب سوء المعاملة، حيث أشارت المعلومات أنه كان قد احتجز في ظروف مسيئة مع مصابين بفيروس كوفيد 19.
إلى جانب الانتهاكات داخل السجن، أعدمت السعودية خلال 2021، أفرادا على الرغم من تأكيدهم أمام القضاة أنهم تعرضوا للتعذيب.
ومن بين هؤلاء القاصر، مصطفى الدوريش الذي نشر مذكرات من داخل السجن أشارت إلى ضروب التعذيب الذي تعرض له والذي على أساس الاعترافات التي انتزعت تحته تم الحكم عليه.
وإضافة إلى الدرويِش، أعدمت السعودية الشاب مسلم المحسن على الرغم من الانتهاكات خلال فترة اعتقاله وخاصة فيما يتعلق بسوء المعاملة والتعذيب.
وفيما يتعلق بمحاسبة المسؤولين عن التعذيب، استمرت سياسة الإفلات من العقاب؛ فعلى الرغم من مرور 3 أعوام على قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، لم يتم محاسبة الفاعلين الفعليين وبينهم من أشارت إلى مسؤوليتهم تقارير أممية.
وفي فبراير 2021 وبعد الإفراج المشروط عن المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول، رفضت محكمة الاستئناف دعوى كانت قدمتها وأكدت فيها تعرضها للتعذيب.
وكانت الهذلول، إلى جانب ناشطات أخريات، أكدت تعرضها للتعذيب بالصدمات الكهربائية والجلد والتحرش الجنسي، وبدلاً من استجواب المتهمين بالتعذيب، قامت الحكومة السعودية في أغسطس 2019 بابتزاز الهذلول، وعرضت إطلاق سراحها مقابل مقطع فيديو تنكر بموجبه تعرضها للتعذيب، مما يمنعها بعد ذلك من تقديم شكوى.
وبعد ذلك، رفضت محكمة الاستئناف شكوى الهذلول، ولا زالت تمنعها من السفر ومن الحديث العلني حول ما تعرضت له، ولا زال هناك مخاوف من إمكانية إعادة اعتقال الهذلول وبقية الناشطات اللواتي تعرضن للتعذيب.
الإخفاء القسري
ما زال الإخفاء القسري ممارسة ممنهجة في السعودية، وهو مقدمة للعديد من الانتهاكات من بينها التعذيب والأحكام التعسفية وغيرها.
وعلى الرغم من انعدام الشفافية وصعوبة الوصول إلى القضايا على نطاق واسع، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية في العام 2021 عددا من قضايا الاختفاء القسري.
ففي 12 مايو 2021، اعتقلت قوات أمن الدولة عبد الله جيلان، في المدينة المنورة، بعد اقتحام منزل والدته وتفتيشه قبل أن تأخذه إلى مكان مجهول. وكان جيلان نشطا عبر منصة تويتر، حيث دعا إلى حقه في العمل والحريات الأساسية في السعودية.
وفي أواخر مايو 2021، داهم مسؤولون من رئاسة أمن الدولة السعودية منزل عائلة الشريف في الرياض، واعتقلوا الدكتورة لينا الشريف ونقلوها إلى مكان مجهول.
وفي 22 يوليو 2021، أقدمت قوات من المباحث على اعتقال الناشط على الانترنت عبد الله بن عوض المباركي من منزله في مدينة ينبع، وانقطعت أخباره منذ لحظة الاعتقال. وعلى الرغم من محاولات العائلة معرفة مكان تواجده، وتحققها من سجون ينبع والمدينة المنورة وجدة، لم تتمكن من الوصول إليه.
وفي 20 يوليو 2021 اعتقلت قوات الأمن السعودية الناشطة نجلاء عبد العزيز محمد المروان من منزلها في العاصمة الرياض، وتعرضت للإخفاء القسري حيث لم تعرف العائلة مكان وجودها لأكثر من شهر.
وفي 21 نوفمبر 2021 اختفى عامر متروك الفالح، ابن الكاتب وأستاذ العلوم السياسية متروك الفالح، وفي 24 نوفمبر أعلنت عائلة الفالح عن اختفاء ابنها وعدم عودته إلى المنزل، لكن في 25 نوفمبر عرفت العائلة أنه معتقل لدى أمن الدولة، من دون أن تعرف السبب.
المنظمة الأوروبية السعودية رصدت اعتقالات تعسفية أخرى، أشارت المصادر الأهلية إلى أن ضحايا تعرضوا أيضا للإخفاء القسري، من بينهم الشيخ عبد الله الشهري الذي اعتقل على خلفية تغريدات انتقد فيها تصريحات ولي العهد محمد بن سلمان.
كما أن من بين الأسماء التي تم رصد اختفائها، رينا عبد العزيز وياسمين الغفيلي.
وإضافة إلى ذلك، لا زال عدد من الأفراد مخفيين قسريا على الرغم من مرور سنوات، من بينهم الداعية سليمان الدويش وأحمد المغسل، والشاب محمد آل عمار.
حرية الرأي والتعبير
وشهدت مساحة حرية الرأي والتعبير في السعودية خلال السنوات الأخيرة تقلصا كبيرا، كان أقصاها خلال 2021.
وتتضافر جهود الأجهزة الحكومية في ملاحقة النشطاء وكل من يعبر عن رأيه، ففي ٥ إبريل أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، حكما نهائيا ضد المعتقل الذي كان مخفي قسراً عبد الرحمن السدحان، قضى بسجنه 20 عاما، والمنع من السفر 20 عاما أخرى بتهم تتعلق بنشاطه الإلكتروني وتعبيره عن رأيه في موقع تويتر.
وفي 22 يوليو 2021، أقدمت قوات من المباحث على اعتقال الناشط على الانترنت عبد الله بن عوض المباركي من منزله في مدينة ينبع.
ورجح ناشطون أن سبب اعتقاله على خلفية تعبيره عن رأيه، ومشاركته في حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية، واعتراضا على السياسات الحكومية.
وفي 20 يوليو اعتقلت قوات الأمن السعودية الناشطة نجلاء عبد العزيز محمد المروان من منزلها في العاصمة الرياض، وعمدت إلى إخفائها قسريا.
ويظهر من حساب الناشطة نجلاء على موقع تويتر أنها رحبت وأيدت الدعوة للتظاهر بالتزامن في يوم عرفة.
وكان مجموعة من الناشطين دشنوا وسما باسم #احتجاج_يوم_عرفة، ودعوا إلى المشاركة في حملة ضد سياسات الحكومة وولي العهد محمد بن سلمان، بهدف الدعوة إلى إطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى تمكين الشباب من حقهم في التوظيف، وإلغاء الضرائب، وغيرها.
كما تشير المعلومات إلى شن حملات اعتقال بحق أخريات، بينهن الطبيبة لينا الشريف على خلفية التعبير عن رأيها في وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي شهر يونيو 2021، أشارت المعلومات إلى اعتقال أسماء السبيعي، كما أشارت المعلومات إلى اعتقال الناشطة على وسائل التواصل رينا عبد العزيز (لدن) في شهر مايو 2021، إلى جانب اعتقال ياسمين الغفيلي.
حرية الصحافة
لا زالت السعودية دولة عدوة للصحفيين، ففي العام 2021 احتلت السعودية المركز 170 من أصل 180 دولة في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود بشكل سنوي.
ويأتي ذلك في ظل استمرار سجن 32 صحفيا على الأقل بحسب منظمة مراسلون، وانعدام وسائل الإعلام الحرة، وتشديد المراقبة على الصحفيين في الداخل والخارج. يضاف ذلك إلى الرقابة المشددة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وصنفت منظمة مراسلون بلا حدود ولي العهد محمد بن سلمان على قائمة “الوحوش السالبة لحرية الصحافة” للعام 2021.
وأشارت المنظمة إلى أن بن سلمان يركز في يده كل السلطات ويترأس نظاماً ملكياً لا يبدي أدنى تساهل مع الإعلام الحر.
ويمارس بن سلمان قمعاً متعدد الأوجه، من تجسس وتهديدات تؤدي أحياناً إلى الاختطاف والتعذيب.
وكانت مراسلون بلا حدود، قدمت في مارس 2021 شكوى ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وغيره من كبار المسؤولين السعوديين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، إلى المدعي العام الألماني لمحكمة العدل الفيدرالية.
والدعوى عبارة عن وثيقة من 500 صفحة عن اضطهاد الصحفيين في السعودية والجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب في البلاد، وانتهاكها مبادئ حقوق الإنسان.
وإضافة إلى ذلك، لا زال ممارسة سياسة الإفلات من العقاب مستمرة؛ فعلى الرغم من مرور 3 أعوام على قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، لم تحاسب السعودية المسؤولين الفعليين عن الجريمة الذين أشارت لهم التحقيقات الدولية.
وعدا عن ذلك، لم تحاسب قتلة المصور حسين الفرج الذي قتل خلال تصويره مظاهرات القطيف 2012.
المدافعون عن حقوق الإنسان
لا زال معظم المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان عرضة للانتهاكات في السعودية، ففيما لا زال العديد منهم معتقلون في السجون، يتعرض الذين لم يعتقلوا بعد أو أفرج عنهم لانتهاكات متعددة، من التضييق إلى المنع من السفر والملاحقة.
وفي المعتقلات، استمرت معاناة المدافعين والمدافعات، ومن بينهم المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني الذي أدى سوء المعاملة الذي تعرض له، إلى إعلانه مع عدة نشطاء آخرين عن الإضراب عن الطعام.
ومع بداية 2021، خرجت عدة مدافعات عن حقوق الإنسان من السجن بينهن لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة، بعد انتقادات حادة وعديدة.
وترافق إطلاق سراح المدافعات مع استمرار التضييق عليهن، حيث لا زلن ممنوعات من السفر، ومن ممارسة أي نشاط.
وفيما حاولت الحكومة السعودية الترويج إلى أنها أغلقت ملف المعتقلات مع الإفراجات، فإن الواقع يؤكد استمرار سجن العشرات من الناشطات منذ سنوات بينهن نعيمة المطرود وإسراء الغمغام وفاطمة آل نصيف.
وتعمد الحكومة السعودية إلى التضييق على النشطاء غير المعتقلين بكافة السبل، من بين ذلك منعهم من السفر، والتضييق على عائلاتهم وملاحقتهم وغيرها.
كما أشارت المعلومات إلى أنه يجري تطبيق نص المادة 4 المعدلة من نظام الخدمة المدنية عليهم، والتي تشترط فيمن يتم تعيينه في إحدى الوظائف أن يكون حسن السيرة والسلوك، وغير محكوم عليه بعقوبة السجن لمدة تزيد عن سنة، وكذلك يتطلب تعيينهم في معظم الأحيان القيام بتدقيقٍ أمني مما يعني عدم حصولهم على أي وظيفة شاغرة تًذكر.
حقوق المرأة
روّجت السعودية خلال السنوات الماضية لسلسلة إجراءات قالت أنها تهدف إلى تحسين حقوق المرأة، وبهدف ذلك أوقفت حظر قيادة السيارة للنساء، ومنحت بعض الحقوق الأساسية فعينت الحكومة السعودية نساءً في مراكز قيادية وسياسية، وأزالت بعض القيود عن السفر، إلى جانب بعض الحقوق في العمل والعلم ورفع جزء من وصاية الرجل وغيرها، لكن هذه الخطوات، لم تكن كافية لتمكين جدي للنساء أبعد من الدعاية السياسية، أو لحمايتهن من العنف.
حتى اليوم لا زال أبناء المرأة السعودية محرومين من حقهم في الجنسية، إلا بشروط محددة، ولا زالت النساء بحاجة موافقة ولي الأمر في عدة مواضع بينها الخروج من السجن والرعاية الصحية، كما لا يزال بإمكان الرجال رفع دعاوى ضد بناتهم، أو زوجاتهم، أو قريباتهم بتهمة “العقوق”، ما قد يؤدي إلى إعادتهن قسرا إلى منزل ولي أمرهن أو سجنهن.
وفيما تغنت السعودية بإصدار قانون الحماية من الإيذاء بهدف محاربة العنف ضد النساء، لا زالت المرأة في السعودية عرضة للعنف الرسمي والمنزلي، في ظل قصور القانون وغياب الآليات الفعالة التي من الممكن أن تثق بها الضحايا.
وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لا زالت المعنفات تخشين اللجوء إلى الأجهزة الرسمية المخولة حمايتهن ومعاقبة المسؤول عن العنف، وإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة السعودية لا زالت تلاحق النساء الناشطات في ظل غياب أي آليات ممكنة، لمحاسبة المسؤولين الفعليين عن تعذيب المدافعات عن حقوق الإنسان في السجون.
من جهة أخرى، وفيما قالت الحكومة السعودية إنها أصلحت قانون الكفالة لحماية حقوق العمال الأجانب، فإن الإصلاحات المزعومة استثنت النساء من العاملات الأجانب، بحيث لا زالت القوانين قاصرة عن حمايتهن من ساعات العمل الطويلة والإقامة الجبرية والعنف.
البدون
وتستمر معاناة مئات الآلاف في السعودية من خلال حرمانهم من الحق الأساسي في الجنسية، وما يتبعه ذلك من حرمان من حقوق أخرى، على الرغم من الوعود المتتالية خلال السنوات الماضية.
وفي 11 نوفمبر 2021، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز قرارا يقضي بمنح الجنسية السعودية لأفراد اعتبر أنهم كفاءات تعيش في السعودية وتتمتع بكافة “الشروط الواجبة”، وذلك في ظل استمرار حرمان الآلاف ممن لا يمتلكون جنسية أخرى من حقهم بها في ظل قصور القوانين وغياب المعايير.
ويعاني مئات الآلاف في السعودية من الحرمان من الجنسية، على الرغم من الترويج إلى تعديلات على نظام الجنسية في السعودية، لا زال أبناء المرأة السعودية محرومين من حقهم في الجنسية، إلا بشروط محدد.
وإضافة إلى ذلك، لا زال الآلاف من أبناء القبائل النازحة والآلاف من الأفراد مواليد السعودية من عوائل المهاجرين وليس لديهم أي جنسية أخرى.
وبحسب التقديرات التي نشرتها الصحف الرسمية منذ ستة أعوام يبلغ عدد عديمي الجنسية من أبناء القبائل النازحة ربع مليون شخص، يضاف إليهم آخرين من المحرومين من فئات أخرى.
الحرمان من الحقوق اتخذ خلال 2021 أشكال أخرى، ففي فبراير 2021، فعّلت الحكومة السعودية تطبيق توكلنا وجعلته إلزاميًا في الرياض لدخول المنشآت الحكومية وزيارة الأماكن العامة، إلا أن الأفراد الذين لا يحملون رقم هوية لا يمكنهم التسجيل به ما حرم عديمي الجنسية من الحق في التنقل.
التقارير والانتقادات الأممية
واجهت السعودية انتقادات حادة خلال 2021، فإلى جانب الانتقادات من آليات الأمم المتحدة وخاصة مجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين، انتقدت الدول انتهاكات السعودية وطالبتها بالالتزام بتعهداتها.
الأمم المتحدة وآلياتها
في 28 يناير 2021، أرسل عدد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة رسالة إلى السعودية حول الوضع الحالي للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في مراكز احتجاز مكتظة لفترات طويلة وغير محددة. وأشار المقررون إلى الحالة الرهيبة لمراكز الاحتجاز.
في فبراير 2021 أرسل المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة السعودية، اعترضوا فيها على حكم الإعدام الذي أصدرته السعودية بحق القاصر عبد الله الحويطي وطالبوا بتعليقه بوصفه حكما تعسفيا. الرسالة قالت أن الحويطي يواجه حكم الإعدام الوشيك، بعد أن قبض عليه بشكل تعسفي وتعرض لمحاكمة غير عادلة، بجريمة يزعم أنها حصلت حين كان يبلغ من العمر 14 عاما.
في فبراير 2021 قدمت المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ماري لولور تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في الدورة 46. المقررة أشارت إلى أن السعودية مع 65 دولة أخرى أقدمت على قتل مدافعين عن حقوق الإنسان خلال الفترة من العام 2015 إلى 2019. ولحظ التقرير أن حكومات عديدة لا تفي بالتزاماتها بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان من الاعتداءات والأفعال التي تؤدي إلى القتل.
في فبراير 2021 نشر المقررون الخاصون رسالة كانوا قد أرسلوها إلى الحكومة السعودية حول قضية القتل التعسفي للمواطن عبد الرحيم الحويطي. الرسالة أشارت إلى أن الحويطي قتل في 13 أبريل 2020 في سياق تنفيذ عمليات إخلاء في قرية الخريبة كجزء من مشروع نيوم، حيث أبلغت إمارة تبوك سكان قرية الخريبة أنها ستخضع إلى الإخلاء الإجباري حيث تم الاستيلاء على الأرض لصالح مشروع نيوم الذي يهدف إلى بناء مدينة جديدة في تبوك.
في مارس 2021 اعتبر خبراء في الأمم المتحدة أن السعودية لا زالت تنتهك القانون الدولي في أحكام الإعدام التي تنفذها رغم القرارات الأخيرة. وفي بيان صدر في 3 مارس 2021 حث الخبراء السعودية على إلغاء الأحكام الصادرة بحق 3 أفراد والإفراج عنهم وبذلك بعد قرار تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحقهم في جرائم يزعم أنهم ارتكبوها عندما كان عمرهم أقل من 18.
في مارس 2021 اعتبر خبراء في حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة، أن عقوبة الإعدام التي صدرت بحق الشاب علي حسن آل ربيع، في حال نفذت تشكل قتلا تعسفيا تتحمل مسؤوليته الدولة.
في مارس 2021 نشر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي رأيا اعتبر فيه أن تهديد حياة القاصر محمد عصام الفرج بالإعدام “أمر لا يغتفر” مطالبا السعودية بالإفراج الفوري عنه والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها. واعتبر الرأي أن السعودية تمارس انتهاكات واعتقالات تعسفية قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
في يونيو 2021 عبر مجموعة من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، عن “قلقهم العميق”، من أوضاع العمال المهاجرين في السعودية. الرسالة أشارت إلى أن عددا من العمال المهاجرين يعيشون في ظروف من العبودية وإساءة المعاملة في العصر الحديث، وأن فمعاملة العمال المهاجرين في السعودية، ترقى إلى مرتبة انتهاكات في حقوق الإنسان وتضع المهاجرين “تحت رحمة أصحاب العمل”.
في يونيو 2021 راسل المقررون الخاصون السعودية بشأن الحكم بالإعدام بحق مصطفى الدرويش بسبب جرائم بينها ما يتعلق بالتظاهر، والتي حدث العديد منها عندما كان قاصرا. وأشارت الرسالة إلى الانتهاكات المتعددة التي انطوت عليها القضية.
في يونيو 2021 نشرت رسالة كان قد أرسلها مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة إلى السعودية وأبدوا فيها مخاوفهم بشأن تسليم المغرب أسامة عباس طلال المحروقي الحسني إلى السعودية على الرغم من التدابير التي أمرت بها لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
في سبتمبر 2021 أكد الأمين العام للأمم المتحدة في التقرير السنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن السعودية لا زالت تمارس أعمال تخويف وانتقام ضد الأفراد الذين يسعون إلى التعاون أو التعاون مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان.
في 7 سبتمبر 2021 نشر خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رسالة انتقدت بشدة السعودية على خلفية إعدامها مصطفى الدرويش في يونيو. وكان الخبراء، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بعمليات الإعدام، قد أعربوا عن قلقهم العميق من عدم الرد على البلاغات السابقة المتعلقة بقضية الدرويش، ومن أن السعودية نفذت حكم الإعدام بحق الدرويش على الرغم من مخاوف الأمم المتحدة الشديدة من خضوعه لمحاكمة غير عادلة.
في سبتمبر 2021 أكد تقرير للأمانة العامة للأمم المتحدة حول مسألة عقوبة الإعدام، أن السعودية ودول أخرى، لا زالت تنتهك المعايير والقوانين الدولية في تنفيذها لعقوبة الإعدام. وركّز التقرير على موضوع النتائج المترتبة على انعدام الشفافية في تطبيق وفرض عقوبة الإعدام على التمتع بحقوق الإنسان.
في نوفمبر 2021 نشر المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسالة طالبوا السعودية بعدم إعدام المعتقلين محمد الشاخوري وأسعد شبر. وأكدوا أن عدم احترام معايير الإجراءات والمحاكمات العادلة يشكل قتلًا تعسفيًا تتحمل الدولة مسؤوليته.
المواقف الدولية
في فبراير 2021 أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من تضييق السعودية على الحقوق المدنية والسياسية. واعتبر أن هذا القلق يعززه استمرار استخدام قانون الإرهاب لملاحقة المدنيين والنشطاء.
في فبراير 2021 قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت أن السعودية لا زالت تحتجز أفرادا بشكل غير قانوني، وحثتها على دعم حرية التعبير والحق في التجمع السلمي.
في مارس 2021 دعا 160 برلمانيا أوروبيا في بيان السعودية، إلى إنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإلغاء نظام الكفالة والإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات بسبب نشاطهن السلمي في مجال حقوق الإنسان وإسقاط التهم عنهن.
في مارس 2021 نددت لوكسمبورغ، بلجيكا وهولندا بالأعمال الانتقامية والترهيبية التي لا زالت الدول تمارسها بحق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان على خلفية تعاونهم مع الأمم المتحدة.
في مارس 2021 أبدت الدنمارك قلقها من استمرار السعودية في مقاضاة نشطاء المجتمع المدني واشارت إلى أنها تلاحظ بقلق استخدام التعذيب.
في مارس 2021 دعت النرويج السعودية إلى حماية حقوق الإنسان واتخاذ تدابير من أجل ضمان الشفافية وسيادة القانون واستقلال القضاء.
في مارس 2021 دعت السويد السعودية إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وقالت إنه على الرغم من الخطوات الأخيرة لا زالت تشعر بالقلق إزاء استخدام تشريعات الإرهاب ضد الممارسات السلمية.
في 8 يوليو 2021، تبنّى البرلمان الأوروبي قراراً يدين انتهاكات السعودية في ملف حقوق الإنسان. القرار أدان استمرار السعودية بإعدام القاصرين وبالإعدامات التعسفية، ودعا أعضاء البرلمان، الاتحاد الأوروبي بكافة أجهزته إلى التحرك، كما دعوا مجلس حقوق الإنسان إلى تعيين مقرر خاص للنظر في حقوق الإنسان في السعودية.
في سبتمبر 2021 قالت الدنمارك أن التطبيق هو الأهم فيما يتعلق بوعود الإصلاحات التي قدمتها السعودية، وأنها لا زالت قلقة من ملاحقة السعودية لنشطاء المجتمع المدني.
في سبتمبر 2021 دعت السويد السعودية إلى منح الأفراد حقهم في حرية الرأي والتعبير وخاصة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وأبدت قلقها من استخدام قانون الإرهاب ضدهم.
في سبتمبر 2021 انتقدت النرويج انتهاكات السعودية المستمرة لحقوق الإنسان ودعتها إلى احترام كافة الحقوق وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان واتخاذ إصلاحات لضمان استقلالية القضاء.
وأكدت المنظمة أنه “منذ تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم عام 2015، تبذل السعودية جهداً وأموالاً، وتدير حملات تبييض عالمية لتغيير الصورة القاتمة لها”.
وأشارت إلى أن “السعودية تحاول من خلال هذه الحملات جذب أنظار العالم، باستضافة المؤثرين فيه، وتطلق الوعود والتصريحات، لبعث رسالة أن البلاد الوحيدة التي كانت تمنع النساء من القيادة، تغيّرت”.
ورأت المنظمة الأوروبية السعودية أن الأرقام والوقائع التي سجلت في 2021، أكدت أن حملات التبييض ترافقت في الداخل، مع الضرب بيد من حديد على المجتمع المدني ونشطائه، وانتهاك للحقوق، واستمرار في الإعدام والقمع، وزيادة فرض الصمت على كل من يحاول الانتقاد أو الحديث عن الحقائق.
وأضافت “وبالتالي لم تنعكس هذه الحملات على حياة الأفراد في السعودية، بل إنها في كثير من الأحيان، زادت حدة الانتهاكات بحقهم”.
وأشارت المنظمة إلى أن “مسار الأحداث المتعلقة بحقوق الإنسان في السعودية وخاصة في 2021، يبين أن المزاجية السياسية هي ما يتحكم بالوعود والتصريحات، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها”.
وعدّت المنظمة أن “التغير في مسار بعض القضايا، وأي نتائج إيجابية في ملف حقوق الإنسان، هي تراكم لعدة عوامل بعيدة عن الوعود السياسية، أبرزها النضال الشعبي”.