شدوى الصلاح
استنكر الأكاديمي والباحث التونسي الدكتور نبيل المصعبية، اتهام الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال لقاءه الجمعة 26 نوفمبر/تشرين الثاني، بوزير الداخلية أطرافا لم يسمها بالترتيب للاغتيال والسطو على الدولة، خاصة أنها دائم التلميح لذلك دون اتخاذ إجراء رسمي.
وقال في حديثه مع الرأي الآخر: “لا يخفى على أحد أن جميع التهم المبنية للمجهول التي ألقاها سعيد جزافا لم يجر فيها أي تتبع عدلي معلن ولم نر لها أي تبعات قضائية تذكر، سواء المتعلقة بملفات فساد ذات الأرقام الفلكية أو المتعلقة بمحاولات اغتياله والإطاحة به”.
وأضاف المصعبية: “مع سعيد مطالب كرجل دولة من الناحية الأخلاقية والمهنية بأن يحيّن الشعب بتبعات تصريحاته ومآلات اتهاماته، غير أنه من الناحية البراغماتية البحتة لا يحتاج لذلك”.
وأشار إلى أن بناء وهم المشروعية الشعبية يحتاج فقط إلى زخات إعلامية وبروباجاندا ناشطة تدغدغ مشاعر محبّيه على طريقة جماعة “اليوتوبر” الذين يحصدون المتابعين و الإعجابات من الـ”فان” بمجرد افتراء قصة وهمية حول تعرضهم لتهديد ما.
وتابع المصعبية: “إذا كانت ذاكرة الشعوب قصيرة بطبعها مما يسهل عملية التحايل عليها فإن النخبة منوط بعهدتها وطنيا ومهنيا ألا تترك دعاية أو تصريح أو تهمة يكون مصدرها أعلى هرم الدولة إلا وانكبت على تناولها بالدرس والاستقصاء وممارسة الحق في طلب النفاذ إلى المعلومة”.
وأوضح أنه يعني بالنخبة الحقوقيين والصحفيين والخبراء ونشطاء المجتمع المدني، وحثهم على مطالبة رئاسة الجمهورية بالتحيين والإفادة ثم تليها المطالبة بالتتبعات العدلية ضد الجناة أو بالاعتذار العلني والتعويض إن استوجب الأمر إذا تم دحض التهم.
ولفت الأكاديمي التونسي، إلى أن النخبة في تونس لم تقصر في أداء مهمتها تلك أثناء عشرية الحرية والديمقراطية ونجحت في لعب دور فعال في تكريس الشفافية والمحاسبة و الرقابة، غير أنه بمجرد حلول الانقلاب تراجعت النخب غير الحزبية بشكل ملحوظ.
وبين أن هذا التراجع برز في أداء دورها الرقابي تجاه السلطة التنفيذية في الوقت الذي كان من المفروض أن تتكفل فيه النخبة بسد الفراغ الرقابي الذي تركه تجميد صلاحيات البرلمان، محذرا من أن المضاربة الشعبوية مدمرة ما دامت لا تكلف الجهة الممارسة لها شيئا.
واستطرد المصعبية: “لكن إذا كانت متبوعة بثمن يدفعه صاحب الخطاب الشعبوي فلا شك أن مخاطرها على الوطن ستتلاشى، وهنا يكمن الدور الوطني للنخبة عموما و لنشطاء المجتمع المدني تحديدا في انتظار عودة البرلمان أو المضي في انتخابات رئاسية وبرلمانية تحق الحق وتبطل الباطل”.