أصدرت محكمة سعودية في 8 يونيو / حزيران 2021 حكماً بالسجن أربع سنوات على شخصية إعلامية وصحفية سودانية بتهمة “إهانة مؤسسات الدولة ورموزها” و”التحدث بشكل سلبي عن سياسات المملكة” من بين تهم غامضة أخرى.
ويتعلق الحكم الصادر بحق أحمد علي عبد القادر، 31 عاما، بتغريدات ومقابلات إعلامية شاركها على تويتر، وأعرب خلالها عن دعمه لثورة السودان 2018-2019 وانتقد تصرفات السعودية في السودان واليمن.
وقال مايكل بَيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إن سجن شخصية إعلامية بتهم وهمية يكشف بشكل سلبي سياسات السعودية أكثر من أي شيء نشره أحمد علي عبد القادر على الإطلاق”.
وأضاف “تُظهر هذه الملاحقات القضائية وغيرها من الملاحقات القضائية مدى عزم السلطات السعودية على القضاء على حتى أقل الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي وردع جميع المعارضين تحت التهديد بالسجن لفترات طويلة”.
واعتقلت السلطات السعودية عبد القادر عندما وصل إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة في 19 أبريل / نيسان، واحتجزته أولاً في مركز للشرطة في جدة لمدة 20 يومًا، ثم نقلته إلى معتقل الشميسي بالقرب من مكة، وحُرم من الاتصال بمحام، بما في ذلك التمثيل القانوني في محاكمته.
وتألفت محاكمته من جلستين قصيرتين فقط، في البداية، تمت قراءة التهم عليه، وحرمه القاضي من فرصة الدفاع عن نفسه، وفي الثانية، تلا القاضي على الفور حكم عبد القادر، على حد قول مصدر مطلع على القضية لـ هيومن رايتس ووتش.
وعاش عبد القادر وعمل في السعودية لمدة خمس سنوات، بين 2015 وديسمبر 2020، كمنسق إعلامي للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ثم في قسم التسويق والاتصالات في سلسلة سوبر ماركت سعودي.
وفي ديسمبر، غادر البلاد بتأشيرة خروج نهائية، ملزمة بمغادرة المملكة بشكل دائم.
وفي أبريل، عاد إلى السعودية بتأشيرة عمل جديدة وتم القبض عليه عند الدخول.
وقال المصدر إن النيابة العامة السعودية استجوبته مرتين في الحجز واتهمته بسلوك على تويتر يضر بالسعودية.
وحكمت عليه محكمة الجنايات السعودية في جدة على أساس تغريدات وبيانات أدلى بها لوسائل الإعلام أثناء وبعد فبراير 2018، نشر معظمها أثناء وجوده في السعودية، بالإضافة إلى رسائل بريد إلكتروني أجرى فيها محادثات مع منظمات حقوقية دولية كبرى استفسر عن العضوية والاشتراك وتلقي الرسائل الإخبارية.
وراجعت هيومن رايتس ووتش تسع تغريدات ومقابلات إعلامية مذكورة صراحة في حكم المحكمة، وأكدت أن أيا منها لم يحرض على العنف أو الكراهية أو التمييز، وهي الفئات الوحيدة من الخطاب التي يمكن أن تستهدفها الدول بعقوبات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتشير بعض تغريداته إلى العلاقات السعودية مع السودان، ومنها واحدة في مارس 2020 ، ردًا على تغريدة لرئيس حزب المؤتمر السوداني بشأن إجراءات كوفيد -19، اتهم فيها الحكومة العسكرية السودانية بتلقي أوامر من الرياض.
وفي تغريدة سبتمبر / أيلول 2020 حول إمكانية تطبيع السودان مع الكيان الإسرائيلي بناءً على طلب الإمارات، قال عبد القادر إن السودان لا يمكنه العمل خارج مدار السعودية، ومن غير المرجح أن يطبع مع الاحتلال ما لم تفعل السعودية ذلك أيضًا.
وفي تغريدة في يوليو 2018 ردًا على استطلاع على تويتر أجرته قناة العربية السعودية يسأل عن سبب انضمام الشباب السوداني إلى تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضًا باسم داعش) ، اتهم عبد القادر وسائل الإعلام السعودية باستهداف السودان، فيما اتهم السعودية بتمويل داعش.
وفي سبتمبر 2020، شكر عبد القادر الحكومة القطرية، التي كانت في خلاف مع الحكومة السعودية، على ما قال إنه دعمها للشعب السوداني.
كما أشار حكم المحكمة إلى تفاعلات عبد القادر على تويتر مع الصحفي المصري بقناة الشرق الفضائية معتز مطر، بالإضافة إلى حقيقة أنه احتفظ برقم هاتفه المحمول في قائمة الاتصال بهاتفه، كدليل على أنه ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وأشار الحكم إلى مقابلتين إعلاميتين أجراهما عبد القادر مع صحيفة الشرق في يناير 2019 ومع قناة N1 التلفزيونية البوسنية في يونيو 2019 ناقش فيها الثورة السودانية 2018-19.
وأدانته المحكمة بتهمة نشر تغريدات “مسيئة لمؤسسات الدولة ورموزها ولقوات التحالف [التي تقودها السعودية] في حربها ضد مليشيات الحوثي الإرهابية”، وتحدثه بشكل سلبي عن سياسة المملكة وعلاقتها بالحكومة السودانية، واتهامه المملكة بالتدخل في الشؤون السودانية، واستغلال موسم الحج لأغراض اقتصادية، واتهام الإعلام السعودي بدعم تنظيم داعش الإرهابي، والظهور على المنصات الإعلامية الموالية لأطراف معادية للمملكة، والتحدث على مثل هذه المنصات بشكل يضر بالمملكة”.
وبالإضافة إلى التهم التعسفية المذكورة أعلاه، والتي تفتقر إلى أي أساس في القانون المكتوب أو الذي يمكن الوصول إليه، فقد أدانته المحكمة أيضًا بموجب المادتين 6 (1) و13 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية القمعي في السعودية لعام 2007.
وتفرض المادة 6 (1) عقوبات بالسجن لا تزيد على خمس سنوات أو غرامة لا تتجاوز ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لنشر معلومات على الإنترنت “تمس النظام العام والقيم الدينية والأخلاق العامة والخصوصية”.
وبموجب المادة 13 من القانون، أمرت المحكمة السعودية بإغلاق حسابات عبد القادر على تويتر وفيسبوك وتيك توك ومصادرة هاتفه المحمول.
وكثيرا ما استخدمت السلطات السعودية اتهامات فضفاضة الصياغة، مثل المادة 6 من قانون الجرائم الإلكترونية، لتقييد الممارسة المشروعة والسلمية لحرية التعبير، في انتهاك للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.
ويكفل الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادقت عليه السعودية، الحق في حرية الرأي والتعبير في المادة 32.
وقال بَيْج: “لم يقتصر الأمر على حرمان عبد القادر من حقوقه الأساسية في محاكمة عادلة، ولكن عندما تستخدم الحكومة تهماً غامضة تهدف إلى تقييد حرية التعبير ومعاقبة الانتقاد السلمي بقسوة، فليس هناك حقًا فرصة في محاكمة عادلة”.