قال تقرير إن معهد “بروكينغز” وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، عمل سراً مع مؤسسة سعودية مؤثرة قريبة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمساعدة الرياض على صياغة سياسة عامة مُثلى في خضم الأزمة حول القتل الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وخلال أزمة الصحفي خاشقجي، التي فرضت ضغوطًا عالمية هائلة على ولي العهد السعودي، تبنت “بروكينغز” موقف بن سلمان المتهم بالإيعاز بمقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول قبل 4 سنوات.
وفي العلن، كتب أحد كبار الزملاء في معهد بروكينغز: “بقتل خاشقجي، انتهكت الحكومة السعودية معيارًا دبلوماسيًا قديمًا: “ألا تلاحق الحكومات منتقديها على أرض أجنبية”، مشددًا على أن الولايات المتحدة يجب ألا تتوقف عند فرض عقوبات على المملكة العربية السعودية.
ودعا زميل آخر الولايات المتحدة إلى استخدام مبيعاتها الضخمة من الأسلحة للرياض كوسيلة ضغط ضد بن سلمان.
لكن وراء الكواليس، كان معهد “بروكينغز”، بما في ذلك بعض كبار مسؤوليها الصريحين في ذلك الوقت، منهمكين في التعامل مع رجل يتمتع بنفوذ كبير في الديوان الملكي السعودي.
ففي أوائل ديسمبر 2017، تم توقيع مذكرة تفاهم بين معهد بروكينغز ومركز دعم اتخاذ القرار لتعزيز التعاون ومراكز الفكر السعودية، حيث لعب اثنان من كبار المسؤولين المقربين من رئيس مجلس إدارة المركز ياسر الرميان ورئيس شركة بروكينغز يوهان ألين دورًا رئيسيًا في توقيع مذكرة التفاهم، والتي ستستمر لمدة خمس سنوات، مما يعني أنها لا تزال سارية.
وتماشياً مع مذكرة التفاهم، صاغت مؤسسة بروكينغز اتفاقية مشروع لتحديد مجالات التعاون بين الجانبين. حيث أن الهدف الأساسي من المشروع هو أن تقوم مؤسسة بروكينغز بتقييم قطاع المؤسسات البحثية السعودية وتقييم نقاط القوة والضعف والجدوى للمراكز البحثية السعودية. كما هدفت إلى تقييم السبل التي يمكن للسعوديين من خلالها تحقيق تأثير أكبر.
وفي الواقع، كان المشروع محاولة من شركة بروكينغز لتقديم خدماتها إلى الديوان الملكي السعودي.
فقد أقنع المشروع السعوديين بدفع مبلغ ضخم قدره 700 ألف دولار أمريكي لإتمام عقد مع بروكينغز. وبموجب العقد، تعهدت المؤسسة بتقييم ما إذا كانت مؤسسات الفكر والرأي السعودية تعالج أهم القضايا وتغذي النقاش السياسي، من بين قضايا أخرى.
ووقع العقد ياسر الرميان ورئيس معهد بروكينغز ، حيث وقع الرميان العقد في منتصف ديسمبر 2017 بينما وقعه مدير المؤسسة منتصف فبراير 2018.
وتذمر بعض خبراء معهد بروكينغز من أن إدارة ترامب حاولت في الواقع التعاقد من الباطن على سياسة في المنطقة مع المملكة العربية السعودية، لكن بن سلمان بدلًا من ذلك تسبب في صداع لواشنطن. فقد ظل معهد بروكينغز وخبراؤه ينتقدون بن سلمان. لكن في الآونة الأخيرة، دعا ألين إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه المملكة، سيما حربها في اليمن.
لكن الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة “طهران تايمز” تظهر أن ألن وقع العقد مع الرميان. ووفقًا للوثائق، التي سربها أشخاص مقربون من الرميان، تلقى العديد من خبراء وموظفي معهد بروكينغز عشرات الآلاف من الدولارات بموجب العقد. فقد تلقى أحد مسؤولي بروكينغز أكثر من 50،000 دولار من المملكة.
كما حصل هادي عمرو، زميل أول غير مقيم في مركز سياسات الشرق الأوسط في بروكينغز، على نصيب الأسد من العقد السعودي، بواقع 110 آلاف دولار.
كما سلم العقد خالد الجندي، الزميل الأول غير المقيم في مركز سياسة الشرق الأوسط في بروكينغز، وشارلوت بالدوين، المديرة الإدارية في بروكينغز، أكثر من 35 ألف دولار و10 آلاف دولار على التوالي.
واستخدم موظفو معهد بروكينغز رحلات “درجة رجال الأعمال” مدفوعة الأجر من واشنطن إلى الرياض والعكس كذلك. وربما قاموا بتغريد عبارات التعاطف مع خاشقجي خلال هذه الرحلات.