شدوى الصلاح
اقترح الأكاديمي والباحث ألأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، تشكيل تحالف سعودي مصر تركي باكستاني لردع إيران وإثيوبيا وتحجيم أخطارهم في المنطقة بعدما قررت الولايات المتحدة خفض دفاعاتها العسكرية في المنطقة.
وأضاف في حديثه مع “الرأي الآخر”، أن سحب بطاريات الباتريوت من المنطقة تكمن أهميته في أنه جزء من سياق أوسع، يؤكد جدية الاستراتيجية الأميركية التي لم تعد تعتبر منطقة الشرق الأوسط جزءاً من منظومة المصالح الأميركية في العام كما جاء في عقيدة كارتر -الرئيس الأميركي 39-.
وأشار مكي، إلى أن أميركا ما زالت تحتفظ بقوات ضاربة في المنطقة، من بينها الأسطول الخامس في البحرين ومقر قيادة القوات المركزية في قطر، فضلا عن قوات كبيرة في كل من الكويت والإمارات، ووجود متنوع في العراق والأردن وسوريا.
واعتبر مثل هذا الوجود اليوم مرحلياً وليس راسخاً كما كان قبل أكثر من عقد، وقد يأخذ بعض الوقت، وربما سنوات، لكنه بعد ذلك سيقل بشكل واضح، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق فقط بحجم القوات، فذلك مجرد جزء من مظاهر القوة الرادعة.
وتابع مكي: “الأهم هو العقيدة السياسية والعسكرية التي تحدد رؤية واشنطن لدورها ومكانتها في العالم، ولأهمية منطقتنا في تكريس هذا الدور”، موضحاً أن واشنطن تدرك منذ نحو عقدين أنها في خضم مواجهة تحديات جديدة، تجتاز أمن الطاقة أو الأنماط التقليدية للتهديدات.
وبين أن ذلك يتمثل في بروز الصين كقوة منافسة حقيقية، أصبحت خلال سنوات القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة، ويمكن أن تصبح القوة الأولى في غضون سنوات، في حال استمرت بنسبة النمو الحالي.
ولفت مكي، إلى أن التحدي الصيني ليس سرا، فهو موقف أميركي معلن وواضح، وقد ظهر بشكل أكثر وضوحاً في القمتين الأخيرتين لكل من مجموعة السبع وحلف الناتو، فقد وضعت كل منهما الصين موضع الخصم، لا سيما قمة الناتو التي بدأت ببناء عقيدة عسكرية جديدة، تتصدى لهذا التهديد بشكل خاص.
وقال إن تجليات هذه المواقف ستظهر من خلال طبيعة الاحتكاك الجيوسياسي بين الفريقين، وما يترشح عن موقف روسيا التي اعتبرها الناتو خصماً، لكن واشنطن تريد مع ذلك، وضعها في دائرة السيطرة كي لا تشكل تحالفاً مع الصين يزيد بشكل كبير من صعوبة مهمة أميركا والناتو.
وأضاف مكي، أن هذا الصراع الدولي، سيأخذ أبعاداً اقتصادية وعسكرية مباشرة، وستكون المنطقة في قلب الصراع، وسيكون من بين نتائجه السريعة، ظهور فراغات قوة في المنطقة، نتيجة عدم الاهتمام الأميركي أو على الأقل عدم الاستعداد لخوض صراعات جانبية.
وتوقع أن تكون كلا من إيران وروسيا الأقدر على ملء هذه الفراغات، لاسيما إيران التي كرست بالفعل مواطن قوة لنفسها في المشرق العربي، يمكن أن تبني عليه، مستنكراً تعامل الدول العربية مع الموقف ببرود أو بتفاعل غير مناسب.
وأكد الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، أن الوضع الجديد يتطلب العودة إلى منطق التحالفات الإقليمية الفعالة لمواجهة آثار الصراعات الدولية القادمة، وأطماع ومخططات القوى الكبرى المحيطة.
وأشار إلى أن من إثيوبيا التي تعد قوة مهمة نمت بشكل كبير مؤخراً، من بين تلك المخاطر، محذراً من أن سد النهضة سيكون بكل مخاطره أول تجليات التهديدات الجدية للأمن القومي العربي.
ورأى مكي، أن تحالفاً سعودياً مصرياً تركياً باكستانياً، سيشكل قوة ردع عظمى بوجه كل من إيران وإثيوبيا، وحتى القوى الكبرى، لا سيما وأن تركيا عضو في الناتو، وفضلاً عن ذلك فهذه الدول الإسلامية الكبيرة، يمكن أن تتحول إلى طاقة اقتصادية وتقنية وعسكرية مؤثرة على المستوى الدولي، ويمكن أن يضاف لها إندونيسيا وماليزيا.
وشدد مكي على أن هذا التحالف يمكن أن يشكل متغيرا جيوسياسيا مهما للغاية على الصعيد الدولي، ويغير معالم الشرق الأوسط، وينهي الكثير من المشاكل القائمة حالياً أو يحد من أخطارها، سواء في اليمن أو في العراق وسوريا وليبيا أو فيما يتعلق بإثيوبيا.