شدوى الصلاح
رصد الكاتب والمحلل السياسي العراقي نظير الكندوري، السيناريوهات المتوقعة للانتخابات العراقية المبكرة المقرر عقدها 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قائلاً إن لا أحد يستطيع أن يجزم بأنها ستُجرى بذلك الموعد بالفعل.
وأوضح في حديثه مع “الرأي الآخر”، أن هذا الموعد الجديد كان بديلًا لموعد سابق في شهر يونيو/حزيران الماضي، وتأجل بحجة عدم تهيئة مفوضية الانتخابات لإجراءها في ذلك الوقت.
وأضاف الكندوري: “اليوم نرى عدد من الكتل السياسية تحاول بكل جهدها، عرقلة إجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتدعو لتأجيلها إلى موعدها الأصلي في نهاية الدورة النيابية الحالية، الذي يحين في أبريل/ نيسان 2022.
وبين أن فريق من الكتل يعترض على قانون الأحزاب، وآخر يعترض على قانون الانتخابات، بهدف تأجيل إجراءها، والبعض الأخر يعتقد أن الأوضاع السياسية والأمنية غير ملائمة، لاسيما مع انتشار السلاح المنفلت للمليشيات، وتوسيع عناصر داعش نطاق عملياتهم.
وتابع الكاتب العراقي: “يأتي ذلك رغم اعتراف رموز النظام الحالي، بأن الانتخابات القادمة، تحمل أهمية قصوى على مصير العراق، بل أنها ستحدد ما إذا كانت العملية السياسية الحالية في العراق ستستمر أو تنهار على رؤوس أصحابها -حسب ما يفهم من كلامهم-“.
وأشار إلى أن هذه التحذيرات جاءت على لسان الرئيس العراقي برهم صالح، والذي قال بالإضافة إلى تحذيراته، إن العراق بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد ليتم فيه رسم عملية سياسية جديدة، محذراً بشدة من عدم المشاركة بالانتخابات القادمة.
ورجح الكندوري أن يكون السر في خوف صالح من انهيار العملية السياسية الحالية، هو علمه بأن النظام السياسي الحالي كانت للأكراد مكاسب عديدة لم يكونوا يحلمون بها، وإذا ما انهار، فلن يأتي نظام جديد يعطيهم ذات المكاسب التي جنوها من النظام الحالي.
وأوضح أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حذر بنفس المعنى من عزوف الناخبين عن المشاركة بالانتخابات القادمة، ودعا إلى حوار وطني بين أحزاب السلطة من جهة، وأحزاب المعارضة والتنسيقيات الشبابية للمتظاهرين من جهة أخرى.
وقال الكندوري إن الانتخابات سواء أجريت في موعدها في أكتوبر/تشرين الأول القادم، أو تأجلت إلى أبريل/نيسان من السنة القادمة، فعلى ضوء نتائجها ومدى شفافيتها، ستحدد هل سيدخل البلد إلى نفق سياسي مظلم، أم ستعقبها انفراجه سياسية تؤثر إيجابيًا على البلد.
وأشار إلى أن الأطراف السياسية المعارضة للنظام السياسي الحالي، بالإضافة إلى طيف واسع من المتظاهرين التشرينيين، يرون أن عدم المشاركة في هذه الانتخابات هو الأجدى، وذلك لأن الحد الأدنى من الظروف المثالية لإجراءها، لم يتحقق كما كانوا يريدوه.
وأكد الكندوري أن المليشيات المنفلتة لا زالت تتحكم بالمشهد الأمني، ولا تزال عمليات اغتيال الناشطين مستمرة، مشدداً على أن في ظل هذه الظروف الأمنية لا يمكن أن تتحقق نزاهة الانتخابات وسوف يتم إعادة تدوير ذات الأحزاب المرفوضة مرة ثانية.
وأضاف: “بالتالي يرى المعارضين أن مقاطعة الانتخابات والطعن بشرعيتها، هو التوجه الصحيح حاليًا”، محذراً من أن ذلك سيدخل النظام الحالي في مشكلة كبيرة، لأن أحزاب السلطة وميلشياتها، ستكون أمام خيارات صعبة لا تريد الخوض بها لكنها ستكون مضطرة.
ولفت المحلل السياسي العراقي إلى أن المليشيات وبعض الأحزاب المحسوبة على المحور الإيراني، ستندفع للاستيلاء على السلطة من خلال إقرار نتائج انتخابات صورية وغير نزيه ومزيفة، تضمن لهم العدد الأكبر من مقاعد البرلمان.
وحذر من أن ذلك سيؤجج الشارع لدرجة ربما تشجع بعض الكتل السياسية على الانشقاق على العملية السياسية والانضمام إلى أحزاب المعارضة، ثم العمل سياسيًا على المستوى الدولي للطعن بشرعية الانتخابات.
وتوقع الكندوري أن تثمر تلك الجهود نظراً لمشاركة أحزاب رسمية وأخرى معارضة في العملية السياسية، بالإضافة إلى أن المزاج الدولي الحالي، مع إعادة رسم العملية السياسية في العراق بشكل جديد، بعيدًا عن إيران وأطرافها المسيطرة على العملية السياسية.
وقال إن الأمور إذا ما سارت على هذا المنوال، فإن الأطراف الولائية من أحزابٍ ومليشيات، سوف تمتنع عن التعامل مع هذا الأمر بشكل سلس، ومن المرجح أن تستخدم سلاحها في فرض وجودها.
وأكد الكندوري أن ذلك يُنذر بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية لا يعلم مداها، إلا إذا ساهمت الدول الكبرى في مناصرة الديمقراطية في العراق، وقامت بتصنيف المليشيات الموالية لإيران كمنظمات إرهابية، وبدأت بالتعامل معهم على هذا الأساس.
وأشار إلى أن المفاوضات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا منذ أبريل/نيسان الماضي، بين أميركا وإيران، بهدف منع طهران من امتلاك أو تطوير أسلحة نووية، وما ستسفر عنه من نتائج تتعلق بنشاط إيران التوسعي بالمنطقة، ربما سيؤثر على مسار الانتخابات في العراق.
وأضاف الكندوري أن الدول المفاوضة إذا ألزمت إيران تخفيف دعمها للمليشيات في المنطقة، ربما سيؤثر ذلك إيجابيًا على العملية السياسية في العراق، مستبعداً ذلك لأن النظام الإيراني لن يغامر بمكاسبه الهائلة في العراق وباقي مناطق نفوذه بالمنطقة.