أثارت مصر اعتراضات بعد تلقي إشعار رسمي من إثيوبيا بأنها بدأت، للعام الثاني على التوالي، في ملء الخزان خلف سد النهضة المثير للجدل على نهر النيل.
وكان سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي من المقرر أن يصبح أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا عند اكتماله، مصدر مواجهة دبلوماسية استمرت ما يقرب من عقد من الزمن بين إثيوبيا ودول المصب مصر والسودان.
ولطالما جادلت أديس أبابا بأن المشروع ضروري لتطورها، لكن القاهرة والخرطوم تخشيان أن يقيد وصول مواطنيهما إلى المياه.
وقال وزير الري المصري محمد عبد العاطي، في بيان، إن بلاده أبلغت إثيوبيا “برفضها الشديد لهذا الإجراء الأحادي الجانب”، الذي تعتبره تهديدا للاستقرار الإقليمي.
ونددت الوزارة كذلك بالخطوة ووصفتها بأنها “انتهاك للقوانين والأعراف الدولية التي تنظم المشاريع المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية”، بحسب البيان.
وفي مايو، اتهم السودان إثيوبيا ببدء الملء الثاني للسد، وهو ادعاء نفته أديس أبابا.
اتخذت الحكومة السودانية منذ ذلك الحين احتياطات فنية لحماية سدودها، بينما شاركت وزارة الخارجية في مشاورات على مستوى إفريقيا لحل الأزمة.
ويأتي التوتر الأخير قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن هذه القضية المقرر عقده يوم الخميس.
وتدفع كل من مصر والسودان أديس أبابا للتوقيع على اتفاق ملزم بشأن ملء السد وتشغيله، وحثتا مجلس الأمن على بحث الأمر في الأسابيع الأخيرة.
وتعتمد مصر على نهر النيل للحصول على ما يصل إلى 90 في المائة من مياهها العذبة وتعتبر السد تهديدًا وجوديًا. ويشعر السودان بالقلق إزاء تشغيل سدود النيل ومحطات المياه الخاصة به.
وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مذكرة للأمم المتحدة، إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، واتهم إثيوبيا بتبني “سياسة التعنت التي قوضت مساعينا الجماعية للتوصل إلى اتفاق”.
وقالت القاهرة إن شكري التقى ونظيرته السودانية مريم المهدي في نيويورك قبل الاجتماع وأكدا “رفضهما الشديد” لتحرك إثيوبيا.
لكن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير قال الأسبوع الماضي إن المجلس نفسه لا يمكنه فعل الكثير بصرف النظر عن الجمع بين جميع الأطراف.
وأشار دي ريفيير، رئيس المجلس لشهر يوليو / تموز، إلى أن مجلس الأمن ليس لديه الكثير ليفعله سوى الجمع بين الأطراف للتعبير عن مخاوفهم ثم تشجيعهم على العودة إلى المفاوضات للتوصل إلى حل.
وقال للصحفيين “يمكننا فتح الباب ودعوة الدول الثلاث على الطاولة وإحضارهم للتعبير عن مخاوفهم وتشجيعهم على العودة للمفاوضات وإيجاد حل.”
وكانت أديس أبابا أعلنت في وقت سابق أنها ستشرع في المرحلة الثانية من الملء في يوليو، سواء باتفاق أو بدونه.
وتقول إن إضافة المياه إلى الخزان، خاصة أثناء هطول الأمطار الغزيرة في شهري يوليو وأغسطس، هو جزء طبيعي من عملية البناء.
كما أن إثيوبيا ليست حريصة على تدخل مجلس الأمن، وبدلاً من ذلك طلبت من الهيئة إحالة القضية إلى الاتحاد الأفريقي، وسبق أن رفضت دعوات من مصر والسودان لإشراك وسطاء من خارج الاتحاد الأفريقي.
وأصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، الثلاثاء، بيانا اتهمت فيه جامعة الدول العربية بـ “التدخل غير المرغوب فيه” في نزاع سد النهضة.
وأعلنت جامعة الدول العربية الشهر الماضي دعمها لتدخل مجلس الأمن، على الرغم من إصرار إثيوبيا على استمرار المحادثات في إطار عملية مستمرة يقودها الاتحاد الأفريقي.
وجاء في بيان الخارجية الإثيوبية أن “إثيوبيا ترفض التدخل غير المرغوب فيه من جانب جامعة الدول العربية في مسألة سد النهضة الإثيوبي الكبير بعد تقديم الجامعة رسالة إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة للتدخل في الأمر”.
وقال البيان إن وزير الخارجية ديميكي ميكونين نقل هذا الموقف في رسالة خاصة به إلى مجلس الأمن يوم الاثنين.
وفي العام الماضي، قال السودان إن عملية ملء السدود تسببت في نقص المياه، بما في ذلك في العاصمة الخرطوم – وهو ادعاء اعترضت عليه إثيوبيا.
وكان وزير المياه السوداني ياسر عباس حذر في أبريل / نيسان من أنه إذا مضت إثيوبيا قدما في ملء المرحلة الثانية، فإن حكومته “سترفع دعاوى قضائية ضد الشركة الإيطالية التي تبني السد والحكومة الإثيوبية”.
أما بالنسبة لمصر، فيقول الخبراء إن المشكلة أعمق من سد النهضة.
وتكمن القضية الحقيقية في إمكانية بناء السدود المستقبلية التي قد تؤثر بشكل مباشر على مصر.
وإذا تم بناء السد دون اتفاق قانوني وملزم، فقد يتم تشجيع دول حوض النيل الأخرى على بناء السدود الخاصة بهم في المستقبل.