شدوى الصلاح
قال الباحث التونسي الأمين بوعزيزي، إن التصريح الحصري الذي أعطاه الرئيس التونسي قيس بن سعيد، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأنه سيعلن قريباً عن خارطة الطريق للفترة المقبلة قبل أن يفصح لشعبه بذلك، يكشف حجم الهيمنة الفرنسية على تونس قراراً ومواردً.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن هذا أمر كان مسكوت عنه طيلة عقود بروباغندا حكام الدولة ما بعد الاستعمارية في تونس، مشيراً إلى ان هذا الوضع كشفته الثورة وحولته إلى قضية رأي عام واسع.
وأكد بوعزيزي، أن هذا التصريح يختبر مدى استقلالية قرار الرئيس التونسي عن المحور المعادي للثورات الديموقراطية في بلاد العرب، معتبراً عبارة “خارطة طريق” كاشفة عن خيوط هندسة ما جرى في تونس هذه الأيام ومن يقف وراءه أو يتقاطع معه بقوة ويدعمه.
وأشار إلى أن الرئيس التونسي يعتنق أطروحة شعبوية ساذجة سياسياً مشتقة من جماهيرية القذافي، تجرد الجماهير من حق التنظيم المستقل عن السلطة (في أحزاب وجمعيات وروابط تمكنها من المقاومة المواطنية) ويربطها مباشرة بحاكم بأمره لا يطرب إلا لهتاف المناشدين.
ورأى الباحث التونسي، أن الانقلاب الواقع في بلاده “انتكاسة مؤقتة للديموقراطية الوليدة في تونس”، هلل لها كل أعداء حق العرب في الخروج من نفق الاستبداد، متوقعاً ألا تطول الانتكاسة لغياب مقومات عسكرة الفضاء العام في تونس.
وتابع: “ستنجلي التخميرة الشعبية العارمة غضباً من فشل نخبة ما بعد الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، في تركيز نموذج تنموي يخرج ضحايا السوق من جحيم عقود خوصصة مرافق العيش”.
وأكد أن الانقلاب بدوره جعجعة شعبوية تكتفي ببيع الأوهام إذ نراها تتنمر على مربعات الحرية وتتلطف بلصوص الثروة (رأسمالية الحبايب) وتكتفي بوعظهم أخلاقياً للترفق بالغلابة، مختتماً بالقول: “قريباً سنراهم مجدداً في الشوارع بعد انجلاء غبار الخديعة الشعبوية”.
يشار إلى أن الرئيس التونسي أبلغ نظيره الفرنسي خلال اتصال هاتفياً أعلنت عنه الرئاسة الفرنسية “الإليزيه” أمس السبت 7 أغسطس/آب 2021، أنه سيعرض قريبا خارطة الطريق الخاصة به للفترة المقبلة، وسيواصل إعطاء أهمية للشرعية الشعبية.
وأفاد الإليزيه، بأن الرئيس الفرنسي أكد أن بلاده تقف إلى جانب تونس والشعب التونسي في هذه اللحظة الحاسمة من أجل سيادتها وحريتها -بحسب البيان-.
وفي 25 يوليو/تموز 2021، أقال الرئيس التونسي رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتولي السلطة التنفيذية، وترؤس النيابة العامة، وكذلك تجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، في خطوة اعتبرتها أحزاب سياسية ومراقبون “انقلاباً دستورياً”.
بينما يزعم الرئيس التونسي أنها تدابير استثنائية تستند إلى الفصل الـ80 من الدستور التي تنص على أن “لرئيس الجمهورية في حال الخطر الداهم الذي يهدد كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، ويتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية”.