شدوى الصلاح
قال الصحفي السعودي المعارض هاني العبندي، إن السلطة السعودية دأبت على إنكار وجود مشاكل أو أي مستوى للفساد طوال التاريخ، وهذا ما جعلها تُسمى مملكة الصمت، مشيرا إلى أن ما يتم تداوله في الصحافة والإعلام بشأن الأزمات التي تمر بها البلاد وزعم وجود رقابة على كل شيء يعكس حجم الإنكار.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن المشاهد المتداولة على خلفية أزمة هدد جدة وتهجير السلطات السعودية لسكان أحياءها قسريا، تؤكد أن ما يحدث جريمة بشعة، وتكشف أن مساحة الهدم كبيرة والمتضررين عددهم ربما تجاوز الآلاف إلى عشرات الآلاف، في ظل غياب البيانات الدقيقة التي يمكن من خلالها قياس حجم الخسائر المادية.
وأرجع العبندي، ذلك إلى سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مستنكرا استعانة النظام بكتاب وإعلاميين وصحفيين وذباب إلكتروني لتبرير أعمال الهدم بجدة، والترويج إلى أن المناطق التي يتم هدمها هي أوكار للمخدرات وأن ما يحدث بهدف التطوير، وذلك في ظل صراخ الأهالي عبر المساحات الصوتية على منصة تويتر.
وأضاف أن السُلطة السعودية دائما ما تصنع لنفسها مُبررات وهمية لترفع عن كاهلها المسؤولية الأخلاقية والقانونية، لكنها فشلت رغم أنها تملك جيش من الصحفيين والكتاب، وجيش إلكتروني على مختلف منصات التواصل الاجتماعي لمحاربة ومهاجمة كل من ينتقد ويطالب في حقوقه المشروعة سواء كان موضوع ما يجري في جده أو غيره من القضايا.
وتابع العبندي: “هذه هي سياسات الدولة، ولكنها أصبحت أكثر شراسة وفسادا عن العهود السابقة، بل حتى الرقابة على الصحافة والإعلام التقليدي والحديث أخذ صور جديدة ما بين توظيف الرقابة ذاتها وبين التكتم على الغضب المُخبئ في صدور المواطنين الذين عرفوا أنهم أمام سُلطة تتعامل مع مواطنيها على أنهم مُجرد أغنام لا بشر”.
وأكد أن هدد جدة يأتي في سياق سياسات الهدم والتهجير التي بدأها ولي العهد في بلدة العوامية التي تُشكل رافعة تأريخية للعمل السياسي المعارض، ثم تبعها في بلدات مختلفة بالقطيف، موضحا أن صحافة السُلطة وإعلامها ومغرديها تحدثوا حينها عن أنها سياسات تنموية وأن أصحاب البيوت تم تقييم منازلهم واستلموا حقوقهم كاملة.
وأضاف العنبدي: “تابعت في وقتها هذا الملف وسمعت من عدد من أهالي بلدة العوامية وبعض بلدات القطيف أنهم لم يحصلوا على مستحقاتهم، ولم يعوضوا عن الأضرار المادية التي لحقت بعدد من البيوت أثناء حصار البلدة الذي استمر ما يقارب ٩٠ يوماً بعد مقاومة اتخذت السلاح شكلاً من أشكالها.
وأشار إلى أن ما جاء في صحافة وإعلام النظام من خطاب عنصري يتهم أهالي أحياء جدة بالعشوائية والعيش في أوكار للجريمة لتبرير التهجير القسري والهدم، لا يختلف عن ما قيل في حق أهالي بلدة العوامية وباقي بلدات القطيف؛ إذ هدمت السلطة عام 2017، 488 منزلا تشكل كامل حي المسورة بالعوامية، مستخدمة خطاب أمني طائفي لتبرير الهدم.
وتساءل الصحفي السعودي المعارض: “ألم يهدموا العديد من الآثار التاريخية الدينية في مكة والمدينة بحجة التنمية والتطوير؟ ألم تصبح الكعبة صغيرة جداً في مقابل الفنادق حتى تشعر أنك في لاس فيغاس وليس في مكان له قداسته وروحانيته الدينية بالنسبة إلى ملايين المسلمين حول العالم؟”.
وقال إن مع وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز وتقلد ابنه مناصب عديدة منها ولاية العهد ليصبح الملك غيّر المتوج، غير الأخير شكل الرقابة على الفساد ليتم توظيفها بما يتناسب مع أهدافه الطامحة للسيطرة على العديد من مؤسسات الدولية، وهذا دفعه إلى شن حملة بعنوان مكافحة الفساد داخل الأسرة الحاكمة في سابقة تاريخية.
وفي سياق دأب السلطة السعودية على إنكار الأزمات، استدل العنبدي، بموقف رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، أبرز المقربين من ولي العهد، من أزمة تحرشات الكونسرت التي وقعت 14 يناير/كانون الثاني 2022، والتي أنكرها عبر حسابه بتويتر واتهم جهات خارجية بنشر الشائعات؛ وهو ما ردده أيضا كتاب وإعلاميون على حساباتهم بتويتر.
ولفت إلى أن ذلك جاء في الوقت الذي كشف ناشطون عن عدد من حالات التحرش الجنسي، وفقدان الاتصال مع بعض الفتيات، في دلالة على الضعف الإداري والتنظيمي لهذه الفعاليات وعدم الاكتراث بالقيم والمبادئ الاجتماعية، وتأكيد على أن آل الشيخ لا يُلقي بالاً لذلك بل همه توظيف الترفيه بما يخدم أجندته عبر تحقيق الكسب المالي السريع والفاحش.
ورأى أن تحرشات الكونسرت كشفت حقيقة الترفيه الفاقد إلى الأمن الأخلاقي والاستقرار الاجتماعي، مؤكدا أن آل الشيخ يفرض رقابة على كل من يُمارس النقد تجاه العديد من الفعاليات الترفيهية للهيئة التي يرأسها، لا سيما المخالفة لقيم ومبادئ المجتمع المعروف بالالتزام الديني والأخلاقي، والبعيدة عن نمط المجتمع السعودي.
يشار إلى أن مصادر حقوقية كشفت أن عمليات الهدم بجدة شردت مئات الآلاف من السكان؛ منهم 7196 نسمة من حي ذهبان، و10906 من حي ثول، و7973 من حي النزهة، و9388 من حي مشرفة، و121590 من حي الجامعة، و44385 من حي الهنداوية، بالإضافة إلى مناطق أخرى مقرر هدمها بالكامل، منها الفاو، والمحاميد، والثغر، وذهبان، ومشرفة، وبني مالك، والقريات، والثعالبة، والشرفية.