شدوى الصلاح
قال خبير التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات الدكتور يحيى الحسن، إن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة السودانية لمعالجة القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، تعد عملية جراحة مؤلمة في ظل ظروف معقدة محليا وإقليميا ودوليا تمر بها البلاد.
وأضاف في حديثه مع “الرأي الآخر، إن منح الموظفين منحة إضافية، والتقشف الحكومي، واستمرار دعم سلع استراتيجية، وتوفير فرص عمل في القطاع العام، وإن كانت دون طموح الشارع السوداني إلا أنها بداية تصحيح المسار إن وجدت طريقها لأرض الواقع السوداني.
وحذر الحسن، من أن التأخير في التنفيذ سيقود البلاد حتما لما لا يحمد عقباه، قائلاً إن هناك من يتربص بالثورة لإجهاضها ويعمل على ضرب الاقتصاد ومعاش الناس وجعل حياتهم جحيما وما ضبط شبكة التواصل من رموز النظام البائد داخل السجون ببعيد عن ذلك.
وأكد أن الفرصة الآن موضوعة أمام الشارع السياسي السوداني بكل مكوناته، ليقول كلمته، والتي في هذه الظروف يجب أن تكون لصالح البلد وليس للمصالح الحزبية والشخصية والقبلية الضيقة فالمنعطف خطير، والمخاطر أكبر.
واستبعد الحسن، أن تكون القرارات الحكومية تخدير للشعب أو إشغاله عن الأوضاع السائدة، لأن الشعب معروف بحسه السياسي العالي ومتابعته للشأن الداخلي والخارجي، وبالتالي لا توجد أي فرصة للعب بمشاعره خاصة مع اقتراب ذكرى 30 يونيو.
وتابع: “هذه القرارات إن لم تجد الدعم والسند الشعبي والحاضنة السياسية فإن مصيرها الفشل، كما أن التعامل معها يجب أن يقوم على إرادة قوية لتحقيق الإصلاح واستكمال مؤسسات الدولة وعلى رأسها المجلس التشريعي”.
وتمنى الحسن، أن يتبع ذلك العمل المتوازي في إصلاح الاقتصاد بتسخير كل الإمكانيات للقطاع الزراعي والصناعي والإنتاج عموماً، والتي تساعد في تخفيف العبء الكبير الذي تحمله وصبر عليه المواطن.
وحث على ضرورة تنفيذ سياسة وإجراءات صارمة في التقشف الحكومي، وعدم ترهل الوظائف العليا مهما كانت الأسباب، وتعظيم الفائدة من مستردات لجنة إزالة التمكين والتي وفرت أموالا لو قُدِرَ لها أن تستثمر عبر الشركة القابضة لأصبحت مصدرا مهما من مصادر التمويل في الدولة.
ودعا الحسن، للالتفات للبنية التحتية والاستفادة من القروض وعقد شراكات متنوعة تحقق النهوض بالبلاد، ووقف تهريب السلع الاستراتيجية من ذهب خام وثروة حيوانية وحبوب زيتية وصمغ عربي، ليعود ريعها وحصاد صادرتها لبنك السودان بدلا من جيوب المهربين.
وأكد على ضرورة التوافق الوطني لمجابهة التحديات، ودعم الشعب السوداني للقرارات الحكومية من خلال أوسع مشاركة شعبية ووطنية، للعبور بسلام ولتحقيق أهداف مبادرة رئيس الوزراء وجعل هذه القرارات حقيقة يشعر بها المواطن.
وطالب الخبير الاستراتيجي، بفرض رقابة صارمة على أداء مؤسسات الدولة وتقديم كل العناصر المخربة للمحاكم والعمل على ضبط الأسعار والأسواق، ومُصادرة وتسليم الذهب المُهرّب والعملات المُصادرة لبنك السودان المركزي.
ودعا إلى تنفيذ مظلة التأمين الصحي وضرب مافيا الاتجار بالدواء وجعله من السلع ذات العلاقة بأمن الدولة في ظل الظروف الراهنة، وإتاحة الفرص أمام الشباب للعمل ليس بالتوظيف المكتبي فحسب ولكن في مشاريع الإنتاج.
وأشار الحسن، إلى أن تكدس الشباب في مؤسسات ووزارات الدولة المختلفة من غير حاجة يعد إهدار للموارد، ولذلك لابد من تبني مشاريع إنتاج ولتكن الزراعة على رأسها ومشاريع توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وفيما يتعلق ويخص قضية السلام، أعرب عن أمله أن تستجيب ما تبقى من حركات مسلحة للسلام ودعم استقرار البلاد بدلا من وضع شروط تعجيزية، لافتاً إلى أن هذه الحركات ما كان ينبغي تفاوضها مع الحكومة الانتقالية بذات النمط الذي كانت تحاور به حكومة الإنقاذ البائدة.
وأشار خبير إدارة الأزمات، إلى أنهم عملوا على إسقاطها وبعد سقوطها ظلوا على ذات النهج ولذلك لابد أن يُحَكِمُوا صوت العقل والمصلحة العليا للسودان وترك المصالح الضيقة جانبا وليستعدوا للانتخابات التي ستحدد من سيحكم البلاد.
ورأى أن من أخطر الملفات التي شملتها القرارات الوزارية، توحيد كل الحركات والمليشيات المسلحة في جيش قومي واحد وفقا للقوانين واللوائح التي تحكم ذلك، وإعادة التسريح والدمج في المجتمع للأفراد الذين لا تنطبق عليهم شروط العمل في القوات المسلحة والشرطة وغيرها.
وقال إن أنسب مكان لهم توجيههم لقطاع الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي ليكونوا مصدراً لدعم الاقتصاد بدلاً من تكدس كل تلك الأعداد في الجيش خاصة وأن بوادر السلام بدأت تعم البلاد ولا حاجة لكل هذه الأعداد.
وأكد الحسن، أن هذه القرارات لتكون ذات جدوى لابد من وجود إرادة حرة وقوية وإدارة رشيدة تخطيطا وتنظيما وأداء ومراقبة وتقييم وتقويما وشفافية ولتكون غايتها السودان وأمنه واستقراره ونهضته ومواطنه.
يشار إلى أن الحكومة السودانية أعلنت مساء أمس الأول السبت 26 يونيو/حزيران 2021، عقب اجتماعات مغلقة استمرت ثلاثة أيام، حزمة قرارات جديدة تستهدف تخفيف الأعباء الاقتصادية تضمنت خفض النفقات الحكومية وزيادة الإنفاق الاجتماعي.
وقال إن البلاد ستقلل تكاليف الرحلات الخارجية الرسمية بنسبة 50 بالمئة، وستخفض حصص الوقود المخصصة للمركبات الحكومية بنسبة 20 بالمئة، وستبيع المركبات الحكومية الزائدة عن الحاجة، وستقلص ميزانيات السفارات بنسبة 25 بالمئة وذلك ضمن إجراءات أوسع.
وأضافت أنها ستوسع التسجيل في مشروع الدعم الأسري “ثمرات” ليشمل ثلاثة ملايين أسرة أو نحو 15 مليون فرد خلال شهرين، وزيادة الميزانية المخصصة لبرنامج آخر يهدف لتوفير سلع غذائية رخيصة السعر إلى عشرة مليارات جنيه سوداني (22.54 مليون دولار) من ملياري جنيه سوداني فقط (4.51 مليون دولار).