شدوى الصلاح
يواصل النظام السعودي تحريك إعلامه وكتابه ومن يدورون في فلكه لتأجيج الشعب ضد المعارضة السعودية بالخارج ومناصريهم وإيهام الداخل السعودي بأنهم مدفوعين من جهات خارجية، وتكريس روايات مغلوطة وكاذبة لإضعاف مصداقيتهم.
برزت أكاذيب الإعلام السعودي في مقال نشرته منصة الشرق الأوسط التابعة للنظام، للكاتب والصحفي مشاري الذايدي، أمس الأول الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الأول 2021، تحت عنوان “نائبان من بريطانيا… ثمن بخس (جنيهات معدودة)”، زعم خلاله أن نائبان بريطانيان تقاضيان ثمناً بخساً مقابل هجائهما ضد السعودية.
وادعى الكاتب المحسوب على النظام، أن النائبة عن حزب الديمقراطيين الأحرار (ليلى موران) والنائب عن المحافظين (كريسبين بلانت)، تلقيا مالاً من جهة محددة لاستخدام مكاتبهما في البرلمان للمشاركة في جلسة نقاش حول السجناء في السعودية، على رغم أن قواعد مجلس العموم تنص على عدم استخدام النواب المرافق البرلمانية في عمل غير برلماني.
وطرح تساؤلات تحمل صيغ إقرارية تجبر القارئ أن يجيب بلسان الكاتب، منها: ” كيف وصل العمل المنظّم لشيطنة السعودية في الساحات الغربية لهذا المستوى؟ وهل «كل» من يتمّ تقديمهم في الخارج من السعوديين، بوصفهم حركة معارضة نقية عفوية تتحرك بدوافع ذاتية، هم حقاً كذلك؟ أم مجرد مخالب صغيرة تحركها كفوف كبيرة ودببة مختبئة في أدغال الغابة؟”.
الكاتب السعودي برر ضمنياً تجاهل الرئيس الأميركي جو بايدن، لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منذ وصوله للسلطة وهجومه على النظام السعودي ورفضه للأوضاع الحقوقية، ومطالبته بإطلاق سراح المعتقلة علياء الهذلول فور وصوله للسلطة، بأنها نتيجة لهذا العمل الممنهج من المعارضة بالخارج.
الحقيقة كاملة، كشفها الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري، الرئيس السابق لمنظمة القسط لحقوق الإنسان بالسعودية التي تتخذ من لندن مقراً لها، موضحاً أكاذيب داعمي الاستبداد، وتزويرهم للحقائق والادعاء بأن النائبان تلقوا أموالا لمهاجمة السعودية.
وقال في سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر أمس السبت 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن هناك نائبين بريطانيين شاركا في عمل يدعم حقوق الإنسان، وبعض المشاركات دُفع لها مقابل من قبل مكتب محاماة تم توكيله للدفاع في بعض القضايا.
وأشار عسيري، إلى أنهما شاركا في بعض الأعمال التي شاركت فيها منظمات مثل القسط، والديمقراطية الآن للعالم العربي، ومنا لحقوق الإنسان، وشخصيات مثل الناشطة الحقوقية علياء الهذلول وغيرهم.
ولفت إلى وقوع ما وصف بأنه خطأ من النائبين بأنهما شاركا عبر زووم من مكاتبهما الرسمية في عمل يوجد به مقابل مادي، مضيفاً: “هذا هو ما يتم الحديث عنه هنا، ليس الحديث عن المبلغ ولكن الحديث أن المكاتب الرسمية استخدمت في عمل آخر!”.
واستنكر عسيري، الطريقة التي تناول بها الإعلام السعودي ذلك ومعه من يدعمون الاستبداد ويعشقون القمع، بالحديث عن أن بريطانيا تتهم النائبان بتقاضي أموال مشبوهة، داعيا للإطلاع على الصحف البريطانية وقراءة ما ورد فيها ومقارنتها بما يذكره الإعلام السعودي لإدراك حجم التزوير.
وندد بزعم الإعلام السعودي أن كل هذا لـ”الهجوم على السعودية”، مستهجنا عدم استطاعتهم القول إن هذا العمل للدفاع عن ضحايا سجون وظلم وقمع وتعذيب، وعدم مناقشتهم ما دار في الجلسات، والرد عليه، والاعتراف بأن كان ما قيل صحيح.
وتساءل عسيري: “من الذي يجب أن يخجل من فعله، من دافع عن ضحية أم من سجنه وعذبه وتحرش، ومن يقف معه؟ كيف أصبح المجرم وإعلامه وعبيده وخدمه يُعيرون من يدافع عن الضحية والشعب بحجة أنه قبض أموال بهدف التشويه، بينما القصة كانت حول استخدام المكاتب”.
وأضاف: “عندما يطير أرباب القمع بخبر كهذا ويكذبون ويؤلفون فهم يحاولون أن يستروا بها عارهم وعار سادتهم سادة التعذيب”، مؤكدا أن استغلال القصة والكذب فيها وتحويرها وكثرة الدندنة عليها توضح حجم المأزق الذي يمر به المستبد وعبيده الذين يفشلون في كل مرة في تغطية سوأته، والرد على جرائمهم!”.
وتابع عسيري: “جريمة يقولون “أغلقناها وانتهت”! وأخرى “تنازل أهل الدم”! وأخرى يُكذبونها وينكرونها، وغيرها يبررونها وهلم جرا!”، داعيا لمراجعة الأعمال التي تُقدم حول الحالة الحقوقية لمعرفة من يشوه “سمعة المملكة”، المنتهك المستبد أم من يقاوم فعله ويسعى للحد منه.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، اعترف النائبان باستخدام مكاتب مجلس العموم في اجتماع غير برلماني مدفوع الأجر “جلسة مناقشة حول السجناء السياسيين عقدت عن بعد من مكاتبهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إبان سريان قيود كورونا”، وقدم النائبان اعتذارا رسميا عن ذلك وتعهدا بأنه لن يحدث مرة أخرى.
يشار إلى أن مشاري الذايدي، ليست هذه المرة الأولى له التي يتبنى فيها الأكاذيب في عموده بصحيفة الشرق الأوسط، فقد خصص مقالاته للهجوم على جماعة الإخوان المسلمين بدون أدلة أو قرائن، ومحاربة فكر الصحوة والهجوم على الإصلاحيين ودعاة الإصلاح.
ويتبنى الذايدي، التوجهات الرسمية للحكومة أيا كانت فوقت الأزمة الخليجية وحصار قطر، كان يخصص مقاله للهجوم على قطر، وفي ظل جمود العلاقات مع تركيا كان له مقالا يهاجم فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.