شدوى الصلاح
قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي زياد بومخلة، إن الوثيقة السرية المسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي التونسي نادية عكاشة، التي تتحدث عن تدبير الرئيس التونسي قيس سعيد لانقلاب على الحكومة المنتخبة، تفتقد للإثباتات الدقيقة والقرائن الدامغة.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن ماجاء في الوثيقة التي نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، كسابقاته امن التسجيلات التي سربها النائب راشد الخياري، لا تتضمن معطيات واضحة ومباشرة وموثقة عن تورط رئيس الجمهورية بشخصه في هذا الأمر.
وأشار بومخلة، إلى أن غالباً ينسب الأمر لمحيط الرئيس أو لديوانه، لافتاً إلى أن السيناريو الذي ورد في الوثيقة المنسوبة للموقع البريطاني أقرب للخيال منه للحقيقة ويفتقد في كل الحالات للموضوعية وأقرب للإثارة.
وألمح إلى أن الوثيقة جاءت في سياق أزمة سياسية خانقة تمر بها البلاد، وفي ضوء رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد عملياً لكل مبادرات الحوار ووضعه شروطاً على انطلاق مبادرة الحوار التي تقدم بها اتحاد الشغل -لإنقاذ البلاد من أزمتها الخانقة-.
وأرجع أبو مخلة، تسريب الوثيقة في هذا التوقيت، إلى أنه يأتي عقب زيارتين مثيرتين لرئيس الجمهورية لكل من مصر وفرنسا خلال الشهر الأخير، راج خلالها حديث متواتر بأن الرئيس يبحث عن دعم خارجي من قوى إقليمية ودولية لصالح استحواذه على السلطة بالكامل.
وأشار إلى ما راج أيضاً بأن سعيد يبحث عن مواجهة خصومه وأنه اختار كل من مصر وفرنسا لصناعة التوازن مع الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية اللتان عبرتا عن عدم رضاهما على هذه الخطوة، قائلاً: “بالتالي يصبح التسريب وكأنه تأكيد لهذه الأخبار”.
وطرح بومخلة فرضيتين للغرض من التسريب، الأول إفشال أي مسعى قد يفكر فيه محيط الرئيس أو هو نفسه في الانقلاب على الأوضاع في تونس، ويمكن أن يكون في ذلك دعوة غير مباشرة للأطراف الرافضة لهذا المسعى للتدخل وقلب المشهد والمسارعة في عزل سعيد.
وأوضح أن الفرضية الثانية مناقضة تماماً للأولى، إذ يرى أن التسريب يهدف لمزيد من ضرب الاستقرار في البلاد وقطع الطريق على أي فرصة لانطلاق الحوار واستدعاء الجيش للتدخل في وجه الجميع.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي التونسي، أن الفرضية الثانية هي الأقرب لديه، خاصة مع ما بينته الأيام الأخيرة من تحلحل ولو بسيط في موقف رئيس الجمهورية واكتفاءه بشرط وحيد لانطلاق الحوار وهو استقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي من منصبه.
وأكد أن كل ما سبق لا يبرئ ساحة قيس سعيد من وجود قرائن متعددة تثبت رغبته وسعيه للاستحواذ على السلطة واستغلاله الفج لغياب المحكمة الدستورية وتورطه المباشر في خرق الدستور.
واستطرد بومخلة: “لكن بالمقابل لا يمكن الجزم حتى الآن أننا أمام سيناريو انقلاب مكتمل الأركان وفي كل الحالات ولأسباب تتعلق بتوازنات داخلية وإقليمية ودولية فإن حصول انقلاب في تونس غير وارد”.
يشار إلى أن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني نشر وثيقة وصفت بأنها “سرية للغاية” يعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021 تتحدث عن تدبير خطة لـ”دكتاتورية دستورية” في تونس، يتم وفقها تركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية.
وحثت الوثيقة كبار المستشارين الرئيس التونسي قيس سعيد على انتزاع السيطرة على البلد من الحكومة المنتخبة في الوقت الذي تكافح فيه البلاد جائحة كورونا وارتفاع مستوى الديون.
وتتمثل الخطة في دعوة خصوم الرئيس السياسيين إلى القصر الرئاسي والإعلان عن الخطة بوجودهم، مع عدم السماح لهم بالمغادرة، وفي الوقت ذاته سيتم إلقاء القبض على عدد من كبار السياسيين الآخرين ورجال الأعمال.