شدوى الصلاح
قال المعارض السعودي مدير مركز الجزيرة العربية للإعلام محمد العمري، إن الاجتماعات السنوية لمجلس التعاون الخليجي وما تسفر عنه من بيانات باتت أمر روتيني وزيارة مجاملات، مشيرا إلى أن كيان مجلس التعاون الخليجي لا يعتبر منظومة سياسية جادة مشابهة لبعض الكيانات الاقتصادية في أوروبا وأسيا.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن من إشكاليات مجلس التعاون الخليجي عدم وجود ما يلزم قادة الدول الأعضاء بالمجلس بإنجازات معينة أو أهداف يحاسبون عليها شعبياً نهاية كل عام، مشيرا إلى أن المجلس فقد بوصلته السياسية أكثر منذ الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات على قطر في يونيو/حزيران 2017.
وأكد العمري، أن السعودية باتت تجني ثمار تمزيق المجلس وتبعاته أصبحت واضحة على استهداف العمق السعودي الداخلي، موضحا أن السلطات السعودية منذ وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز غيرت سياستها الخارجية إلى سياسة ردود الأفعال فلم تعد تعمل وفق استراتيجية معينة ومحددات سياسية ولذلك وجدنا صراعات مع أغلب الدول.
وأشار إلى أن الملك سلمان تخبط حتى في التعامل مع الأنظمة التي كان يدعمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، منها النظام الانقلابي في مصر الذي يقوده عبدالفتاح السيسي، مما دفع جهاز المخابرات المصرية لتسريب التسجيلات الصوتية المسماة بالرز الخليجي للضغط على السلطات السعودية، فاستجابت وعادت الأمور لمجاريها، وهذا كان التعامل مع الحلفاء.
ولفت العمري، إلى أن هذا التخبط حدث أيضا مع المغرب والأردن فضلا عن التدخل العسكري في اليمن ثم حصار قطر الذي تسبب في تمزيق النسيج الداخلي السعودي وكسر قضية الولاء لأسرة آل سعود، لأن المنظومة الإعلامية القطرية قوية جدا بينما المنظومة الإعلامية السعودية قائمة على المدح وتضخيم الأرقام والإنجازات.
وأكد أن ذلك أفقد اللُحمة بين الشعب والقيادة السعودية وأصبح هناك شيء من التباعد، خاصة بعدما تعقدت الأمور بين قطر والسعودية ووجهت الاتهامات للقناة القطرية وأطلق على دولة قطر شرق سلوى، وغيرها من الأمور التي كانت تصدر عن جهات شبه رسمية تسمى بالذباب الإلكتروني وبعض المسؤولين والنافذين فضلا عن الصحافة السعودية.
وأضاف العمري: “في الأخير حصل الصلح السريع بعد سنوات، إلا أن تلك النزاعات أثرت على مجلس التعاون الخليجي وعلى الشعوب الخليجية؛ كما خرجت السلطات السعودية من المعادلة الإقليمية بسبب مشاكلها الاقتصادية الداخلية أيضا وفرض الضرائب وإرهاق كاهل الشعب واستنزاف الأموال في حرب اليمن وصرف 500 مليون دولار خلال خمس سنوات”.
وتابع: “على المستوى السياسي لم تترك السعودية دولة في العلاقات إلا وأحدثت معها صدامات وإشكالات، مما أضعف دور السعودية الإقليمي لصالح دول أخرى وعلى رأسها إيران فلذلك السعودية الآن حتى تحل مشكلتها مع اليمن والعراق لابد أن تتفاوض مع إيران، ولكن التفاوض أيضا هنا سيكون من موقف ضعف”.
ورأى العمري، أن الوضع السعودي يتدحرج ويتراجع، متوقعا أن تحجم السعودية إلى بلد صغير رغم كل إمكانيات العائلة ووجود الحرمين وتأثيره ووجود مخزون النفط الكبير والموقع الاستراتيجي، في ظل وجود ولي العهد محمد بن سلمان، كقائد مهزوم وغير مرضي عنه حتى داخل الأسرة الحاكمة، إذ يرونه صغير، ومتهور، وسرقهم وسجنهم.
وعن ما إذا كان هناك أمل في ترميم مجلس التعاون الخليجي واستعادة السعودية لمكانتها، قال: “إذا كان هناك إرادة سياسية حقيقية وأذنت الدول الكبرى الراعية بحيث يسار إلى منظومة جغرافية تضم دول أخرى، ويستجلب خبراء لعمل التنظيمات والتشريعات، أما بطريقة المجلس الحالي القائم منذ البداية على المجاملات فلا أعتقد أنه سيتطور”.
وعن وضع ومكانة دول مجلس التعاون الخليجي عسكريا، أوضح العمري، أن المجلس لديه اتفاقيات أمنية تحدد وتضبط الأمور الجنائية ولديه قوات درع الجزيرة التي أنشئت 1982، بهدف حماية أمن واستقرار دول المجلس وردع أي عدوان عسكري خارجي، لكنها استخدمت داخليا لقمع إرادة الشعوب”.
وأكد أن دول المجلس ليس لديها إرادة سياسية لتشكيل قوة عسكرية معتبرة وإنشاء جيش قوي لأنهم يخشون من أي قوة شعبية، حتى لو كانت منظمة وموالية للحكم، ويراد أن تكون الجيوش ضعيفة لتجنب أي انقلاب عسكري، وفي حالة الاعتداء على إحدى الدول يستعان بالخارج من خلال التحالفات واتفاقيات الدفاع المشتركة وهذا يريحهم.