صرح الجيش الأوكراني، بأن أحد جنوده قتل اليوم السبت، جرّاء إطلاق نار من قبل انفصاليين موالين لروسيا في منطقة “دونباس” شرقي البلاد.
وأوضح الجيش، في بيانه أن الانفصاليين خرقوا وقف إطلاق النار شرقي البلاد 19 مرة، مشيرا إلى أن نيران الانفصاليين طالت مناطق “نوفوترويسك” و”جرانيتين” و”فوديان” و”بولوتون” و”شيروكينو” التابعة لـ”دونباس”، وأسفرت عن مقتل جندي.
ويتخوف مراقبون من انطلاق شرارة عملية عسكرية روسية وسط احتداد أعمال العنف في هذه المنطقة التي تشهد صراعا منذ نحو ثماني سنوات.
وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، قالت إن مراقبيها “لاحظوا زيادة كبيرة” في الأعمال المسلحة على طول خط الجبهة.
وأشارت في تقريرها اليوم السبت، إلى أن المنطقة شهدت حاليا عددا من الحوادث يعادل عدد تلك التي وقعت قبل اتفاقية تم توقيعها في يوليو/تموز 2020 لتعزيز وقف إطلاق النار.
وقال مراقبوا المنظمة، إنهم لاحظوا “زيادة كبيرة” في انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، حيث يتواجه المسلحون الموالون لروسيا مع القوات الأوكرانية منذ 2014.
فيما أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن، عن اعتقاده بأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتخذ قرارا بغزو أوكرانيا خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال بايدن، في مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض مساء أمس الجمعة، إن المسلحين المدعومين من روسيا شرقي أوكرانيا -والذين تعتبرهم كييف انفصاليين- ارتكبوا “خروقات جسيمة” لوقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة.
وأضاف أن “روسيا تمارس حملة تضليل كبيرة، لاختلاق الذرائع لمهاجمة أوكرانيا”، مشيرا إلى أن المسلحين الموالين لروسيا يعمدون إلى إلقاء اللوم على سلطات كييف في ما يتعلق بالهجمات في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا.
وأكد بايدن وجود نحو 150 ألف جندي روسي على حدود أوكرانيا وبيلاروسيا وفي البحر الأسود، وقال “لدينا أسبابنا التي تدفعنا للاعتقاد بأن روسيا ستهاجم أوكرانيا خلال الأيام المقبلة”.
واعتبر أنه “سيتم استهداف العاصمة الأوكرانية كييف أيضا، التي يعيش فيها 2.8 مليون شخص بريء”. وقال إن الولايات المتحدة لن ترسل جنودا إلى أوكرانيا، لكنها ستواصل مساعداتها الدفاعية لها.
وشدد على أن الغرب “متفق وحازم” في ما يخص فرض عقوبات قاسية على روسيا إذا أقدمت على غزو أوكرانيا، مشيرا إلى أن أي غزو روسي “سيؤدي إلى حرب كارثية”.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن وزير خارجيته أنتوني بلينكن سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس المقبل في أوروبا، وأضاف أن “على روسيا الاختيار بين الدبلوماسية والتداعيات الكارثية التي ستسفر عنها تحركاتها العسكرية”.
وفي وقت سابق الجمعة، قال البيت الأبيض إن بايدن وزعماء حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين أجروا اتصالا هاتفيا أبدوا فيه قلقهم بشأن “استمرار حشد القوات” الروسية بالقرب من أوكرانيا و”كرروا دعمهم لسيادة أوكرانيا”.
وأكد البيت الأبيض، في بيان الجمعة، أن القادة المذكورين “تعهدوا بمواصلة الدبلوماسية لتهدئة التوترات مع ضمان الاستعداد لفرض تكاليف اقتصادية سريعة ومنسقة على روسيا إذا اختارت المزيد من الصراع”.
وبنفس السياق، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، مرسوما يقضي باستدعاء المواطنين المشمولين بقائمة القوات الاحتياطية للخضوع للتدريب العسكري.
وتضمن المرسوم دعوة مواطني روسيا الموجودين في قائمة الاحتياط لعام 2022 للخضوع لتدريب عسكري في القوات المسلحة الروسية، ووكالات أمن الدولة ووكالات خدمات الأمن الفدرالي.
وبحسب نص المرسوم، تم توجيه مجلس الوزراء والسلطات التنفيذية للمناطق الروسية لضمان تنفيذ الإجراءات المتعلقة بدعوة المواطنين إلى معسكرات التدريب، وعقد هذه المعسكرات التدريبية.
وبموجب القوانين الاتحادية في روسيا، لا يمكن استدعاء المواطنين المشمولين بقوائم الاحتياط للتدريب لأكثر من مرة واحدة خلال 3 أعوام
وفي السياق، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مساء أمس الجمعة إن أوروبا تشهد حاليا “أكبر حشد لقوات عسكرية” منذ الحرب الباردة، مع وجود نحو 150 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية، بحسب تقديرات الدول الغربية.
وصرّح ينس ستولتنبرغ لقناة “زد دي إف” الألمانية بأن الأمر “يتجاوز بكثير (إجراء) مناورات” وأن “روسيا قادرة بالتأكيد على مهاجمة” أوكرانيا.
من جهة أخرى، قال مسؤول عسكري أميركي الجمعة إن ما بين 40% و50% من القوات الروسية الموجودة قرب الحدود مع أوكرانيا اتخذت “مواقع هجومية”، موضحا أنه يوجد ما يقرب من 150 ألف جندي روسي على الحدود من بينهم نحو 125 كتيبة تكتيكية.
وأكد أن نسبة القوات الموجودة في مواقع هجومية أعلى مما كان معروفا من قبل، وتشير إلى أن تلك الوحدات الروسية يمكن أن تهاجم أوكرانيا دون سابق إنذار.
وبدورها أفادت شركة الصور الأميركية “ماكسار”، الجمعة، بأن صور الأقمار الصناعية تظهر نشاطا عسكريا في مواقع متعددة عبر بيلاروسيا (روسيا البيضاء) وشبه جزيرة القرم وغرب روسيا بالقرب من الحدود الأوكرانية.
وأوضحت “ماكسار” أن الصور تظهر انتشارا ضخما جديدا لمروحيات في شمال غرب بيلاروسيا ونشر مجموعة قتالية للدبابات وناقلات جنود ومعدات دعم في مطار ميليروفو الواقع على بعد 16 ميلا من الحدود الأوكرانية.
وفي السياق ذاته، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي داليب سينغ إن الإدارة الأميركية أعدت حزمة للعقوبات التي ستفرض على روسيا في حال غزو أوكرانيا، مضيفا أن العملة الروسية ستتأثر بشكل كبير في حال فرض تلك العقوبات على روسيا.
وأكد سينغ للصحفيين أن روسيا “ستصبح دولة منبوذة بالنسبة للمجتمع الدولي، وسيتمّ عزلها من الأسواق المالية الدولية وحرمانها من المُدخلات التكنولوجية الأكثر تطوّرا”.
ومن جانبه، أكد البيت الأبيض أن واشنطن نسقت عمليات تعويض إمدادات الغاز الروسية من شمال أفريقيا والشرق الأوسط والولايات المتحدة في حال قطعها. كما حذر الصين من منح موافقة لروسيا لغزو أوكرانيا، لأن ذلك سيترك أثرا عميقا على أوروبا.
في الأثناء، أعلن المسلحون الموالون لروسيا شرقي أوكرانيا -والذين تعتبرهم كييف انفصاليين- بدء عمليات إجلاء للمدنيين في إقليم دونباس، بينما أوفد الرئيس الروسي وزير الطوارئ للإشراف على عمليات استقبال أهالي الإقليم الفارين من “أعمال العنف”.
بدورها، قالت المخابرات العسكرية الأوكرانية إن لديها معلومات عن لجوء المخابرات الروسية إلى زرع ألغام في مرافق البنية التحتية في دونيتسك لخلق ذرائع لاتهام أوكرانيا بارتكاب أعمال إرهابية.
وحثت الاستخبارات الأوكرانية سكان الإقليم على عدم مغادرة منازلهم وعدم استخدام وسائل النقل العام.
وقال سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف إن بلاده “لن تحرر أراضيها المحتلة بالوسائل العسكرية، لأن ذلك سيوقع خسائر كبيرة بين السكان المدنيين”.
واتهم المسؤول الأوكراني المسلحين الروس بمحاولة استفزاز قوات بلاده المسلحة، نافيا تورط الجيش الأوكراني في التصعيد في دونباس.
وفي تعليقه على هذه التطورات، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن ما حدث في دونباس “جزء من خطوات روسية لتبرير العدوان على أوكرانيا”.
وأوضح بلينكن، في مداخلة له بمؤتمر ميونخ للأمن، أن القصف في شرق أوكرانيا في الساعات الماضية هو “جزء من جهود روسية لاختلاق استفزازات كاذبة لتبرير مزيد من العدوان ضد أوكرانيا”، مجددا القول إن “روسيا ستدفع ثمنا باهظا” إذا اعتدت على جارتها.
كما قالت الخارجية الأميركية إن عمليات الإجلاء من شرق أوكرانيا “محاولة أخرى للتعتيم على كون روسيا هي المعتدي في هذا النزاع”.
وأضافت الخارجية، في بيان، أن هذا النوع من العمليات الخادعة هو بالضبط ما أبرزه الوزير بلينكن في إحاطته أمام مجلس الأمن، ولفت إلى أن روسيا هي المحرض الوحيد على التوترات شرق أوكرانيا وهي من يهدد الشعب الأوكراني، حسب بيان الخارجية الأميركية.
كما حضّت فرنسا وألمانيا، الجانب الروسي على “استخدام نفوذه” لدى “الانفصاليين” في شرق أوكرانيا “للدعوة لضبط النفس والمساهمة في احتواء التوتر”.
وقالت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك ونظيرها الفرنسي جان إيف لودريان، في بيان مشترك، إنّ “الانتهاكات العديدة لوقف إطلاق النار على طول خط الجبهة خلال الأيام الأخيرة تثير قلقا بالغا”، منددين “باستخدام الأسلحة الثقيلة وقصف مناطق مدنية من دون تمييز”.
وفي موسكو، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بعدم الجدية في بحث الضمانات الأمنية.
وأكد الرئيس الروسي استعداد روسيا للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
وشدد على أن موسكو مستعدة للتفاوض، شريطة النظر في كل القضايا التي اقترحتها للضمانات الأمنية كحزمة واحدة دون استثناء.
بدوره، قال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو إن موسكو ومينسك لا تريدان الحرب، محذرا من أن أوروبا أصبحت على شفا حرب شاملة.
واتهم لوكاشينكو بعض المسؤولين الغربيين بالحماقة وغياب المسؤولية وبأنهم وراء تصعيد النزاع في دونباس، الأمر الذي تسبب في بدء فرار المواطنين من الإقليم.
وقال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني إن الانفصاليين المدعومين من روسيا يواصلون تعمد مفاقمة الوضع وتضليل سكان ما سماها “الأراضي المحتلة مؤقتا”.
وأكد المسؤول الأوكراني أن جيش بلاده لا يخطط لأي عمل عسكري في دونباس، لأنه سيؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين، وطالب السكان في الشطر الواقع تحت سيطرة “الانفصاليين” بعدم تصديق ما وصفها بروايتهم وأكاذيبهم.
وبسياق متصل، إن انفجارين وقعا في منطقة يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا، في لوهانسك شرق أوكرانيا.
وتعد لوهانسك واحدة من منطقتين أعلنتا الانفصال عن كييف وتشكيل جمهوريتين مستقلتين، وسط اتهامات لموسكو بتقديم الدعم المالي والعسكري لهما.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية إنترفاكس، أن الانفجار الأول وقع بالقرب من خط أنابيب للغاز، فيما لم تذكر تفصيلا عن الانفجار الثاني.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية وصفت الأنباء التي تحدثت عن انفجار وقع في إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا، الجمعة، بـ”المحاولة الجديدة للتغطية على حقيقة أن روسيا هي المعتدية في هذا الصراع عبر الأكاذيب”.
ونقلت شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن متحدث للخارجية الأمريكية قوله؛ إن “الأنباء التي تحدثت عن انفجار سيارة مفخخة في دونيتسك، هي مجرد محاولات جديدة للتغطية على حقيقة أن روسيا هي المعتدية في هذا الصراع عبر الأكاذيب والمعلومات غير الصحيحة”.
ووصف المتحدث الحادثة بأنها “عملية مضللة”، قائلا إنها “بالضبط ما حذر منه وزير الخارجية أنتوني بلينكن في كلمته أمام مجلس الأمن”.
وأضاف أنه “لمن المعيب والتصرف الشرير أن تستخدم الناس كبيادق، لإلهاء العالم عن حقيقة أن روسيا تبني قواتها في إطار التحضير لهجوم”.
وقال المتحدث: “روسيا هي المحرض الوحيد لهذا التوتر وهي تهدد الشعب الأوكراني ووضعت قواتها على الحدود مع أوكرانيا، وتقوم بالاعتداء وخرق حقوق الإنسان بشكل روتيني في إقليم دونباس”.