لسنوات، كانت نسيمة السادة في طليعة حركة حقوق المرأة السعودية، وكتبت أعمدة في الصحافة، وشاركت في تأسيس منظمة “العدالة” لحقوق الإنسان.
ورفعت السادة دعوى قضائية تطالب بالسماح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات وقامت بحملة من أجل الحق في القيادة وإنهاء ولاية الرجل التي تضع السيطرة على جميع جوانب حياة المرأة تقريبًا في يد الأب أو الزوج أو حتى الابن.
لكن على مدار العامين ونصف العام الماضيين، كانت السادة مسجونة في مدينة الدمام، وفي محاكمة مغلقة أمام المراقبين الدوليين، وحُكم عليها في نوفمبر/ تشرين الثاني بالسجن نحو ست سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية السعودي، بتهمة “التواصل مع كيانات أجنبية معادية للدولة” عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت السادة واحدة من عدة صحفيات وناشطات اعتقلن في 2018، حيث شنت السلطات السعودية حملة على الداعين للسماح للنساء بقيادة السيارات، ورغم إلغاء حظر القيادة على النساء، ما زال يُحتجز العديد من الداعين له خلف القضبان.
وتم الإفراج عن واحدة من هؤلاء، وهي لجين الهذلول، في فبراير / شباط، مما يحمل بعض الأمل في أن يتم الإفراج عن آخرين اعتقلوا في نفس الوقت.
لكن نشطاء سعوديين يقولون إن إطلاق سراحهم من الحجز لا يضمن الحرية.
الشروط الصارمة تمنع الهذلول من الحديث عن تجربتها وتمنعها من السفر، ويعني الحكم مع وقف التنفيذ أنها ستعود إلى السجن إذا واصلت نشاطها.
وقالت كيران نزيش ، الصحافية المستقلة والمؤسس المشارك لتحالف “النساء في الصحافة”: “إنها مقيدة اليدين، على أي حال، حتى بعد إطلاق سراحها”.
وأدان التحالف الذي يدير شبكة دعم وبرنامج ينقل التهديدات التي تواجه المرأة في الصحافة، معاملة السعودية للسادة، داعيًا إلى إطلاق سراحها كليًا، ووضح حد لاضطهاد الناشطات.
وقالت نزيش لـ”صوت أمريكا”، إنها تخشى أن تواصل الحكومة السعودية تطبيق مستويات من السيطرة على السادة حتى بعد خروجها من السجن، إذ إن هناك بالفعل حظر سفر عليها.
وأضاف “هناك الكثير من الضغوط الدولية على الحكومة السعودية والأمير السعودي، لكننا لم نسمع أي رد منهم” ، في إشارة إلى محمد بن سلمان، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الحاكم الفعلي للمملكة.
وتعرضت معاملة السادة ونساء أخريات في السجون السعودية لانتقادات من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي وجماعات حقوقية دولية.
وكتبت لجنة العلاقات الخارجية في رسالة من الحزبين في تشرين الثاني (نوفمبر): “تم احتجاز هؤلاء النساء خطأ لمجرد ممارستهن لحقوقهن الأساسية”.
كما قامت منظمة العفو الدولية بحملة من أجل إطلاق سراح النساء.
وفي تقرير نُشر في 2018، وجدت المنظمة الحقوقية روايات عن تحرش جنسي وتعذيب لنشطاء محتجزين، بما في ذلك الصعق بالصدمات الكهربائية والجلد.
وقال فيليب ناصيف مدير المناصرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية لـ”صوت أمريكا”، إنه: “في الوقت الذي يجب الاحتفال فيه بالإفراج عن الناشطة الهذلول، يجب العمل حتى يتحرر المعتقلون ظلماً تمامًا من الخوف، ومن التعرض للاعتقال والاحتجاز مرة أخرى”.
وأضاف “استمرار اعتقال نسيمة دليل على أن السياسة العامة لم تتغير”.
طبقات القهر
واحتجزت السادة في سجن شديد الحراسة وأمضت عامًا في الحبس الانفرادي، حُرمت خلاله من الزيارات من عائلتها ومحاميها، حسبما أفاد اتحاد الصحفيين الدوليين.
وجاء اعتقالها أثناء تقييد أوسع للحريات في المملكة العربية السعودية.
وقال ناصيف: “منذ أن نفذ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حملة قمع على المجتمع المدني مع التركيز بشكل خاص على النشطاء والصحفيين، كانت السياسة السعودية بسيطة: انتقد حكام المملكة و / أو سياساتها وسوف تهبط في السجن”.
وتستخدم السلطات السعودية تشريعات مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية للرد على الصحفيين الذين ينتقدون أو يكتبون عن قضايا سياسية، بما في ذلك اتهامات “تعريض الوحدة الوطنية للخطر” أو “الإضرار بصورة” الدولة، وفقًا لمراسلون بلا حدود.
وتحتل البلاد المرتبة 170 من أصل 180، من الدول الأكثر حرية، على مؤشر حرية الصحافة العالمي.
وقال عبد الله العودة، الناشط السعودي ومدير الأبحاث في العالم العربي بمنظمة “الديمقراطية الآن”، وهي منظمة غير ربحية تروج للديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن في السعودية “طبقات من القمع”.
وأضاف قال العودة لـ”صوت أمريكا”، “نفس الحكومة التي تقول في الواقع إنها تمكن النساء، إنها في الواقع تتخذ إجراءات صارمة ضد النساء”.
والعودة ناشط وباحث مقيم في الولايات المتحدة، ولديه خبرة مباشرة في المخاطر التي يتعرض لها من ينتقد المملكة.
ووالد العودة الشيخ سلمان مسجون حاليًا، حيث يمكن أن يواجه عقوبة الإعدام، في قضية يعتقد أن لها علاقة بنشاطه الخاص.
وقالت نازيش إنه عندما تتحدث النساء علنًا، فإن الدولة تعتبرهن تهديدًا.
وأضافت أن “السعودية في السياق الديني، تحترم المرأة أو يفترض أن تحترمها، لكنها لا تحترم النساء اللواتي يتحدثن، أو اللواتي يرغبن في المطالبة بالكرامة والسلطة”.
واعتقدت أن استخدام تهم جرائم الإنترنت لإدانة نشطاء مثل السادة “تكتيك من الحكومة لتصويرهم كتهديد”.
وتابعت “هناك عامل مصداقية عندما تكون النساء في السجن في مجتمع كاره للنساء. يعتقد معظم هؤلاء الرجال والنساء في ذلك البلد أنه عندما تقول الحكومة أن هذا الشخص ضد الحكومة، فإن هذا الشخص يضر ببلدك”.
وأكدت نازيش أن احتجاز نساء مثل السادة يضرّ بحرية الإعلام، ومرتبط بشكل مباشر باستهداف الصحافة نفسها، وتهديد حرية الصحافة والديمقراطية.