قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين مدحت الحداد، إن ما حدث في تونس انقلاب ديكتاتوري واضح المعالم يتشابه مع الانقلاب الحاصل في مصر منذ يوليو/تموز 2013 في عدة نقاط ويختلف في بعضها الآخر.
وأكد في حديثه مع الرأي الآخر، أن الأطراف الفاعلة في الانقلابين هي نفسها الإمارات والسعودية، مشيراً إلى دفع 5 مليارات دولار للرئيس التونسي قيس سعيد مقابل نجاح الانقلاب مع ضمانات ألا تقع تونس في مشكلة اقتصادية السنوات القادمة.
وأوضح الحداد، أن انقلاب تونس يتشابه أيضا مع انقلاب مصر، بأنه “مكتمل الأركان” ليس فقط في رأي أهل تونس وإنما يعلم المراقبين السياسيين أن هذا انقلاب حقيقي مظاهره واضحة.
وأضاف أن رئيس الدولة الذي يجب أن يكون حكم بين السلطات يجمع السلطات كلها في قبضته مرة واحدة، فهو الأن رئيس النيابة وهو الذي يعين رئيس الحكومة الذي لن يستطيع تشكيلها إلا بأمر منه لأن قيس سعيد هو من سيرأس الحكومة في اجتماعاتها، وهو الذي جمد البرلمان فلم يعد هناك أي سلطات في تونس خارجة عن يده.
وأشار الحداد، إلى أن الفرق بين الانقلاب في تونس ومصر، أن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي، حينما كان وزيراً للدفاع ونفذ الانقلاب، جاء برئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور وعينه رئيساً مؤقتاً للبلاد ومنحه الإدارة الكاملة للبلاد في 3 يوليو/تموز 2013.
ولفت إلى أن منصور قبض بذلك على كل السلطات القضائية والتشريعية في يده، بعدما ألغى مجلس الشورى المنتخب في هذا التوقيت، كما قبض على السلطة التنفيذية بتشكيل الحكومة، ورغم كون السيسي وزيراً للدفاع إلا أنه كان يسير الأمور، ثم بعد عام واحد انقلب وأصبح هو رئيس الدولة بالكامل.
وأوضح الحداد، أن من الفروق بين تونس ومصر “استخدام العنف والإرهاب من قبل الدولة”، مذكراً بأن النظام المصري استخدم العنف من أول لحظة، بمجرد فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس/ آب 2013، ووصل لبيوت المشاركين في الاعتصام في لحظة واحدة.
وأشار إلى أن القتل الفوري بدأ منذ اليوم الأول للانقلاب، ووقعت أول حالة في الإسكندرية بمنطقة سيدي بشر، إذ قتل سهيل عمار ووقع أول شهيد، كما قتل آخرين في القاهرة والسويس، أمام القصر الجمهوري ورابعة والمنصة وسيدي جابر بالإسكندرية ومسجد القائد إبراهيم.
وبين الحداد، أن كل ذلك كان مظاهر لعنف وإرهاب الدولة المصرية الذي مارسته ضد الشعب، أما قيس سعيد لم يستعمل العنف حتى الآن، ولكنه هدد به حين قال: “من سيطلق رصاصة سينهمر عليه الرصاص”، رغم أن لم يحدث أن أطلق تونسي الرصاص.
ورأى أن الرئيس التونسي يريد أن يوصل رسالة بأن “الجيش والشرطة تحت يدي وسيتم استخدامهم كما يترأى لي”.
ولفت إلى أن قرارات منع السفر بدأت ترسل للمطارات التونسية، وهذا يعد نوع أخر من العنف وهو اعتقال الناس بدون إجراءات صحيحة ووضعهم بالسجون، وإن لم يطبق هذا بعد لكنه قادم لا محال، لإرهاب المواطنين وإرغامهم على قبول الانقلاب.
وتطرق الحداد، إلى إفشال الشعب التركي محاولة الانقلاب على الشرعية في 2016، موضحاً أن الفارق بين الشعب التركي والتونسي، أن الشعب التركي وقف بأكمله ضد الانقلاب، ولكن في تونس الشعب منقسم ما يعطي فرصة لانقلاب قيس سعيد أن يستمر.
وأضاف أن الرجوع ليس صعبا فبإرجاعه البرلمان كما كان عليه، وصناعة أجندة يشترك فيها البرلمان مع الرئيس في الخطوات المطلوبة لتصحيح الأوضاع، غير ذلك يكون انقلاب.
واستغرب الحداد، تصرف رئيس الحكومة التونسية الذي سلم الحكومة قبل أن يطلب منه التسليم، وهذا يدل على أن رئيس الحكومة يجب أن يكون قوي وله قوة تحميه وتؤأزره، قائلاً: “قد يكون أكاديمي بارع لكنه بالنهاية غير قادر على إدارة شؤون البلاد بغير الورقة التي تحميه”.
وحذر من عواقب استمرار اتجاه الشعب التونسي نحو الديكتاتورية، ناصحاً الشعب بالالتحام ضد قرارات سعيد وإجباره على العدول عنها، لتكون تونس رمزاً للديمقراطية في العالم العربي والإسلامي بأكمله.
يشار إلى أن الرئيس التونسي اتخذ في ساعة متأخرة من مساء الأحد 25 يوليو/تموز 2021، قرارات انقلابية بتجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، وإعلان توليه بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
وبدورها، أكدت جماعة الإخوان المسلمين، أن احترام المسار الديمقراطي، والحفاظ على مكتسبات الشعب التونسي واختياراته الحرة هي أولى الأولويات، وأن على كافة المكونات والأطياف السياسية التونسية أن تجتمع على كلمة سواء؛ لإنقاذ مستقبل تونس واستقلال إرادتها، من أن تلحق بمصائر مشابهة لما حدث في دول أخرى.
وناشدت الشعب التونسي بكافة قواه السياسية والمجتمعية، بمن فيهم الرئيس والبرلمان والحكومة، إلى التداعي إلى حوار جاد؛ قطعاً للطريق المؤدية إلى تدهور الأحداث وانزلاق البلاد إلى ما لا تحمد عقباه من مزالق العنف والتخريب والدماء، التي لا يرضاها أي مخلص لتونس.