أعلنت منظمة القسط لحقوق الإنسان عن رصد تجاوزات بحقِّ سجناء الرأي في السعودية، من بينها الإهمال الطبي والحرمان من الزيارة وغيرها من المضايقات التي تطال أهل السجين بالخارج أحيانًا.
وعبّرت المنظمة الحقوقية عن قلقها البالغ بشأن مصير العديد من المعتقلين الذين يُعاملون على ما يبدو بنفس الطريقة التي أدت إلى وفاة شخصيات حقوقية بارزة في السجن خلال الآونة الأخيرة.
وأشارت إلى عدد من الشخصيات التي توفيت مؤخرًا داخل السجن، أبرزهم عبد الله الحامد بسبب الإهمال الطبي في نيسان/ أبريل 2020، وموسى القرني، الذي قُتل على ما يبدو على يد متطرفين دينيين، في تشرين الأول / أكتوبر 2021، فضلاً عن وفاة زهير شريدة الغامضة في مايو/ أيار 2021 وكذلك وفاة صالح الشيحي في يوليو/ تموز 2020 بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحه غير المتوقّع.
وأكدت “القسط” رصد تكرار حرمان الدكتور محمد القحطاني، أحد مؤسسي جمعية حسم والحاصل على جائزة رايت لايفليهود، من الكُتب، والأدوية مثل قطرات العيون والفيتامينات التي يحتاجها، ما أدى إلى تطور جفاف العين لديه.
وقالت إنه: “وبسبب إهمال إدارة السجن في توفير العلاج لمرض جلدي يعاني منه الدكتور القحطاني، وحرمانه من العلاج؛ فإن المرض تطور كثيرًا، ورغم وعود إدارة السجن بالنظر في الموضوع وحل المشكلة، إلا أنه لم يحدث أي شيء”.
ولفتت إلى تكرار أخذ القحطاني إلى مستشفى السجن من أجل الفحوصات، “ولكن في كل مرة يصل للمستشفى تتم إعادته للسجن بحجة عدم وجود أي موعد”.
وذكرت أن “عائلة القحطاني تعاني من المراقبة المشددة على الاتصالات، حيث تتعمد إدارة السجن دائمًا قطع الاتصال في حالة التحدث بلغة غير العربية.
وأشارت إلى أن إدارة السجن ما زالت حتى الآن تماطل في تغيير الزنزانة التي يُحبس فيها القحطاني حاليًا، والتي هي عبارة عن قسم خاص للمرضى النفسيين.
وكان القحطاني أبلغ سابقًا، عن عدد من الحوادث التي هددت أمنه وسلامته، مثل إضرام حريق داخل الزنزانة، وتعمُّد إدارة السجن وضعه مع مرضى أصيبوا بفيروس كورونا.
وفي حالة أخرى، ومنذ اعتقاله في سبتمبر 2017، يتعرض الداعية سلمان العودة لمعاملة قاسية داخل المعتقل، مع إصرار السلطات السعودية على عدم إطلاق سراحه أو حتى تحويل قضيته إلى المحكمة.
ووفق المنظمة، فإن العودة وبسبب الإهمال الطبي، فقد نصف بصره ونصف سمعه، فيما يُعتقد أن السلطات تعمل على قتله ببطء.
ولفتت “القسط” إلى أن زيارات العودة أصبحت متقطعة، وقد يُسمح له بزيارة واحدة كل شهرين وأحيانًا كل ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى قطع الاتصالات عنه منذ سنتين.
والعودة وُجهت له 37 تهمة من بينها عدم الدعاء لولي الأمر وتأليب المجتمع على الحكام، وطالب الادعاء العام بتطبيق عقوبة الإعدام بحقه.
وفي السياق، تلقت المنظمة بلاغًا بتحويل عبد الرحمن الدويش، نجل الداعية المختفي قسريًّا منذ 2016 سلمان الدويش، وشقيق عبد الوهاب الدويش المعتقل منذ أغسطس المنصرم، إلى العناية المركزة يوم 24 ديسمبر/ كانون أول 2021، بعد ظهور ورم أسفل البطن وكذلك عوارض انخفاض الضغط والسكر لديه.
وأكدت المنظمة أن عبد الرحمن لم يكن يعاني أيًّا من هذه العوارض مسبقًا قبل الاعتقال.
وقالت: “وحسب آخر المستجدات؛ تمّت إعادة عبد الرحمن مجددًا إلى السجن، مع تجاهل وضعه الصحي الذي هو عليه، ورفضت إدارة السجن بقاءه في المستشفى؛ ما يثير مخاوف من تعمد السلطات السعودية إهمال حالته الصحية”.
كما أن سجين الرأي خالد العمير، تعرض للكثير من المضايقات داخل السجن والإهمال، كانت إحداها محاولة لقتله في 30 يوليو/ تموز 2021، وفق المنظمة.
وذكرت أنه “عوضًا عن قيام إدارة السجن ببدء تحقيق في حادثة محاولة القتل، فقد تم توجيه تهم جديدة إلى العمير بالإضافة إلى رفع مدة محكوميته من 7 سنوات إلى 9”.
وكان العمير اعتُقل في يونيو/ حزيران 2018 بعد تقديمه شكوى للديوان الملكي ضد مسؤولين عن التعذيب الذي تعرض له أثناء قضائه حكمًا سابقًا بالسجن لمدة ثماني سنوات، واحتجز لشهور عدة دون أن توجه إليه أي تهمة ودخل في إضراب عن الطعام احتجاجًا على ذلك، ومثل أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في 8 سبتمبر 2020.
وفي السياق، رصدت “القسط” أيضًا تعمّد السلطات السعودية تأخير إجراءات تجديد هويات السجناء الذين تنتهي بطاقاتهم، وهو ما يتسبب في تأخر حصول عائلات السجناء على المستحقات المادية لفترة وصلت إلى شهرين.
ودعت المنظمة الحقوقية المجتمع الدولي إلى ضرورة اعتماد لجنة قانونية مختصة من أجل زيارة ولقاء مساجين الرأي في السعودية والاستماع إليهم وتفقّد أوضاعهم، من أجل ضمان سلامتهم وعدم تكرار ما حدث مع الدكتور عبد الله الحامد وموسى القرني وزهير شريدة.