شارك الأمين العام لحزب التجمع الوطني عبد الله العودة والأمين العام السابق يحيى عسيري في برنامج “مع التجمع” الذي قدمّه عضو الحزب عبد الله الجريوي، وخُصصت حلقته الجديدة للحديث عن “هدد جدة والمقاومة السلمية”.
وأكد العودة أن مساحات تويتر وتدوين وتوثيق الانتهاكات المتعلقة بالهدد وصل صداها واضطرت الحكومة لعمل استنفار إعلامي وشعبي، وتسخير جهودها في محاولة الترقيع وترويج سرديتها بشأن الأزمة.
وقال إن: “الكلام المعهود بأن الهدد يستهدف العشوائيات وأوكار الجريمة، وأن التعويضات عادلة والوضع تحت السيطرة بالكامل، لم ينجح في إقناع الناس”.
وأضاف “نحن اضطررناهم للحديث، وبالتالي الدخول في مآزق أكبر؛ لأن كل العملية مبنية على مبدأ باطل، وكل ما دفعناهم للحديث أكثر كانت هناك ثغرات أكثر تريحنا من عناء إثبات المثبت، وهم أصبحوا يثبتون عمليًا ما كنا نقوله بشكل نظري”.
وشدد على أن “المعركة بالدرجة الأولى هي معركة سردية، وقصة، وعمل إعلامي وإيصال رسالة للمعنيين في القضية، والمضطهدين الذين أخدت أراضيهم”.
وأوضح أن قضية هدد جدة تسببت بإحراج ضخم للسلطات، إذ تحولت من حدث على هامش “منجزات واحتفالات ونشاطات” محمد بن سلمان إلى كونها في منتصف الصورة.
وقال: “نحن فرضنا القصة على كل الذين مارسوا الانتهاكات، واضطروا للحديث عنها، نحن نجحنا في أن نجعل الحدث القصة الرئيسية”.
وأشار إلى أن “أهالي الأحياء ليس لديهم مانع في الهدم والبناء والترتيب، لكن وفقًا للشروط الموضوعية القانونية الدولية دون ارتكاب أي انتهاكات تتعلق بضمان التعويضات ووجود تفاهمات وأولوية لهم وشفافية ووضوح في المشروع، وإعطاء وقت وآليات كافية وبديل مناسب”.
وأضاف “ما يُروج من مؤامرة كونية على الدولة وأنه لا توجد مشاكل في البلد، هذه نكتة، فكل الديكتاتوريين حول العالم يقولونها”.
وتابع “يقولون إنهم توقعوا أن الناس مرتاحون وتفاجأوا بما يحدث من ردة فعلهم على الهدم، وهذا اعتراف من الحكومة بغضب الناس”.
وأكمل “يقولون إن التأجير في هذه المناطق كان لتجار مخدرات، فكيف الآن بدلًا من محاسبة المروج والمتستر عليه (المؤجر) تتركونه يذهب إلى مكان أفضل وأجمل ليمارس نفس الجريمة”.
وأكد العودة “أننا سنصل في مرحلة ما إلى ما يسمى كسر العظم، بين السردية الحكومية وآلة القمع وبين المقاومة الشعبية وآلة الوعي وإيصال الرسالة وتوثيق الانتهاكات والتواصل المحلي والدولي”، مشددًا على أن “المعركة ستصبح أكثر شراسة”.
وعدد الأمين العام للحزب عديد الانتهاكات التي مارستها السلطات خلال هدد جدة، أبرزها متعلق بوقت الإخطار بالهدد، وطريقته، والوعد بالتعويض من عدمه، وتحقيق التعويض، والإجراءات التي تم بناءً عليها الهدم.
وقال: “الإخطار بالهدم جاء قبل 24 ساعة من العملية، ومنهم قبل أسبوع ومنهم قبل 9 أيام ومنهم قبل شهر، أما طريقة الإخطار فهي غير قانونية، وتمت دون شرح وبيان الآليات، وذلك بالكتابة على الجدران”.
وأضاف “لم يكن هناك وعود محددة بالتعويض، وأكثرها كانت عامة، ومن تلقى وعود خاصة كانت بدون تفصيل، رغم أن كل ذلك موجود بالتفصيل في القانون السعودي”.
وتابع “لا يوجد وعد بالتعويض العادل، كما من الضروري توفير بدائل مناسبة لسكان هذه المناطق، إذ إن الكثيرين لم يتم إيجاد بدائل لهم، ومن وُجد له البديل كان غير مناسب، والبعض سُكّنوا مؤقتا في فنادق، وهي غير مناسبة للحياة الطويلة”.
وشدد على أن “إجراءات الهدم وطريقته والمشروع المتعلق به غير واضحة”، لافتًا لوجود “معايير دولية تقتضي إعطاء سكان المكان- في حال عدم وجود انتهاكات- أولوية في هذه المشاريع التي تُبنى على أماكنهم”.
الهبة الجماهيرية
أما الأمين العام السابق للحزب فأكد أنه “لولا الهبة الجماهيرية لما تحركت السلطة للدفاع عن الهدد”، مشيرًا إلى أن “برنامج في الصورة كان فيه اعتراف ضمني بالكثير من الانتهاكات والإخفاقات التي قامت بها السلطات”.
وقال: “في البرنامج كنا نسمع ما يحدث ليس من المتضررين بل من مسؤولي السلطة، وبرز بشكل واضح جدًا انعدام الشفافية لدى مسؤولي السلطات”.
وأضاف “على سبيل المثال الأمين العام لجدة كان يكرر طوال الحلقة عبارات من قبيل: هكذا أظن وهكذا فهمت والتوجيهات العليا، وكان واضحًا أنه بعيد جدًا عن المشهد”.
ولفت يحيى عسيري إلى وجود “ضبابية وانعدام في الشفافية فيما يتعلق بهدد جدة، وهو ما يعيدنا إلى السلوك الذي تمارسه السلطات منذ سنوات”.
وذكر أنه “إذا كان المجتمع حاضرًا فمن حقه محاسبة المسؤول، وحينها ستتوقف الوعود الفارغة، لأن العقل الجمعي خير من العقل الفردي”، متسائلًا باستغراب “عندما يعد سلمان وعودًا لم تنفذ منذ 40 عامًا.. فكيف نصدقه الآن؟!”.
وقال: “عندما قالوا إنهم أخفقوا في الجانب الإعلامي، فهم يقصدون أنهم لم ينجحوا في إسكات الناس عن الحديث في القضية”.
وأوضح أن “سلطات محمد بن سلمان تتعامل مع الوضع الحالي في البلد يومًا بيوم فقط، ولا تفكر فيما يجري غدًا، ولا تفكر بشكل استراتيجي”.
وأكد عسيري “انعدام الخطط والرؤى والدراسات في هدد جدة، إذ لديهم بعض الرسومات، لكن هل هناك مشروع حضاري حقيقي.. طبعًا لا”.
وقال: “لا يوجد أحد يوقف السلطة ويقول أين أنتم، ومن يفعل ذلك مصيره كمصير جمعية حسم، فإما أن يخرج من البلد ويطالب بالحقوق، أو يكون في السجون”.
وشدد على أن “المقاومة السلمية تكون بالرفض الشعبي، والاعتراضات والجمعيات والتواصل مع الفضاء الخارجي والمجتمع الدولي والإعلام”.
ورأى أن “الحديث المتواصل عن هدد جدة منذ بدايته حتى الآن، ومساحات تويتر والتغريدات والوقفات، أمور إيجابية وعمل مدني نبيل نتمنى أن يستمر”.
وأكد عسيري أن “مصداقية السلطة السعودية سقطت بشكل كامل، ولم يعد لها أي وجود”.
وأشار إلى “وجود عدم احترام للإنسان على الإطلاق في السعودية مقابل تقديس للسلطة والمنظر، وبالتالي سحق السكان”.
وشدد على أن “المواطن السعودي يعمل ويكدح، والخطأ هو في الفساد الإداري الذي ينجم عن عدم توظيف المبتعثين في أماكن تخصصاتهم عند عودتهم”، لافتًا إلى أن التوظيف يكون على أساس المحسوبية والواسطة.
وأوضح عسيري أنه “لبناء الدولة؛ يجب أن يكون المجتمع حاضرًا بقوة في مؤسساتها كالبرلمان، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المؤسسة العسكرية مستقلة لحماية الدولة وليس الحاكم، ويوازي ذلك مؤسسات المجتمع المدني والإعلام النزيه المستقبل، ويُعطى مع هذا حرية الرأي والتعبير”.
وقال: “نستطيع بناء دولة بمجتمع حي وحيوي ومشارك وليس بشخص مستبد متنفذ”.
وشهدت الحلقة مداخلات من مواطنين دعوا إلى عدم السكون والمساعدة في رفع الظلم
ودعا أحد المشاركين في المداخلات إلى المشاركة في وقفة أمام السفارة السعودية في واشنطن يوم الخميس المقبل رفضًا للانتهاكات في البلاد.