ستكون أكبر مهمة يواجهها ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح بعد أن تدخل بشكل غير متوقع هذا الشهر هي معالجة الخلاف السياسي الدائم الذي أعاق منذ فترة طويلة الإصلاح المالي الذي تشتد الحاجة إليه.
وكان الشيخ مشعل الأحمد الصباح في السابق شخصية غير بارزة تجنبت السياسة العامة، ولم يُعرف الكثير عنه، والذي كان رئيسًا للأمن ثم نائبًا للحرس الوطني قبل أن يعيّنه أخيه غير الشقيق وليًا للعهد في 2020.
وفي 15 نوفمبر، تم نقله إلى دائرة الضوء أكثر عندما سلمه الأمير المسنّ مؤقتًا معظم مهامه حيث تركز الكويت على التعافي من تباطؤ فيروس كورونا، على الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط خفف الضغط على المالية.
وقبل التسليم، اتخذ الأمير خطوات تصالحية لنزع فتيل المواجهة بين الحكومة مجلس الأمة الكويتي المنتخب والتي شلّت العمل التشريعي بجلسة عادية واحدة فقط هذا العام للموافقة على ميزانية الدولة.
وقالت “كورتني فرير” الزميلة في جامعة إيموري في “أتلانتا” إن “الكويت بحاجة إلى معالجة وضعها المالي. وأعتقد أن التركيز سيكون حقاً على تنظيم الداخل مالياً”.
وقالت إن هذا قد يكون صعبًا نظرًا لأن الشيخ مشعل لم يشغل منصبًا وزاريًا، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء الذي يتعامل مع أكثر الهيئات التشريعية حيوية في الخليج وأكثرها قوة.
وسعت الحكومة الكويتية إلى اتخاذ تدابير ملطفة لتعزيز الموارد المالية بشكل مؤقت، بينما لا تزال المزيد من الإصلاحات الهيكلية والمالية في طريق مسدود، بما في ذلك قانون الديون للاستفادة من الأسواق الدولية.
كما قاومت البرلمانات المتعاقبة الجهود الرامية إلى فرض ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، وإصلاح نظام الرفاهية للكويتيين، الذين يمثلون أقل من ثلث سكان الدولة البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة.
وأعاد ولي العهد الأسبوع الماضي تعيين رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، وهي الثالثة هذا العام في ظل المواجهة التي أراد فيها أعضاء البرلمان استجواب رئيس الوزراء في قضايا مختلفة. كما التقى الشيخ مشعل نواب المعارضة.
وقال المحلل السياسي الكويتي داهم القحطاني “الأمير وولي العهد يعتبران أن الشيخ صباح الأنسب والأقوى للتعامل مع البرلمان في المرحلة الحالية”.
ويقول محللون إن جهود التسوية من المتوقع أن تنهي الشلل التشريعي وتستفيد بشكل أكبر من المعارضة المنقسمة، التي أراد البعض استجواب الشيخ صباح بشأن قضايا مختلفة، بما في ذلك الفساد المزعوم.
وقال المحلل السياسي الكويتي غانم النجار إن “المعارضة لديها انقسامات خطيرة وسيكون من الصعب عليها الاستمرار في الوحدة”.
وقال القحطاني إن الحكومة الجديدة قد تشهد أيضًا أن يصبح أكثر من نائب واحد – كما كانت العادة – وزيرًا، مضيفا أنهم سيكونون من بين المشرعين الموالين للحكومة.
ومن المتوقع أن تكون للأمور الداخلية الأسبقية على السياسة الخارجية في وقت يسود فيه التوتر بين الجارتين الأكبر والأقوى للكويت السعودية وإيران، اللتان تخوضان عدة حروب بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة.
ويقول بعض الخبراء الكويتيين إن ولي العهد قريب من السعودية وقد يتحرك لمزيد من المواءمة بين الكويت والرياض، حيث كانت مكالماته الأولى بعد توليه مهام أخيه مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال عبد العزيز العنزي، مؤسس شركة أبحاث الاستطلاع ومقرها الكويت، إن الشيخ مشعل قد يسعى إلى تعاون أوثق مع المملكة في الأمور الأمنية والاقتصادية.
وقال دبلوماسي غربي إن الكويت بعثت “بعلامة قوية” على دعمها للسعودية عندما حذت الرياض الشهر الماضي في طرد المبعوث اللبناني الكبير واستدعاء مندوبها في خلاف مع لبنان بشأن القوة المتنامية لحزب الله المدعوم من إيران.
ومع ذلك، وفقًا لدبلوماسيين ومحللين، من المتوقع أن يحافظ الشيخ مشعل على السياسة الخارجية المتوازنة التي شكلها الأمير الراحل الشيخ صباح والتي ساعدت على توجيه الكويت خلال الاضطرابات الإقليمية ومن أنقاض غزو العراق عام 1990.
وقالوا إنه لا الأمير الحالي ولا ولي العهد يتمتعان بالذكاء الدبلوماسي للشيخ صباح، الذي أدار السياسة الخارجية للكويت لأكثر من 50 عامًا.
وقال النجار “القدرة على إحداث تغيير كبير في السياسة الخارجية ليست موجودة ولا داعي لها في الوقت الحالي”، مشيرًا إلى أن الرياض وأبوظبي تتعاملان مع طهران.