استعرض الكاتب الإيرلندي “توماس بروغان” تجارب الحياة المتناقضة في دبي، مجادلاً بأن المؤثرين يرسمون صورة غير واقعية عن المدينة.
وأشار الكاتب في مقالته على صحيفة جامعية تتبع جامع “برمنغهام” أنه في عالم اليوم حيث يبدو أن الناتج المحلي الإجمالي هو مؤشر رئيسي لتقدم الدولة الحديثة، قد تعتقد أن هذا يدل على أن دبي مدينة ناجحة.
ويقول الكاتب: “قد تعرف دبي على أنها موطنٌ لأطول ناطحة سحاب في العالم، -برج خليفة، وقد تعرفها على أنها موطن جميل وعصري للأثرياء، لكن الحقيقة القبيحة تحت هذا السراب المنسّق بدقة من العلاقات العامة والدعاية الخارجية تبدو مزعجة حقًا؛ “إنها موطن للعبودية الحديثة وانتهاكات حقوق الإنسان وعدم المساواة المقيتة في الثروة”.
ووفق “بروغان”: فقد سلطت العناوين الرئيسية الأخيرة الضوء على بعض الزوايا المظلمة للإمارة، وبالتحديد، معاملتها الصارمة بشكل لا يصدق للمواطن البريطاني البالغ من العمر 24 عامًا والذي يواجه الآن 25 عامًا في السجن لحيازته سائل تدخين وُجد في سيارته (يدعي أنه ليس لديه أي دليل على أن الوثيقة التي وقعها، والمكتوبة باللغة العربية، كانت اعتراف بالجريمة).
ويقول المعتقل البريطاني الذي احتُجز في زنزانة انفرادية لمدة أسبوعين إنه حُرم من الأدوات الصحية، حيث أثارت هذه المعاملة الغضب في الصحافة البريطانية، لكن الحقيقة المحزنة هي أن معظم الذين يعيشون تحت سيطرة هذا النظام الوحشي ليس لديهم مثل هذا الدعم الإعلامي.
ويتساءل الكاتب: “لكن لماذا؟ لأنهم ليسوا مواطنين بيض “مغتربين” في الدول الغربية الغنية؛ وبدلاً من ذلك، فهم عمال مهاجرون من الدول النامية وعلى هذا النحو تعامل النخبة الحاكمة في الإمارات على أنهم دون البشر.
يُذكر أن 90٪ من سكان الإمارات مهاجرون، ومعظمهم في الأصل عمال متواضعون من الدول النامية في جنوب شرق آسيا، وهم منجذبون إلى الوعود بعمل مستقر ورواتب “جيدة”.
ويبدو هذا كصفقة جيدة على الورق ويجعل التضحية بترك العائلات في الأوطان أكثر جاذبية مع إمكانية إرسال أموال أكثر مما يكسبه العمال في وطنه.
ويقول: “تستهدف هذه الوعود الاشخاص الأشد فقرًا، وكثير منهم من المناطق الريفية، لتشجيعهم على الهجرة إلى الإمارات، حيث تجتذب وكالات التوظيف في هذه الدول النامية ضحاياها وتتقاضى عدة آلاف من الدولارات لترتيب تأشيرات العمل والاتصالات والنقل إلى المدينة ورسوم التأشيرات التي يدفعها عمال مثل هؤلاء غير قانونية في دبي، لكن الحكومة تغض الطرف مرارًا وتكرارًا. هذه الرسوم باهظة، مما يجبر العمال على الحصول على قروض للدفع الأولي من الأصدقاء أو العائلة الذين يأملون في دعمهم مستقبلاً، حيث قيل لهم إن بإمكانهم سداد باقي القروض بسهولة عندما يبدؤون العمل في الإمارات.
وبمجرد وصول العمال إلى دبي، تُصادر جوازات سفرهم ويُجبرون على العمل 12-14 ساعة يوميًا، ستة أيام في الأسبوع دون حديثٍ عن الأجور الموعودة البالغة 300 دولار شهريًا.
كما يمتنع صاحب العمل عن دفع رواتب هؤلاء العمال، حيث يتم القيام بهذا الفعل التعسفي فقط لإجبارهم على المغادرة إلى بلدانهم.
ويُعد حجب الأجور حتى لفترة قصيرة شكلاً فعالاً للغاية من أشكال الرقابة لأنه يؤدي إلى تكبد العمال فوائد إضافية وعدم القدرة على شراء الطعام أو الضروريات الأساسية، واستمرار دورة القروض اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
هذه الدائرة الاكتئابية تقيد المهاجرين بوظائفهم وأرباب العمل المستبدين الذين يمكن أن يعاملوهم في وقت لاحق أسوأ وأسوأ في ديناميكية قوة مروعة للعمال الأميين مقابل الشركات المجهولة الهوية في بلد لا ينظر إلى العمال على أنهم مساوون للمواطنين الأغنياء الآخرين.
وكثير منهم يتخلى عنهم أرباب العمل عندما لا يعودون بحاجة إليهم؛ بعد كل شيء يمكنهم دائمًا الرحيل وتجنيد عمال جدد في فندق الخمس نجوم أو ناطحة السحاب مبنية للسياح الغربيين.
وقال الكاتب: “لا يوجد مكان آخر على وجه الأرض يحتوي التباين المثير للاشمئزاز كما في دبي، حيث قصور تصطف جنبًا إلى جنب مع أماكن سكن العمال الفقراء.
حيث يضطر العمال المهجورون إلى محاولة البقاء على قيد الحياة في معسكرات عمل على مشارف دبي، التي تعلن عن نفسها “واحدة من أكثر المدن عالمية في العالم”.
واختتم الكاتب: هذه عبودية حديثة، حيث على بعد كيلومترات من سيارة لامبورغيني مطلية بالذهب وغرف فندقية لليلة واحدة بقيمة 1000 جنيه إسترليني وأكبر مركز تسوق في العالم؛ يظهر التفاوت النقدي المذهل، والانفصال الأخلاقي المقزز، حيث يموت 10 عمال هنود كل يوم في دول الخليج، وهي إحصائية غير مفاجئة بالنظر إلى الظروف الموصوفة، ناهيك عن عدم وجود معايير الصحة والسلامة لمواقع البناء التي يضطر العمال لتحملها.
وقال إن “دول الخليج الأخرى ليست بريئة في هذه المأساة الحديثة، لكنك لن ترى هؤلاء الفقراء في تغريدات “تويتر” من المؤثرين”.