حذر باحثون من أن تسربًا نفطيًا محتملاً من ناقلة نفط متحللة راسية قبالة الساحل اليمني يمكن أن يعطل إمدادات الغذاء والمياه لملايين الأشخاص في الدولة التي مزقتها الحرب، ويسبب كارثة بيئية وصحية عامة يمكن الشعور بها في جميع أنحاء المنطقة.
وقال باحثون من جامعة ستانفورد وجامعة هارفارد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Nature Sustainability، إن تسربًا نفطيًا ناجمًا عن ناقلة “صافر” سيؤثر على إمدادات المياه النظيفة لتسعة ملايين شخص، ويعطل الإمدادات الغذائية لـ5 إلى 8 ملايين شخص.
وقالت الدراسة: “من المتوقع أن تكون تأثيرات تسرب النفط من ناقلة النفط صافر كارثية على الصحة العامة، خاصة بالنسبة لليمن”.
ودعا الباحثون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل إخراج النفط من الناقلة، مضيفين أن “الآثار الكارثية المحتملة تظل قابلة للوقاية بالكامل”.
ويدخل نحو 70 في المائة من المساعدات الإنسانية لليمن عبر مينائي الحديدة والصليف، القريبين من منطقة صافر المنكوبة، ويعتمد أكثر من نصف سكان اليمن على المساعدات الإنسانية.
وقال بنجامين هوين، أحد مؤلفي الورقة والباحث في جامعة ستانفورد، إن التأثير الإنساني المتوقع للتسرب مذهل”.
وبُنيت “صافر” عام 1976، ورست على بعد 60 كيلومترًا شمال مدينة الحديدة الساحلية اليمنية منذ عام 1988، وتعمل كمحطة لاستقبال النفط الخام اليمني وتحميله على السفن.
ولم يتم استخدامها منذ سيطرة الحوثيين على الحديدة في عام 2015، لكن يُقدر أنها تحتوي على 1.1 مليون برميل من النفط.
وبسبب قدمها، وقلة الصيانة، وانهيار النفط الخام بداخلها، أدى إلى زيادة خطر حدوث انفجار كيميائي.
وتبلغ كمية النفط في الناقلة أربعة أضعاف كمية النفط المتسرب في أكثر بقعة نفطية ضارة بالبيئة في العالم، وهي كارثة إكسون فالديز عام 1989.
وكان تسرب غرفة المحرك في مايو 2020 بمثابة دعوة للاستيقاظ، حيث قالت الأمم المتحدة إن إصلاحًا مؤقتًا نجح في احتواء التسرب، ومع ذلك، من غير المرجح أن يستمر الإصلاح لفترة طويلة وقد يحدث انسكاب في أي وقت.
وقال هوين “الخبراء المطلعون على الوضع يقولون إن التسرب حتمي في النهاية في حالة عدم التدخل، لكن لا أحد يعرف متى سيحدث التسرب”.
وأضاف “يجب تفريغ النفط من السفينة. أفضل سيناريو هو وقف الصراع المستمر والحصار، والسماح للمفاوضات حولها بالمزيد من السلاسة، وإذا تعذر ذلك، إيجاد طريقة أخرى لتفريغ النفط أو يكون إصلاح السفينة أولوية قصوى”.
وتعد منطقة البحر الأحمر التي ستتأثر بانسكاب النفط من الناقلة موطنًا للعديد من الموانئ اليمنية، فضلاً عن العديد من محطات تحلية المياه ومصايد الأسماك التي توفر دخلاً لملايين اليمنيين.
وبالإضافة إلى الأضرار الساحلية، أشار الباحثون إلى أن هناك احتمالية لتلوث الهواء للوصول إلى المناطق الوسطى والشمالية من اليمن، مما يزيد عدد حالات العلاج في المستشفيات من أمراض القلب والأوعية الدموية إلى أي مكان من 5.8 إلى 42 في المائة.
كما أنه سيعطل الإمدادات في بلد يستورد ما يقرب من كل طعامه ونفطه.
وقال هوين: “مع فقدان ما يقرب من 10 ملايين فرصة الحصول على المياه النظيفة وفقد سبعة ملايين إمكانية الوصول إلى الإمدادات الغذائية، نتوقع حدوث وفيات جماعية يمكن الوقاية منها من خلال الجوع والجفاف والأمراض المنقولة عن طريق المياه”.
وأضاف “ومما يزيد من تعقيد ذلك النقص المتوقع في الوقود والإمدادات الطبية، مما قد يؤدي إلى إغلاق المستشفيات على نطاق واسع، وأخيرًا، نتوقع أن يؤدي تلوث الهواء إلى زيادة كبيرة في مخاطر دخول المستشفى نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية والرئة”.
وفي يونيو / حزيران، اتهم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جماعة الحوثي بتأخير تقييم فني للناقلة.
وكشفت وثائق داخلية حصلت عليها وكالة أسوشيتيد برس، أن مياه البحر دخلت مقصورة محرك الناقلة في يونيو 2020، مما تسبب في تلف خطوط الأنابيب وزيادة خطر الغرق.
وقالت الوكالة نقلاً عن خبراء إن الصيانة لم تعد ممكنة لأن الأضرار التي لحقت بالسفينة لا رجعة فيها.
لكن الحوثيين ألقوا باللوم على الأمم المتحدة في انهيار المحادثات المحيطة بناقلة النفط “صافر” وزعموا أن الهيئة الدولية استبعدت معظم الصيانة المتفق عليها بسبب نقص التمويل.