شدوى الصلاح
قالت علياء رضي زوجة الرمز البحريني المعارض الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ المعتقل علي سلمان، إنها سُئلت على مدى سبع سنوات منذ اعتقال زوجها مراراً “من هو زوجك؟”، مشيرة إلى أنها في كل مرة كانت تجيب إجابة قاصرة ناقصة لا تستطيع أن توصل للسائل تعريفاً واضحاً له.
وأضافت في حديثها مع الرأي الآخر: “زوجي مواطن بحريني أصيل ولد على هذه الأرض وتربى في قراها لعب في بساتينها سبح في عيونها وبحارها اختلطت مساماته بتراب شواطئها ولد في قرية البلاد القديم البحرينية عاصمة البحرين التاريخية قديماً، حمل أمانة هذا الوطن منذ السابعة والعشرين من عمره”.
وتابعت علياء: “خطى زوجي بخطى ثابتة واثقة في حماية هذا الشعب والدفاع عن حقوقه المهدورة، وقاد ثورة صحوة ويقظة للخلاص والتحرر من العبودية لم يركن للظلم ولم يسكت عن الحق فنفي في التسعينات، وتعرض لمحاولة اغتيال في ٢٢ يونيو/حزيران ٢٠١٢ ثم اعتقل في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٤ حتى يومنا هذا”.
وأوضحت أن سلمان اعتقل اعتقالاً سياسياً بحتاً رداً على مواقفه الوطنية وعمله على ترسيخ مبدأ الديمقراطية والمواطنة المتساوية، واعتقل كإجراء انتقامي لأقواله ومواقفه ومطالبه السياسية التي يرفعها والمتمثلة في العمل السلمي لتحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ورفض التمييز القائم على أساس القبيلة والطائفة”.
وأشارت علياء، إلى أن سلمان اعتقل لمطالبته بتطبيق الملكية الدستورية التي بشر بها ميثاق العمل الوطني، حيث وعد الشعب بمملكة دستورية على غرار الممالك الدستورية العريقة، ولأنه مارس حقوقه المشروعة في التعبير عن الرأي والنقد والمطالبة بالحقوق وهو حقه الوطني والقانوني وواجبه الديني والإنساني أيا كان موقف السلطة منه”.
واستطردت: اعتقل زوجي على خلفية مطالبته بتطبيق المادة الأولى الفقرة د من الدستور البحريني التي تنص على أن نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا، ولأنه دعا إلى عدم الاشتراك في الانتخابات الصورية التي جرت في ٢٢ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٤.
ولفتت علياء، إلى أن تلك الانتخابات تكرس واقعاً قائماً على التمييز القبلي والطائفي، مضيفة أن دعوة سلمان لمقاطعتها أدت إلى تصفير صناديق الاقتراع وتعرية الانتخابات أمام المجتمع الدولي، موضحة أن الشيخ سلمان وجمعية الوفاق التي أسسها شاركت في الانتخابات النيابية ٢٠٠٦ / ٢٠١٠ مبدية حسن النوايا لما سمي بالمشروع الإصلاحي.
وبينت أن سلمان وجمعيته قاطعوا انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٤ احتجاجا على العهود التي نكثت ودماء الأبرياء المراقة وآلاف معتقلي الرأي والوضع المتردي في البلاد فأثار ذلك غضب السلطة من منطلق “كيف لهذا الحزب أن يكون له كل هذا التأثير على الشارع البحريني ويتمكن من تصفير صناديق الاقتراع وإحراج النظام أمام العالم.
وأشارت علياء، إلى أن تأثير سلمان تسبب أيضا في إحراج النظام أمام حلفاءه الذين يحكي لهم قصص الديمقراطية والتوافق الشعبي والالتفاف حول الحكم، مؤكدة أن من هنا جاء اعتقال سلمان وأن كل الأسباب التي صيغت كالتخابر مع قطر وغيرها هي حجج واتهامات واهية لإسكات صوته المعتدل المطالب بالديمقراطية والمساواة والعدالة.
وأكدت أن الاعتقال جاء لإضعاف جمعية الوفاق بصفتها القوة السياسية الأكبر في صفوف المعارضة البحرينية وحلحلة بنيانها وإضعاف القوى المتحالفة في مجموعة الجمعيات السياسية الوطنية الديمقراطية، ولإرهاب القوى والشخصيات السياسية والحقوقية البحرينية وللتأثير النفسي على جماهير الشعب المطالب بالديمقراطية.
وبينت علياء، أن اعتقال سلمان كان له نتائج وخيمة فقد استمر التوتر السياسي والأمني في البلاد على خلفية رفض الاستجابة لمطالب الشعب العادلة، واستمرت الحملة الأمنية على المعارضين وتم اعتقال آلاف المواطنين، كما ضاقت الأرضية التي تقنع المزيد من الشباب بصواب اللجوء إلى العمل السلمي العلني الإصلاحي باعتقاله.
وذّكرت بأن الشيخ سلمان داعي للعمل السلمي المتزن، ومارس كل الوسائل السلمية للضغط من أجل إحقاق الحقوق السياسية والإنسانية وإيقاف كل ما يمارس من انتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وعن حال أبناء سلمان، قالت علياء، إن الشيخ اعتقل وطفلته الكبرى في السابعة من عمرها والصغرى في عمر أربعين يوماً، مضيفة: “ما معنى أن يكون المنزل بلا أب؟.. ذلك يشبه بناء بلا سقف يقي ساكنيه من الأمطار والبرد والشمس والعواصف.. منزل بلا أب لا يكون منزلاً كاملاً ولو حاولت الأم أن تقوم بواجبات الأب والأم معاً”.
واسترسلت: “حضن الأب لا يمكن أن يشغل مكانه أحد.. ظل الأب لا يعوضه شيء في هذه الحياة.. أن يولد طفل ولا يعرف معنى وجود الأب في زوايا المنزل يتواصل مع والده عبر قضبان أو أسلاك هاتف.. يتعرف على والده عبر صوره وصوته البعيد.. لا يستطيع أن يحتضنه أو يلمسه ويمسك بيده”.
وأشارت علياء، إلى أن طفلتها تسألها “هل يأكل البابا مثلنا هل يشرب الماء هل يعرف هذا النوع من الطعام أو الشراب؟ كيف يجلس في المنزل؟ كيف كان يلعب مع إخواني وغيرها”، قائلة: “تسأل ذلك لأنها ببساطة لم تشاهد والدها منذ ولادتها يشاركها الطعام أو الشراب أو يمارس أنشطة أو ألعاب كسائر الآباء مع أطفالهم”.
وأضافت: “نحن ندفع كل هذه الأثمان الباهظة ونتحمل طول مدة الاعتقال والفراق وآلامه في سبيل هذا الوطن وأن نراه في مصاف الأوطان المتقدمة الحرة الديمقراطية التي ينعم شعوبها بحقوقهم الكاملة وبالأمن والأمان”.
وعن ما الذي تريد قوله لزوجها إذا راسلته، كتبت علياء الرسالة التالية له في ذكرى ثورة 14 فبراير/شباط 2011.
زوجي العزيز
لقد رسمت بصمودك لسنوات خلف القضبان المسار والتاريخ، فمنذ ريعان شبابك وأنت تتوق نحو الحرية وترنو للحق وأهله، فرسمت مسارك ودونت تاريخك، فكنت أيقونة الحق والسلام والحرية، لم يسكتك الظالمون عن الجهر بالحق، فكنت صرخة الحق المدوية، ولازال صداها يتردد في زوايا حياتك وحياة من حولك.
ولأنك ترى الميلاد الحقيقي هو أن نعيش كما نريد لا كما يُرسم لنا أن نعيش.. أن نعيش بعزة وكرامة.. لا بخنوع وذل.. وأن نحلق بجناحين من حرية.. لا أن نكبل بأصفاد العبودية.. فكانت مبادئك مشعل النور الذي نتلمس فيه طريقاً لا يعرف الاستكانة والخضوع.. رغم وعورته بحثت عنه طوال سنوات حياتك.
وعشت لترى هذا النور الذي يراه الوليد أول ما يخرج من ظلمة رحم امه ويفتح عينيه لأول مرة، أصبح هذا النور حلمك، وعاهدت الله أن تصل إليه ممسكاً بأيادي المستضعفين من أبناء هذا الشعب المضطهد لتشرق شمس الحرية على قراهم ومدنهم، ولنشهد مولد الفجر بعد ليل طويل حزين.
إليك وأنت خلف قضبانك.. تحول ظلمتها نوراً.. نحن نفتخر بك كثيراً ويدنا بيدك حتى تشرق شمس الحرية، وسيبقى هذا الوطن منتظراً طلتك.. لتأخذه إلى بر الأمان إلى ذلك النور بعد النفق المظلم.. نحن بالانتظار.