شدوى الصلاح
أجمع كاتبان سودانيان على أن استقالة عائشة موسى من مجلس السيادة الانتقالي الحاكم واعترافها بأن الشق المدني في المجلس ضعيف ولا يشارك في صنع القرار، يؤكد أن الشراكة بين العسكر والمدنين “صورية”، مؤكدين أن السودان الآن تقع تحت حكم العسكر.
ورفضوا في حديثهم مع “الرأي الآخر” الزعم بأن استعجال الانتخابات خياراً بديلاً لحل الأزمات التي تعاني منها السودان، وأنها تهدف للوصول إلى طريق التحول الديموقراطي والحكم المدني، مؤكدين أن الدولة غير مؤهلة بكافة مؤسساتها لإجراءات انتخابات شفافة ونزيهة.
عائشة موسى قالت في بيان عبر الفيديو بثته وكالة السودان للأنباء، إن المكون المدني في المجلس السيادي وفي كل مستويات الحكم أصبح مجرد جهاز تنفيذي لوجستي لا يشارك في صنع القرار بل يختم بالقبول فقط لقرارات معدة مسبقاً.
وأوضحت أنها قدمت استقالتها في 12 مايو/ أيار 2021 بعد يوم من مقتل متظاهرين كانا يحييان ذكرى مداهمة دامية على موقع احتجاج خلال انتفاضة 2019، متهمة السلطات الانتقالية بقيادة البلاد إلى “مزيد من القتل والظلم والفقر والمعاناة”.
وقال الكاتب السوداني الدكتور أحمد مقلد، إن ما كشفته عائشة موسى، يثبت أن الشراكة بين العسكر والمدنين مرحلة مؤقتة لا يمكن أن تفضي إلى حكم مدني في السودان بمنطق الواقع والقوة، مستنكراً استمرار مسرحية زواج المدنين بالعسكر.
وأشار إلى أن الوثيقة الدستورية مهدت لتكوين أكبر حكومة موجودة في الشرق الأوسط وعلى مر التاريخ من حيث عدد المناصب السيادية و السياسية في بلد يمر بأكبر ضائقة مالية ويتكئ على نظام حكم مهترئ ومؤسسات أغلبها يحتضر أو يحارب للاستمرار بأي شكل.
ولفت مقلد إلى رفض زعيم المعارضين الراحل على محمود حسنين، رفضا باتا نموذج الشراكة بين العسكر والمدنيين واعتبره تضيع للثورة ومكتسباتها وطالب بأن يقوم العسكر بتسليم الحكم مباشرة ومن دون الدخول في تفاوض لأنه ليس من واجباتهم الحكم.
واستنكر استعجال الانتخابات، ورأها ليست حلاً للوضع الراهن، لأنها حتى لو أفضت لحكومة مدنية مختارة من قبل الشعب ستجد نفسها في صدام أمني واقتصادي ومنافسة في ملف السياسة الخارجية والإقليمية مع القيادة العسكرية.
ورأى مقلد أن الأصلح للجميع توقف جميع الأطراف في السودان عن استخدام المصطلحات الثورية الجذابة واستخدام لغة الواقع الذي يعيشه السودان والعمل بصدق حتى لو لم يرضى الشارع لإنقاذ البلاد من المهالك.
فيما أكد الكاتب السوداني محمد مصطفى، أن ما قالته عائشة موسى في البيان الذي أعقب استقالتها بشان ضعف الشق المدني في المجلس السياسي، “حقيقي”، لأن المدنيين في المجلس ليس لهم أي سلطة حقيقية.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء نفسه تم التغول على سلطاته كاملة، لافتاً إلى سيطرة العسكر على 82% من اقتصاد البلاد وكل الشركات الكبري وقطاعات الذهب والمعادن وتصدير الماشية والمنتجات الزراعة، فيما تسيطر الشركات المدنية على 18 %فقط من اقتصاد البلاد.
وأضاف مصطفى، أن المدنيين ليس عندهم أي سلطة حقيقة ولا يتوقع انتقال رئاسة مجلس السيادة لهم في الفترة الحالية، مشيراً إلى أن الضغط المحلي والغربي على المجلس العسكري مستمر لتسليم السلطة للمدنين.
وأوضح أن السودان تشهد حالة ضيق شديد وسخط من تأخر العدالة والقصاص للشهداء واشتداد الضائقة الاقتصادية، يحفزها موقف عائشة موسى، مما قد يؤدي إلى حراك ثوري وانتفاضة جديدة في 3 يونيو/حزيران القادم والذي يتزامن مع ذكرى مجزرة القيادة العامة.
وقال مصطفى، إن السودان في الوقت الراهن تحت الحكم العسكري، ومدنية الدولة يتم المطالبة بها بشدة في الوقت الحالي، لكن الانتخابات ليست خيار واقعي لعدم وجود أي استعداد لها ولا بنية تحتية ولا مؤسسات دولة مستقلة يمكنها إقامة انتخابات حرة ونزيهة.
وأشار إلى أن الشارع أيضا غير مستعد للانتخابات، فلا زال له مطالب لم تتحقق منها تحقيق العدالة والقصاص لأسر الشهداء ومحاكمة رموز النظام البائد، لافتاً إلى أن المؤسسات أيضا غير مستقلة ولا توجد أي أجهزة قضائية ولم يتم إصلاح المؤسسات الأمنية والعدلية.