بعد ثلاث سنوات من جريمة اغتيال جمال خاشقجي، أعاد موالون للنظام تقديم مستشار الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني المتهم بتوجيه الجريمة، بهدوء كشخصية وطنية خدمت بلاده بشكل جيد.
ونشرت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعم النظام في الأشهر الأخيرة تحية لسعود القحطاني، كبير مساعدي ولي العهد والزعيم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان، في خطوة يُنظر إليها على أنها إيذانا بعودته التدريجية إلى الساحة.
واختفى القحطاني عن الأنظار في أعقاب جريمة القتل المروعة في اسطنبول التي صدمت العالم وكادت أن تطيح برئيسه عن العرش.
كما شوهد الصديق المقرب من بن سلمان في الديوان الملكي، حيث اتهم بالتخطيط لواحدة من أكثر عمليات الاغتيال وحشية في التاريخ الحديث داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، والتي تم رصدها بالتفصيل على أجهزة تنصت زرعها الأتراك.
وقال مسؤول شاهد القحطاني، وفق صحيفة “الغارديان”: “يبدو متوتراً للغاية، ومذعورًا تقريبًا. لا يزال يحاول الابتعاد عن الأنظار”.
وتأتي الروايات عن عودة القحطاني للظهور في الوقت الذي يتولى فيه صندوق الثروة السيادي السعودي السيطرة الرسمية على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم بعد الانتهاء من صفقة استحواذ مثيرة للجدل عارضتها بشدة جماعات حقوق الإنسان.
وصفقة الـ300 مليون جنيه استرليني هي أول عملية استحواذ كبيرة للبلاد على فريق أجنبي وأكبر غزوة حتى الآن في الرياضات العالمية.
وكان مكان وجود القحطاني موضع تكهنات مكثفة منذ اختفائه عن الأنظار في أواخر عام 2018، وتعتقد كل من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات البريطاني أنه كان الشخصية المركزية في المؤامرة التي شهدت مقتل خاشقجي.
ويبدو أن مشاهدته المبلغ عنها والإشارات المتزايدة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعم بن سلمان تشير إلى أن المسؤولين يشعرون بالأمان الكافي للمخاطرة بإعادة إدماجه في قلب الحكومة، وهي خطوة يكاد يكون من المؤكد أن تعارضها الولايات المتحدة، والتي اتخذت قرارًا متجددًا يقضي بالاهتمام بوفاة خاشقجي بعد تنصيب جو بايدن رئيسًا.
وبدأت سلسلة من المنشورات المؤيدة للقحطاني على وسائل التواصل الاجتماعي بالظهور في مايو من هذا العام من حسابات تدعم الحكومة السعودية.
وازداد تواتر هذه المنشورات في يوليو / تموز وأغسطس / آب واستمرت منذ ذلك الحين.
ويثني الجميع على القحطاني باعتباره “بطلًا” و”وطنيًا” و”قائدًا”، وتضمنت العديد من المنشورات صورًا للتحية، بينما عرض آخرون مقاطع فيديو تظهره مع الأمير محمد.
ويمكن اكتشاف أن الحملة منسقة، ولاسيما لمثل هذه الشخصية في بيئة وسائل الإعلام في السعودية التي تتعرض لرقابة مشددة، ولن يكون ممكنًا القيام بذلك من دون تفويض من كبار القادة.
وقال مسؤول خليجي كبير “ما من شك في عودة القحطاني. السؤال هو، هل غادر حقًا؟”
في حين أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت القيادة السعودية تخطط لإعادة تنصيب القحطاني علنًا كمساعد، فإن عودة ظهوره ستثير تساؤلات من إدارة بايدن، التي همشت بن سلمان واتهمته بإيواء القتلة الرئيسيين لخاشقجي، بما في ذلك القحطاني، الذي وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه زعيم عصابة.
وفي عام 2019 برأت محكمة سعودية القحطاني من أي تهم تتعلق بالاغتيال، وحُكم على خمسة أعضاء آخرين في فرقة الاغتيال بالإعدام، وحُكم على أربعة آخرين بالسجن لمدة 24 عامًا.
ومع ذلك، وصف مسؤولون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا منذ ذلك الحين الأحكام بأنها استهزاء، ووصفت رئيسة منظمة العفو الدولية، أغنيس كالامارد، الأحكام بأنها “نقيض للعدالة”.
وكان سعود القحطاني شخصية محورية في صعود بن سلمان السريع وساعد في ترسيخ سلطته في كل خطوة.
وقام القحطاني بتجميع قدرات الأمن السيبراني والقرصنة في المملكة، ويُزعم أنه كان حاضرًا فعليًا خلال عملية تسليم واحدة على الأقل لمواطن سعودي من أوروبا.
وقيل أيضا إنه كان مشاركًا في كل “حلقات العار للقيادة الجديدة”، بما في ذلك اعتقال كبار رجال الأعمال، وقرصنة الهاتف المحمول لجيف بيزوس، واختراق اثنين من الصحفيين في الجارديان عام2019، كما اتهم باستجواب وتهديد الناشطة السعودية لجين الهذلول عام 2018.