شدوى الصلاح
كشف المعارض المصري البارز والمرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، خفايا جديدة عن دور دول الخليج في مناهضة ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وحماية رموز نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وزوجته سوزان ثابت مبارك، من المساءلة والمحاكمة، والتخطيط لإجهاض الثورة والتحشيد الإعلامي ضدها.
وقال في حديثه مع الرأي الآخر، إن شعور الأنظمة الاستبدادية أن تحرر جزء من إرادة المنطقة قد يؤدي إلى تصدير هذه المشاعر الإيجابية إلى شعوب بلادهم، والخوف من هذا هو الدافع الرئيسي الذي حرك دول الخليج في مواجهة الربيع العربي بشكل عام وثورة يناير في مصر بوصفها البلد الأكبر بشكل خاص.
ورفض نور، توصيف ثورة يناير بأنها “اجهضت” ولو حتى بتآمر دول الخليج عليها، مؤكدا أنها ربما لم تنجح حتى الآن لكنها لم تجهض أيضا رغم الثورة المضادة والدور الإقليمي في محاولة إجهاضها والتآمر عليها، ومازال هذا الحلم يراود الشعب المصري لأنه يرتبط بحريات وحقوق هذا الشعب.
وأضاف أن قيام ثورة يناير وقبلها ثورة تونس وانتقال هذه الثورة إلى ليبيا دعا إلى موقف متحفظ من قبل بعض دول الخليج العربي، لكن امتدادها إلى اليمن ووقوع أحداث 14 فبراير 2011 في البحرين غيّر كثيرا في هذه المواقف، ودفع دول الخليج لاتخاذ موقف أكثر عدائية وتحفظا تجاه ثورات الربيع العربي.
وتابع نور: “كان دائما هناك تصريحات في بداية الثورة المصرية عن الأمل في حل الأزمة الحاصلة في مصر سلمياً وعدم التخلي عن مبارك، واقترحت بعض دول الخليج العربي وتحديداً السعودية والإمارات تعويض مصر والجيش المصري عن المعونة الأميركية إذا قطعت أميركا المعونة بسبب انحيازها أو تأييدها لثورة يناير”.
ولفت إلى أن هذه المواقف كانت تبدو في ظاهرها هادئة إلى أن بدأ الحديث في العلن عن مواقف متوترة تجاه التغيير الحاصل في تونس ثم مصر؛ وكان لذلك علاقة أكبر بأحداث البحرين، وطالبت السعودية المجلس العسكري المصري الذي كان مكلفا حينها بإدارة أمور البلاد بعد خلع مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، أن يحدد موقفه من أحداث البحرين.
وأوضح نور، أن سفير السعودية أحمد القطان التقى به شخصيا قبل رحيل مبارك بساعات قليلة وطلب منه ومن الشركاء في ثورة يناير، إعلان أن الثوار لا يفكرون في تصدير الثورة إلى غيرها من الدول، قائلاً: “كان صعب تحقيق ذلك أو إعلانه في ميدان التحرير، لأن الأمر لم يكن مطروحا للنقاش لكني شعرت بغرابة حينها من هذا الاهتمام بإعلان الموقف”.
وأكد أن السعودية كان لها موقفا محددا من مسألة محاكمة مبارك ودعت أكثر من مرة المجلس العسكري ورئيسه حينها المشير طنطاوي، إلى إطلاق سراحه والسماح له بالسفر سواء كان للعلاج أو للمملكة على غرار الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، الذي لجأ إلى السعودية شريطة ألا يمارس عمل سياسي.
وتابع نور: “زاد من حدة الموقف السعودي تحديدا انتقال الثورة في فبراير/شباط 2011 إلى اليمن لأن بطبيعة العلاقات السعودية اليمنية كان هناك أزمة كبيرة في وصول الثورة إلى الجوار اليمني في هذا التوقيت، مما أشعر الرياض بعد أحداث المنامة واليمن أن هناك خطر يهدد أمنها القومي كما كانت تتصور”.
وبين أن هذه التطورات أسفرت عن ظهور مسارين، الأول تُركت مصر منفردة دون تقديم أي مساعدات لها، وهذا تم من السعودية بدرجة أقل، وبدرجة أكبر من الإمارات، وتلكأت الرياض في إرسال منحة نصف مليار دولار كانت وعدت بها كمساعدات، مضيفا: “حتى أني شخصيا طالبت المشير طنطاوي ووزير المالية آنذاك حازم الببلاوي بالإحاطة الأسباب”.
وأشار المعارض المصري البارز والمرشح الرئاسي الأسبق، إلى أن المسار الثاني كان أكثر شراسة في مواجهة ثورات الربيع العربي من خلال دعم الإمارات لبعض الشخصيات المناهضة لثورة يناير، بالإضافة إلى سيطرتها على الإعلام وتمويل إعلاميين وقنوات بمبالغ ضخمة كان دورها الانقضاض على الثورة، والذي اتضح لاحقا دورهم في تحريك الثورة المضادة.
وأضاف: “ظلت الأمور تراوح مكانها حتى نهاية 2012 وبداية 2013، وفي يناير/كانون الثاني 2013 اتخذت السعودية والإمارات قرارهم بضرورة الإجهاز على ثورة يناير في مصر، وتم ذلك من خلال سلسلة من الخطوات، فضلا عن عدم مساعدة مصر في هذا التوقيت نهائياً من الإمارات وجزئيا من السعودية”.
واستطرد نور: “شكلنا وفد شعبي زار المملكة لمدة ساعات قليلة التقينا الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وكبار رجال الدولة، وأوضحنا لهم أن العلاقات الشخصية مع مبارك غير مفيدة، والأهم هو بناء علاقات مع الشعب المصري، وطالبنا بتعديل موقف المملكة والانفتاح أكثر على الثورة، ولم يكن هناك رد فعل واضح، لكن غلب الإحجام عن الثورة”.
وأوضح أنه ما تكشف لاحقا أن هناك اجتماعات إماراتية سعودية تمت في ديسمبر/كانون الأول 2012 ويناير/كانون الثاني 2013، شارك فيها الأمير بندر بن سلطان من الجانب السعودي، ومحمد بن زايد من الجانب الإماراتي، كان هدفها وضع خطة لمسار الانقلاب الذي تم في يونيو/حزيران 2013.
وعن موقف الحراك الثوري في ذلك الوقت، قال نور، إنه كانت هناك محاولات لتحسين العلاقات مع الدول الخليجية لكن الموقف تحول إلى عداء شبه واضح بالذات من الإمارات ثم تحول إلى انخراط كامل من السعودية في المخطط الذي كنا نظن في البداية أنه إماراتي فقط، وتبين لاحقاً أنه إماراتي سعودي.
وأضاف أنه بعد انقلاب 2013، كان واضحا دعم السعودية والإمارات وبعض دول الخليج الأخرى للانقلاب وللثورة المضادة على ثورة يناير بدعوى أن هناك موقف ضد الإخوان المسلمين، بينما كانت الحقيقة أنه معاداة للثورة المصرية وانحيازا للانقلاب عليها.
وأشار نور، إلى أنه في هذا الوقت طرحت فكرة إضافة بعض الدول لمجلس التعاون الخليجي مثل المملكة الأردنية والمغرب، لتشكيل تحالف ملكي لمواجهة المد الثوري الذي حصل في الربيع العربي الأول؛ وسط مخاوف تمثلت في الإصرار السعودي على عدم محاكمة مبارك، لكنها لم تفلح نتيجة الضغوط الشعبية التي كانت تمارس على المجلس العسكري حينها.
وكشف أن السعودية نجحت في إنقاذ سوزان مبارك من المحاكمة، راويا أن النائب العام حينها عبدالمجيد محمود، أصدر قرار بضبطها وإحضارها إلا أن الملك عبدالله هاتف طنطاوي وطلب منه إبعادها عن المسائلة لأنه وعدها بأنها لن يتم استدعائها أو ضبطها وإحضارها أو القبض عليها، وقال له في حضور نائبه سامي عنان “أرجوا ألا تجعلني أتراجع عن وعدي”.
وأكد نور، أن طنطاوي ضغط على النائب العام، لتعديل أو تغيير أو إلغاء القرار الصادر بضبط سوزان؛ قائلا إنه رغم ذلك لم تكن السعودية هي الفاعل الظاهر في مناهضة الثورة بقدر ما كانت الإمارات أكثر وضوحا؛ فقد كانت الفاعل الأكبر في توجيه العداء لثورة يناير وتشويهها من خلال الإعلام الذي استقطبته ودفعت له أموالاً ضخمة.
وذكّر بأن الإمارات فتحت أبوابها لرئيس وزراء مصر الأسبق والمرشح الرئاسي الأسبق الفريق أحمد شفيق أحد رموز الثورة المضادة، ولأموال نظام مبارك وبعض رجال الأعمال، كما فتحت أبوابا واسعة للتنسيق مع هذا النظام سواء داخل مصر أو خارجها، مشيرا إلى أن كثير من رجال الأعمال المرتبطين بتنفيذ الانقلاب كانوا دائمي التردد على الإمارات.
ولفت المعارض المصري البارز والمرشح الرئاسي الأسبق، إلى أن بعضهم اعترف بهذا صراحة مثل رئيس مجلس إدارة قناة الفراعين توفيق عكاشة، حين قال إن بعض المسؤولين في مصر تواصلوا مع الإمارات لوقف الدعم الذي كانت تقدمه له ولقناته ما يعد إشارة إلى أن هناك دعم إماراتي حقيقي.
وأضاف: “التقيت في ديسمبر/كانون الأول 2012، بأحد المسؤولين الإماراتيين وسألته لماذا تدعمون فلان -أحد رموز مبارك-، فاقسم بأغلظ الأيمان أن آخر دعم قدم كان إبان الانتخابات الرئاسية بين أحمد شفيق والرئيس الراحل محمد مرسي، ورغم أن إجابته كانت صادمة لكنها كاشفة لحقيقة الأموال التي انفقت لمواجهة الثورة ودعم الثورة المضادة”.
واختتم نور حديثه قائلا: “نحن أمام موقف بدأ مرتبكاً لكنه في النهاية كان واضحاً وضوح الشمس وهو العداء والصدام مع إرادة الشعوب العربية في الربيع العربي بشكل عام وثورة 25 يناير بشكل خاص”.